العدد 362 - الثلثاء 02 سبتمبر 2003م الموافق 06 رجب 1424هـ

أجدف فوق صليب الوطن!

حسن الصحاف comments [at] alwasatnews.com

النضال من أجل حقوق المواطنة... المجتمع المدني... الأقلام التي تخلق لنفسها نوعا من الأوراق تحتمل انفجاراتها التي لا تهدأ... العقول التي لا تحاصرها أسوار الموروثات البالية العقيمة... وعلى الجانب الآخر تلك الحاملة داخلها حلم المجتمع الغربي وكأنه الحل لجميع المعضلات والقضايا.

ليست تلك المقدمة لموضوع الحقوق المدنية... أو المجتمع الديمقراطي... أو حتى حرية الإبداع... لكن كل ذلك وأشياء أخرى كثيرة جعلت حلما جديدا يداعب أجفاني ليلا وقلبي نهارا... فجر داخلي رغبة المطالبة بحق جديد ضمن تلك الحقوق... بل أظن أنه يأتي ضمنيا داخل نمنمات هذا النوع من النضال، لكن لم تلتفت إليه إلا قلة قليلة جدا لسبب بسيط هو عدم تحقق أي من تلك الحقوق بشكل كامل.

لكني أؤمن بالتحقق التدريجي للحلم... فما من حرية ولدت ناضجة... ما من حب بدأ أبديا راسخا... ما من مجتمع جاءت الألف فيه كاملة الاستقامة!! لذلك فمازالت أصابعي ترتعش وتتلعثم على الأوراق وهي تحاول رصد هذا الحلم وبلورته داخلي... ألم يأت الوقت بعد ليطالب الإنسان بحقوقه كاملة... لا ينقصها شيء؟! ليس على سبيل التناقض أقول ذلك... فمن الجائز أن يكون التحقق تدريجيا لكن ينبغي المطالبة بكل شيء... فما لم نطلبه يوما... لن نحصل عليه أبدا... فهذا الطراز من المطالب لا يعطيه لك أحد على سبيل المكافأة... حتى لو كان مجتمعك، فلا تنتظر يوما أن تجده ضمن الهدايا الموضوعة أسفل شجرة عيد الميلاد المنتظرة أن تفتحها... وتبتسم... ألم يحن الوقت ليطالب كل إنسان بآخر حر... يختلف معه... يتفق معه... يتشارك معه... يثريه... ينتقل معه من أرض لأخرى... من نجاح لآخر... من لحظة يأس للحظة حلم؟ ألم يحن الوقت ليطالب كل إنسان بآخر يكون له المد والجزر؟ الدفء والصقيع؟ هطول المطر ونداوة الفجر؟ ألم يحن الوقت ليحلم الرجل بهذا المجتمع الذي يهيئ له مناخ خلق إمرأة حرة... قادرة على أن تكون له هذا الآخر؟ ألم يحن الوقت ليطالب كل صوت أنثوي... ليس فقط بحقه في شغل منصب في مؤسسة أو شركة أو اعتلاء كرسي في وزارة لكن المطالبة بشغل هذا المنصب في عقل آخر؟ أن تكون قادرة على توقيع عقد الصداقة أو الزواج وهي في كامل قواها العقلية... كاملة الإرادة... مستقلة على جميع المستويات المادية والنفسية والذهنية... لا تدفعها حاجة أو نقص أو رغبة في الاتكال على أحد ولا حتى هربا من هواجسها في إكمال حياتها وحيدة بلا أحد.

ممن نطلب هذا؟ أمام أي نوع من المسئولين نقدمه؟ فخلق هذا المناخ السوي لا يندرج تحت أي بند من بنود الدستور لكنه مكتوب بهذا الخط الباهت جدا في خلفية بعض العقول، فمطلبنا موطنه الصحيح في العقول... كل العقول.

حان الوقت لنشر هذا الحلم بين النسمات فيكون بمثابة المرض الذي ينتشر بلا تفريق بين رجل وإمرأة... فكلما زادت نسبة العقول المصابة بهذا المرض ارتفعت نسبة العدوى، ولن يفلت إلا هؤلاء أصحاب المناعة غير القابلة للإختراق... التي لا تنجح فيها الأحلام الإنسانية الثائرة... هؤلاء أصحاب المناعة الفولاذية الذين لا يتأثرون إلا بأشياء تشبههم في الطبيعة... جامدة وصلبة مثلهم.

هل حان الوقت؟ ليس هناك وقت لإهداره في التساؤل... فلنبدأ الآن... الآن... تلك الكلمة الحاملة لكل سحر الوجود... ليس فقط الآن... لكن فلتبدأ بنفسك... أنت هو هذا الآخر الذي أتركه على وسادتي ليلا ليفاجئني مع أول ضوء يخترق عيني نهارا... أنت هو هذا الآخر.

العدد 362 - الثلثاء 02 سبتمبر 2003م الموافق 06 رجب 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً