العدد 360 - الأحد 31 أغسطس 2003م الموافق 04 رجب 1424هـ

حيرة المواطن بين إرشادات الطبيب والمستجدات العلمية

هل نأكل المكسرات أم لا؟

عبدالله العباسي comments [at] alwasatnews.com

فهناك متناقضات تبرز بين كل يوم وآخر ولا أحد يرشدنا إلى ما هو الصحيح وما هو الخطأ. 

أنا لا أبرئ وزارة الصحة بأنها مشغولة ولا وقت لديها لتظهر كل يوم لنا هذه التناقضات الكثيرة وخصوصا في مجالات العلاج والأدوية والمأكولات، لكن الجمعيات المتخصصة في رأيي هي المسئولة في أن تنشط أكثر في هذا المجال ويكون دورها مكملا لدور وزارة الصحة بحيث تصدر كتيبا أو نشرات أسبوعية ترشد الناس؛ لإنهاء حيرة المصابين بداء معين. فعلى سبيل المثال لدينا جمعية السكر، ومرضى السكر بالآلاف ولا نجد أي نشاط حقيقي في خدمة هؤلاء إما على شكل محاضرات أو ندوات أو نشرات صحية بل إن المواطن يسمع أن هناك جمعيات مختلفة لمختلف الأمراض والعلل لكنه لا يرى فعالية لها على أرض الواقع، كل ما يجري أنه يتم إما اختيار اسم بارز لرئاستها، علان، ثم تنتهي القضية باجتماع ربما شهري أو أسبوعي فيما بين الإدارة وكان الله غفورا رحيما.

أما الشارع والمصابون بهذا الداء فلا يستفيدان منها شيئا، على سبيل المثال كم من المستجدات تظهر على ساحة علاج المصابين بمرض السكري ونظل نحن الآلاف المؤلفة من المصابين نواصل مسيرتنا عميانيا للقاء طبيبنا لأخذ كميات الأنسلين المذكورة أو حبوب الدايونيل والكولوفيج والدايمكرون من دون أي تغيير. ويظل مستوى سكرنا يرتفع وينزل كما يشاء ولا نجد حلا جذريا لما نعانيه، هذا لأن الجمعية أصبحت مثل مجلة الإذاعة التي يقول معدها في بداية كل حلقة (مجلة الإذاعة تُسْمع ولا تُقرأ).

أذكر على سبيل المثال إنني من محبي أكل المكسرات غير اني كمصاب بالسكر حرمت نفسي منها؛ لأن الأطباء عندنا عندما نسألهم عن مدى خطورتها يحذرون المصاب بالسكري وغير المصاب من أكل هذه المكسرات، ويؤكدون ضرورة الابتعاد عنها، لأنها عدوة للإنسان بسبب أن هذه المكسرات وراء الكولسترول في أجسامنا، وقد آمنا بأطبائنا.

بينما نجد أن أخبارا علمية تظهر من هنا وهناك ومن خلال مجلات علمية باكتشافات جديدة تناقض إرشادات طبيبنا الذي يظل صامتنا من دون أن يقرأ بسبب انشغاله في الصياح بالمستشفى والمساء في عيادته وبأطبائنا في البحرين الذين يصلون بيوتهم حسب ظني إلا وهم نائمون.

ولكي أضرب مثلا على هذه التناقضات الطبية التي تظهر ولا يعرف المواطن هل يواصل إرشادات طبيبه الذي يصل منزله نائما أو ينصاع للأخبار العلمية التي ترد في الصحف والمجلات على أساس أنها جديدة؟

لنقرأ هذا النبأ الذي نشر في ملحق صحيفة الحياة بتاريخ 81 أغسطس/آب الماضي، فتحت عنوان (المكسرات لكسر أمراض القلب) كتبت الصحيفة:

((إذا أردتم المحافظة على قلوبكم ودرء شر الأمراض عنها فما عليكم إلا بتناول حفنة من المكسرات كل يوم، فهذه الأخيرة تفيد القلب وتجعله في أحسن حالاته، هذه هي النصيحة التي نادى بها عدد من العلماء الأميركيين فلاقت صدى عند إدارة الأغذية والأدوية الأميركية التي أعطت الضوء الأخضر لطرح علب تحتوي على أنواع محددة من المكسرات مثل اللوز والفستق والفول السوداني والجوز، رب قائل قد يقول، ولكن هذه المواد غنية بالطاقة؟ وجوابا على ذلك يجيب الخبراء: صحيح أن المكسرات غنية بالسعرات الحرارية لكنها أغذية صحية كونها تعج بالأحماض الدهنية «أوميغا - 3» الخافضة للكوليسترول، إضافة إلى غناها بالمركبات المضادة للأكسدة، وهذه كلها لها أكبر الأثر في حماية الشرايين وإبعاد شبح الإصابة بالأمراض القلبية.

غني عن التعريف بأن المكسرات تحتوي على نسبة جيدة من البروتينات إضافة إلى الفيتامينات (حامض الفوليك، الفيتامين E) والمعادن (كلس، بوتاسيوم، فوسفور، حديد، مغنيزيوم) عدا الألياف التي تسهل سير المجرى المعوي فتحول دون حدوث الإمساك (القبض)، كل هذا يفسر المنافع الصحية الكثيرة للمكسرات الغذائية منها والوقاية، من هنا فلا غرابة أن يطلق عليها البعض بأنها أغذية العمر طويل).

إنه يذكرني بأغنية قديمة للموسيقار الراحل محمد عبدالوهاب إذ تقول كلماتها:

- قلبي بيأُولّي كلام

- وانته بتأُولّي كلام

- احترت أصدق مين

- واحترت أكذب مين

- مين الصادق ومين الكذاب؟

هل يصدق المواطن الطبيب الصامت أم ما يقرؤه في الصحف، بمن يستعين ومن يرشده فهو محتار بسبب تدفق المعلومات الطبية الجديدة، وها هي جمعية السكر صامتة وعلى رأي المصريين (زي قلتها).

أذكر أنني اتصلت مرارا رغبة من للانضمام إليها، ولم أجد من يرد على الهاتف ما يبدو أن المقر صار مهجورا أو قامت الأوقاف الجعفرية أو السنية من هي ضمن ممتلكاتها ربما بتأجيره على غرار تلك الأرض التي مساحتها 042 مترا مربعا مقابل 051 فلسا في الشهر.

لقد آن الأوان أن تلعب هذه الجمعية والجمعيات الأخرى كل في مجاله دورا أكبر في خدمة المواطن، وأن تأخذ الأمور بجدية وأن يكون لها دور فاعل من خلال إصدارات جديدة بحيث يكون لها مختبرها ولها سكرتاريتها الطبية النشطة التي تتابع التغيرات التي تحدث في العالم لتضع الناس في الصورة أولا بأول حتى لو استعانت الجمعية بإشراك الأعضاء في دفع اشتراكات لتوسيع نشاطها وقدراتها، أما أن تهيمن الإدارة على الجمعية من دون فعالية فإن من حق المصابين بهذا المرض اللعين أن يطالبوا بتغيير الإدارة، لأنها تخص حياتهم أما أن يصبحوا مثل «شركة بناء مواقف السيارات» التي احتكرت رسميا حق إقامة المواقف وجمدت عند بناء موقع واحد وهو البناية التي تم بناؤها مقابل المحكمة القديمة وامتنعت بعد ذلك أن تقيم مواقف أخرى مثل الأراضي الواقعة حول الهجرة والجوازات وما يعانيه الإنسان من عذابات يومية بسبب ندرة المواقف وكثرة المترددين.

هناك مئات الأسئلة التي ترد على ذهن المصابين بالسكري ولا يجدون جهة نشطة تجيب عن استفساراتهم منها على سبيل المثال:

- هل بقاء المريض على الأنسلين سنوات طويلة لا يجعل جسده يتشبع به حتى يصبح لا مفعول له؟

- هل ما يكتب على علب وزجاجات البسكويت والمربى وغيرها (من دون سكر) هل فعلا لا خطر على المريض منها مهما اشتهى من أكل هذه الأنواع؟

- هل صحيح أن الخبز الأسمر لا يؤثر في السمنة ولا يزيد السكر؟

- هل فرض المريض على نفسه رجيما قاسيا من أجل إبقاء سكره من دون ارتفاع أليس هناك تناقض بين مطالبت طبيبه بضرورة أكل أطعمة مغذية وبين الرجيم المطلوب من أجل الإبقاء على مستوى السكر في الحدود الدنيا؟

- إلى أي مدى يمكن الاطمئنان على دقة نتائج فحص الدم من خلال الأجهزة الصغيرة التي يستخدمها الإنسان لفحص الدم من الصيدليات أو يحصل عليها من وزارة الصحة نفسها؟

- إلى أين وصل تقدم علاج السكر؟

- هل يفضل أخذ الأنسلين بالكميات التي وصفها الطبيب للمريض أو استخدام أسلوب المستشفيات، بحيث يتم أخذ فحص على مستوى السكر قبل موعد الطعام، وعلى أثره يعطى الكمية التي يحتاجها المريض؟

هناك عشرات الأسئلة التي ترد على ذهن المريض خصوصا العناصر المثقفة منهم، ولكنه لا يجد من يرد على سؤاله ولا يجد من ينهي حيرته.

أتمنى لو أن الجمعية وضعت في اعتبارها فتح مطعم ومقهى لمرضى السكري وجعلهما تابعين للجمعية، بحيث تباع فيه أطعمة شهية لا ضرر على المريض منها ويصبح مثل هذا المطعم ملتقى لمرضى السكر ليتجاذبوا الحديث والمعلومات عن مستجدات علاج هذا المرض وعلاجاته.

إن مثل هذا المقهى أو المطعم سيكون ناجحا تجاريا ومفيدا لرواده؛ لأن زبائنه يبلغ عددهم المئات إن لم نقل الآلاف.

العدد 360 - الأحد 31 أغسطس 2003م الموافق 04 رجب 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً