العدد 369 - الثلثاء 09 سبتمبر 2003م الموافق 13 رجب 1424هـ

الاتحادات والنقابات أرضية صلبة للديمقراطية

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

بإمكان البحرين أن تطرح أنموذجا متقدما فيما يتعلق بالتنظيمات الاجتماعية والنقابية والاتحادات العامة. وهذا الأنموذج بامكانه - كما تدلل على ذلك تجارب الأمم الأخرى - أن يعوض النواقص والسلبيات في الجوانب الأخرى من الحياة العامة.

فقد اعتاد السياسيون على القول ان الصحافة هي «السلطة الرابعة» التي تخضع لحكم القانون، ولكنها لا تخضع للسلطات الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية.

السلطات الثلاث تمثل «الدولة»، وهي منظمة على أسس متينة تمكنها من إنفاذ سلطاتها لأنها تمتلك ثلاث خدمات تحت تصرفها، وهي الخدمة المدنية والخدمة العسكرية (الجيش) والخدمة السرية (المخابرات).

الديمقراطية تحاول موازنة سلطات «الدولة» بحيث لا تطغى وتتحول إلى دكتاتورية واستبداد. والموازنة تتخذ وسائل عدة، منها فصل السلطات عن بعضها بعضا، إخضاع السلطتين التشريعية والتنفيذية لعمليات انتخابية، وتنفيذ حكم القانون على الجميع من دون تمييز على أي أساس ديني أو طائفي أو اللون أو العرق الخ...

غير أن المجتمع غير المنظم دائما يتجه إما إلى الدكتاتورية وإما إلى الفوضى، لأن انعدام التنظيم يعطل الحياة ويمنع اتخاذ القرار، فلذلك تتحرك الأمور باتجاه العبثية أو سيطرة الأقلية التي تستطيع إسكات الآخرين عن طريق القوة.

ولكن المجتمع المنظم يحمي نفسه من الدكتاتورية ومن الفوضى، ويستطيع أن يؤثر على أجهزة الدولة، ويدفعها باتجاه المزيد من الديمقراطية. وتنظيم شئون المجتمع يختلف عن تنظيم شئون الدولة أو شئون الشركات، فالدولة تخضع أمورها لتنظيم بيروقراطي أو عسكري، أما الشركات فهي خاضعة لمن يملك أسهم رأس مالها. ولكن المجتمع ليس ملكا خاصا، ولذلك فإن تنظيمه يعتمد على العمل التطوعي - الإرادي ويخضع للمحاسبة الشعبية المباشرة.

والعمل الاجتماعي نوعان، نوع يعتمد مفهوم «الحماية» أو «الدفاع» عن فئة معينة مثل النقابات العمالية، ونوع آخر يعتمد مفهوم «الدعاية» و«التبليغ».

النوع الاول يعتمد على التنظيم الموسع القائم على الانتخابات ويتحول في النهاية إلى نقابات واتحادات عامة، وهو يمثل أقوى التنظيمات المجتمعية.

أما النوع الثاني فأقل اعتمادا على الانتخابات. والبحرين تشهد نشوء وتطوير «الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين» الذي سيشهر قريبا بعد اكتمال عناصره، كما تشهد البلاد نشوء الاتحاد النسائي. وهناك دعوات إلى إزالة العقبات أمام إشهار نقابات المهندسين والأطباء والمحامين والصحافيين. كما أن هناك دعوات أخرى إلى تشكيل الاتحاد العام للصناديق الخيرية، والاتحاد العام للجمعيات التعاونية الاستهلاكية والاتحاد الطلابي. هذه الاتحادات والنقابات تتطور بسبب انتعاش حركة الجمعيات الأهلية التي استمرت في الازدياد. وكل هذه التحولات إيجابية وتعزيزها وتطويرها يؤسس أرضية صلبة للديمقراطية وحقوق الإنسان.

التنظيمات الاجتماعية المتطورة بإمكانها إنعاش العمل الديمقراطي وطرحه بقوة على الساحة والتأثير أيضا على مؤسسات الدولة المختلفة. فالديمقراطية تحتاج إلى مجتمع مثقف ومؤمن بالتعددية وممارس لها في حياته اليومية و«مثلما تكونوا يول عليكم».

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 369 - الثلثاء 09 سبتمبر 2003م الموافق 13 رجب 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً