العدد 2323 - الأربعاء 14 يناير 2009م الموافق 17 محرم 1430هـ

«رامتان»... الإعلام الشعبي يكسر حصار غزة

نقلت المعاناة بالصوت والصورة ... وقليل من الإمكانات قادرة على تحقيق السيادة في عصر يموج بالفضائيات

لقد بدأ العصر الذهبي للإعلام الشعبي... وليس بإمكان أية سلطة مهما علت أن تمنع وصول الخبر إلى أهم الفضائيات ووكالات الأنباء في العالم!

هذا باختصار الرسالة التي أوصلتها قناة «رامتان» للأنباء التي نجحت في كسر جانب من التعتيم الإعلامي الذي حاولت فرضته «إسرائيل» على قطاع غزة والمتواصل منذ 20 يوما، وساهمت هذه الخدمة في اعتراف «إسرائيل» بأنها خسرت الحرب الإعلامية.

قناة «رامتان» نقلت للعالم منذ اللحظات الأولى للعدوان، صورا لأشلاء أطفال غزة... وصورا للطواقم الطبية الفلسطينية وهي تجاهد من أجل الوصول إلى الضحايا المدنيين في المجازر المتعاقبة في طول القطاع وغزة.

«رامتان» نقلت للعالم جانبا من القصف الإسرائيلي للمنشآت المدنية من منازل ومدارس، فضلا عن مراكز المنظمات الدولية ومكاتب الأمم المتحدة ومؤسسات الإغاثة الإنسانية والخيرية.

من دون ثمة شك، فإن «رامتان» أضحت مدرسة متميزة في الإعلام الشعبي، وفي نقل الصورة بأقل كلفة مادية ممكنة وفي وقت قياسي، وخاضت غمار المنافسة مع كبريات وسائل الإعلام والوكالات والفضائيات الدولية.

لم يعد مهما كثيرا أن تكون له موارد مالية ضخمة أو جيشا جرارا من العناصر البشرية حتى تكون متميزا في حقل الإعلام، بل وتستحوذ على الفضائيات وشبكات التلفزة حتى العالمية منها، وفقط ما تحتاجه هو رؤية إعلامية يصاحبها هدف للتأثير، وقليل من الإمكانات حتى تكون لك السيادة في عصر يموج بالفضائيات.

فمنذ أن أعلنت وكالة رامتان للأنباء عن عزمها إطلاق البث التجريبي لقناة «رامتان مباشر» فإنها نجحت في أن تشكل أنموذجا ناجحا وقادراَ على بسط النفوذ في المناخ الإعلامي الدولي.

ويوضح رئيس مجلس إدارة وكالة رامتان للأنباء قاسم علي، «إن الأسباب الموضوعية التي جعلتنا نطلق القناة من القاهرة أننا موجودون فيها ولأننا كجزء كبير من طاقمنا غير قادرين على الذهاب إلى رام الله أو غزة نتيجة للانقسام ونتيجة السيطرة الإسرائيلية على المعابر، هذا جزء مهم من المشاكل التي تعاني منها رامتان أيضا في تغطيتها للأحداث في فلسطين وخارجها».

وقال علي «إن التغطية هي تغطية إخبارية مستمرة وجزء كبير منها سيتم من الشارع الفلسطيني، وسيعبر عن الشارع الفلسطيني ويعبر عن همومه ومشاكله وسيناقش قضية الحوار، والفنانين والمنظمات الفلسطينية وغير الحكومية والأحزاب السياسية، فالقناة ستكون مفتوحة للشارع الفلسطيني بالأساس من أجل الشارع الفلسطيني والتغطية الأساسية ستكون من فلسطين».

ومن المثير، أن قناة «رامتان» أخذت على عاتقها منذ العام الماضي أن تعطي زخما إعلاميا للحوار الوطني الفلسطيني بمشاركة جميع الفصائل والتي كان من المقرر أن تستضيفه العاصمة المصرية القاهرة. وتوافقت وكالة رامتان للأنباء مع مجموعة من المؤسسات الإعلامية الفلسطينية وجمع من الإعلاميين والصحافيين الفلسطينيين يوم الخميس الماضي على إطلاق حملة لدعم وإنجاح الحوار الوطني الفلسطيني تحت عنوان «تصبحون على وطن» ليقولوا «إن المصالحة الوطنية هي الأساس، وهي الطريق لإنهاء الانقسام للخروج من هذه الأزمة».

ولم يحل القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة دون مواصلة قناة «رامتان» لخدماتها الإعلامية، وخصوصا البث المباشر للقنوات الفضائية، بل أعلنت أنها ستستمر في أداء رسالتها الإعلامية المسئولة على رغم التحديات التي تهدد طواقمها العاملة في قطاع غزة بسبب ارتفاع وتيرة الاعتداءات الإسرائيلية، وبخاصة القصف العشوائي بطائرات «إف 16» واستمرار الخسائر الكبيرة في صفوف المدنيين.

ويؤكد رئيس مجلس إدارة «رامتان» قاسم الكفارنة أن الشركة أعلنت حال الطوارئ بين صفوف طواقمها، «وهي تعمل على مدار الساعة من أجل إيصال الرسالة الإعلامية الوطنية للعالم بمسئولية كبيرة»، مضيفا أن «رامتان كانت تتوقع عدوانا إسرائيليا منذ أشهر من خلال متابعتها تفاصيل الوضع، ولذلك عملت كل ما في وسعها من أجل التعاطي مع هذه المرحلة الخطيرة والحساسة». ولفت إلى أن كل طواقم «رامتان» وعددها في غزة قرابة 150 شخصا، تعمل على مدار الساعة «من دون كلل أو ملل وتحاول بكل طاقتها إيصال صورة معاناة الشعب الفلسطيني للعالم». وذكر الكفارنة بالصور المؤثرة التي التقطتها عدسات المصورين المحترفين للشركة خلال استهداف الطائرات الإسرائيلية لمجمع الجوازات وسط غزة ما أدى إلى وقوع عشرات الشهداء والمصابين في اليوم الأول من العدوان الإسرائيلي.

وأضاف: «خدمات البث المباشر لم تتوقف ولو لحظة واحدة منذ القصف الإسرائيلي للقطاع، وهي تتابع كل تفاصيل العدوان وتنقله للعالم مباشرة». واشتكى من عدم تمكن «رامتان» من إدخال قطع غيار الأجهزة الإعلامية لقطاع غزة منذ أشهر، لافتا إلى أن اثنين من العاملين في طواقم الوكالة أصيبا خلال القصف الإسرائيلي كما دمرت ثلاث كاميرات.

وقال: «في إمكان رأس المال العربي أن يكون لاعبا رئيسا ومهما في التأسيس لإعلام عربي مسئول وبمساهمات عربية واستثمارات كبيرة في هذا المجال»، مضيفا أن ما تنقله كاميرات الوكالة «ساهم في شكل كبير في زيادة حجم التضامن العربي والدولي والإسلامي مع ما يجري في قطاع غزة، إذ استطاعت صور «رامتان» أن تخلق تأثيرا كبيرا لدى الشعوب حول العالم».

وتأسست «رامتان» نهاية العام 1998، وقد بدأت متواضعة، بتأسيس «ستوديو رامتان» للإنتاج التلفزيوني. وكان لدى رامتان كاميرا واحدة وجهاز مونتاج واحد، في مكتب متواضع وسط مدينة غزة. واقتصر الهدف في حينها على إنتاج الأفلام الوثائقية. وكان فيلم «العكاز والصبار» أول أفلامها. ومع انطلاق الانتفاضة الثانية عام 2000، بدأت رامتان بتوسيع عملها في مجال التغطية الإخبارية، ثم انتقلت الى خدمة البث المباشر، واقتنت أول جهاز بث مباشر العام 2001، وخرجت إلى العالم من خلال أول بث لها على القمر «يوتلسات».

ومع تطور الأحداث الميدانية، كانت رامتان العام 2003، تبث أربع نشرات تلفزيونية إخبارية بشكل يومي تتضمن تقارير مصورة. ومن ثم تقرر تغيير اسم «استوديوهات رامتان» إلى «وكالة أنباء رامتان». ومن ثم أنشأت الوكالة في مايو/ أيار 2005 موقعا اخباريا على شبكة الإنترنت. وتوسعت مكاتب رامتان لتشمل الضفة الغربية، وافتتحت مكاتب في مصر والسودان واليمن، ومكتبين في نيويورك وواشنطن في الولايات المتحدة.

واختارت الوكالة اسم رامتان نسبة إلى الغزال، إذ في اللغة الكنعانية القديمة تعني كلمة رامة الغزال. وقالت رامتان «نحن استخدمنا مثنى الكلمة، لتصبح رامتان. وهي تشير إلى توحيدنا شطري الأراضي المحتلة عام 1967». «رامتان»... تعني لم يعد أحد قادرا على وقف تدفق المعلومة

العدد 2323 - الأربعاء 14 يناير 2009م الموافق 17 محرم 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً