العدد 362 - الثلثاء 02 سبتمبر 2003م الموافق 06 رجب 1424هـ

شكوى دولية من خرق حقوق الإنسان في العراق

سمير عواد comments [at] alwasatnews.com

في مطلع مايو/ أيار الماضي أعلن الرئيس الأميركي جورج بوش نهاية العمليات العسكرية في العراق وذلك بصورة رسمية. لكن الاستقرار لم يتحقق على أرض العراق حتى اليوم وتوضح العمليات العسكرية التي تجري في عدد من المدن العراقية وتستهدف بصورة خاصة الجنود الأميركيين أن الاستقرار لن يتحقق في هذا البلد العربي في المستقبل المنظور. وزاد الطين بلة عمليات الاغتيال والتفجير التي وقعت في النجف. ويعتقد السيناتور الأميركي ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ ريتشارد لوغار. الذي زار العاصمة الألمانية قبل أيام أن هناك حاجة لبقاء قوات الاحتلال في العراق مدة معتبرة، ربما تصل إلى خمس سنوات أو أكثر. وقال لوغار في تصريحاته إن القوات الأميركية موجودة في ألمانيا منذ نصف قرن بعد نهاية الحرب العالمية الثانية ولا أحد في ألمانيا يشكو من استمرار هذا الوجود. هل في هذا إشارة إلى احتمال بقاء الوجود العسكري الأميركي مدة طويلة في العراق؟ وهل تثبت صحة الظنون أن قوى التحالف أتت إلى العراق كقوى احتلال وليس كقوى تحرير؟.

الواضح أنه كلما زاد أمد الاحتلال كلما زادت أعمال العنف التي تستهدف جنود الاحتلال والوجود الأجنبي الأمر الذي دل عليه الاعتداء الذي استهدف مقر الأمم المتحدة وتسبب بأقوى ضربة للهيئة الدولية منذ تأسيسها في العام 5491. والثابت أن قوى التحالف تحت قيادة الولايات المتحدة الأميركية، برأي كبار المسئولين في أوروبا والعالم العربي، عاجزة عن تحقيق الأمن والاستقرار في العراق وأن ما يجري اليوم من أعمال عنف وتقتيل وتدمير على أرض العراق، تم التنبؤ به قبل اندلاع الحرب. من بين ضحايا حرب العراق، حقوق الإنسان العراقي على رغم أن أحد شعارات الحرب كان الدفاع عن هذه الحقوق وتمكين العراقيين من تقرير مصير بلادهم بأنفسهم وإجراء انتخابات حرة. وتقول بيانات منظمة العفو الدولية أن قوى الاحتلال تعمل في خرق حقوق الإنسان في العراق وداخل السجون يجري ما يدعو إلى القلق حول ممارسات قوات الاحتلال. وتعتمد منظمة العفو الدولية في تقييم بياناتها على أقوال حصلت عليها من معتقلين سابقين، على سبيل المثال منهم من احتجز بعض الوقت في سجن مؤقت داخل مطار بغداد. وقالت خبيرة الشرق الأوسط في منظمة العفو الدولية روت يوتنر: وقام المعتقلون السابقون بعد الإفراج عنهم بتقديم شهادات لممثلي منظمة العفو الدولية في العراق، جاء فيها أنهم حصلوا على معاملة سيئة من قبل السجانين إذ توفر لهم كمية قليلة جدا من الخبز ومياه الشرب ولم يسمح لهم بتسيير أمورهم في دورات المياه كما لم يسمح لهم بالاغتسال وغسل ثيابهم. وأفاد هؤلاء أيضا أنهم أمضوا معظم الوقت من دون سماع اتهامات محددة ضدهم أو إبداء أسباب احتجازهم، وهم مقيدو الأيدي وبعضهم معصوب العينين وقالوا إن النظام السابق في العراق لم يعاملهم مثل هذه المعاملة التي تجاوزت حد التحقير وتجاهل حقوق الإنسان.

ليس لدى منظمة العفو الدولية بيانات مؤكدة حول عدد الأشخاص الذين تحتجزهم القوات العسكرية الأميركية والبريطانية في سجن الاعتقال في بغداد والبصرة ومناطق أخرى. وتعتقد روت يوتنر أن عددهم قد يكون بضعة مئات وربما أكثر بينهم من تتهمهم قوات الاحتلال باستغلال حال الفوضى التي عمت البلاد بعد الحرب وارتكبوا جرائم قتل ونهب وبينهم أيضا مجموعة كبيرة من المعتقلين السياسيين، أي أتباع حزب البعث الذي حظرت قوى التحالف نشاطاته في العراق كما بينهم أعضاء في أجهزة الاستخبارات العراقية. لكن بين الذين اعتقلتهم قوات التحالف مجموعة من الأبرياء وذكرت روت يوتنر حالة تم تسجيلها من قبل منظمة العفو الدولية تتحدث عن معاناة طفل عراقي في الحادي عشر من عمره تم اعتقاله سوية مع عمه لاشتباه الجنود الأميركيين بأنهم تعرضوا لإطلاق النار من سيارة كان يقودها عم الطفل. أمضى هذا الطفل 52 يوما في السجن من دون إبلاغ عائلته بمكان وجوده وتوصلت العائلة إلى معرفة مكان وجوده بعد مضي عشرين يوما على اختفائه وبواسطة امرأة تم إطلاق سراحها وكانت محتجزة في السجن نفسه. ليس من المعتاد أن تبلغ قوات الاحتلال عائلات الموقوفين والمعتقلين بمكان وجودهم والسماح لهم بزيارتهم. ويتنقل أقارب الموقوفين والمعتقلين من سجن إلى آخر طلبا للاستعلام عن مصير ذويهم من دون الحصول على معلومات مفيدة. وقالت روت يوتنر إن العراقيين مروا بتجارب مماثلة في العهد السابق حينما كانوا يخشون عواقب الاستعلام عن مكان أقاربهم الذين أوقفتهم أجهزة الاستخبارات غير أن سلوك قوات الاحتلال لا يساعد كما تؤكد خبيرة الشرق الأوسط في منظمة العفو الدولية بانتشار الأمل بأن يثق العراقيون بالديمقراطية ودولة القانون التي وعدهم بها الرئيس الأميركي بوش حين طلب منهم مساعدته للإطاحة بنظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين. وقالت روت يوتنر إن الموقوفين والمعتقلين لا يعرفون معظم الأحيان سبب احتجازهم ولا يسمح لهم الاستعانة بمحامي في دولة ترزح تحت قانون الاحتلال كما يجري عزلهم عن العالم كليا. واعترف محامون أميركيون يعملون في الدفاع عن المتهمين الذين يمثلون أمام محاكم عسكرية، لمنظمة العفو الدولية بوجود حاجة ماسة لتحسين الأوضاع القانونية للموقوفين والمعتقلين في السجون العراقية. وقالت يوتنر إن الأميركيين لم يتوقعوا هذا التطور ولم يستعدوا له ما أوقعهم في مأزق وأضافت قولها أن قوات الاحتلال لم تكن بأية حال مستعدة بما فيه الكفاية لتحمل تبعات الحرب ومواجهة المواقف التي فرضت نفسها نتيجة لهذه الحرب. وعلى رغم أن الحاكم المدني للعراق بول بريمر استعجل تشكيل مجلس للحكم مؤلفا من 52 من أبرز خصوم النظام السابق، إلا أن هذا المجلس يفتقد إلى السلطة والتأييد الشعبي أيضا. وكلما استمرت الفوضى وعدم توفر نظام قضائي، كلما استمر العمل بشريعة الغاب وما يسمى بعدالة الظل إذ يجري الزج بأتباع ومؤيدي النظام السابق والانتقام من مؤيدي الرئيس السابق وترك الشارع للوردات الحرب. وتحدثت يوتنر عن ظهور تيار إسلامي متشدد في العراق إذ هناك تقارير حصلت عليها «منظمة العفو الدولية» تقول إن الإسلاميين هددوا أصحاب المحلات التجارية بعواقب إذا عرضوا خمورا للبيع كما هددوا النساء إذا نزلن إلى الشوارع من دون غطاء على الرأس وقالت روت يوتنر إن الكثير من العراقيين ينظرون بقلق نحو المستقبل ومنهم من يقول صراحة إن النظام السابق كان أفضل. لكن طريق العودة إلى الوراء أصبح مستحيلا لذلك يفكر العراقيون نحو المستقبل وتعمل مجموعة من الحقوقيين في تأسيس اتحاد للمحامين ووضع أسس نظام قضائي كما تتشكل جمعيات صغيرة للدفاع عن حقوق الإنسان لكن الخطر الذي يواجهه هؤلاء هو عدم أخذ إدارة الاحتلال بمقترحاتهم وانتقاداتهم على محمل الجد. ويبدو أن الأميركيين والبريطانيين يسمعون أصوات العراقيين الذين عاشوا أو درسوا في جامعات أميركية وبريطانية وتلعب اللغة دورا مهما في التفاهم بين العراقيين وقوات الاحتلال وتصر قوات الاحتلال على أن تجري ترجمة كل صغيرة وكبيرة للغة الإنجليزية كي يجري فهمها. كما أن العراقيين الذين عاشوا حياتهم في ظل العهد السابق اعتادوا على الحزب الحاكم السابق أن يدير شئونهم ولم تكتب لهم فرصة تسيير أمورهم بأنفسهم أو الاعتراض على قرار أو قانون والأمر هنا يختلف بالنسبة إلى العراقيين الذين عادوا من الغربة أو المنفى. ويبقى السؤال إلى أين سيأخذ المعتقلون الذين سيحاكمون أمام محاكم عسكرية ومن بينهم رموز النظام السابق؟ في جزيرة كوبا تم توسيع معسكر غوانتنامو ويجري تشييد معسكر الاعتقال (كامب فايف) أي المعسكر الخامس إذ من المنتظر أن يستوعب مئة معتقلا جديدا. ويوجد في غوانتانمو حاليا 066 معتقلا ينتمون إلى 24 دولة بينهم ثلاثة صبية تتراوح أعمارهم بين 31 سنة و51 سنة. وتتهم الولايات المتحدة معتقلي غوانتنامو بالانتماء لمنظمة(القاعدة) أو القتال إلى جانب طالبان في أفغانستان ومن المتوقع أن ينضم لهم معتقلون من العراق. ردا على سؤال إلى متى سيبقى معسكر غوانتنامو قائما أجابت متحدثة عسكرية أميركية: طالما الحرب ضد الإرهاب مستمرة طالما أبواب المعسكر مفتوحة بوجه الذين يهددون أمن الولايات المتحدة.

العدد 362 - الثلثاء 02 سبتمبر 2003م الموافق 06 رجب 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً