العدد 2328 - الإثنين 19 يناير 2009م الموافق 22 محرم 1430هـ

العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران تنعكس على الشرق الأوسط

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

يتوجب على السيناتور هيلاري كلينتون، وهي تعدّ لدورها القادم كوزيرة للخارجية، ومعها بقية فريق الرئيس الجديد أوباما في السياسة الخارجية، أن تفكّر كيف يمكن لعلاقة أميركية إيرانية جديدة أن تعمل لأجل المصالح الأميركية في العراق وأفغانستان، بل وحتى عملية السلام العربية الإسرائيلية.

لن يكون هذا الأمر سهلا. فقد مرّت ثلاثون سنة منذ الثورة الإيرانية دون علاقات دبلوماسية رسمية، أو أي حوار مستدام بين واشنطن وطهران، وبقي الشك المتبادل متأصلا ومعمّقا في النفوس.

تقوم إيران وبشكل تلقائي بذكر أعمال قمنا بها مثل دعمنا لصدام حسين في الحرب الإيرانية العراقية في ثمانينيات القرن الماضي وتخصيص الكونغرس لأموال لدعم الديمقراطية في إيران، كدليل على نية أميركا قلب النظام الإيراني والتدخل في الشئون الإيرانية.

في هذه الأثناء يحتفظ الأميركيون بذكريات مُرّة لطلبة إيرانيين وهم يحتلون السفارة الأميركية ويمسكون بموظفين أميركيين العام 1979، ودور إيران المعتقد بقيامها بخطف رهائن في لبنان خلال ثمانينيات القرن الماضي وتسعينياته، وإمداد مجموعات عراقية ولبنانية مختارة بالسلاح والتدريب.

إلا أن قلّة من الأميركيين هم الذين يذكرون كيف ساعد الإيرانيون الولايات المتحدة في أفغانستان بعد غزونا لها العام 2001، حيث قاموا وبنشاط بدعم أجندة مؤتمر بون للمساعدة على إعادة بناء الدولة الأفغانية الجديدة، وفي دعم موافقة البرلمان الأفغاني على حميد كرزاي كرئيس.

لذا يجب، وبنفس أهمية تغيير المواقف الإيرانية، تغيير المواقف الأميركية تجاه إيران. لقد اعتدنا على التفكير بالشرق الأوسط وكأنه حديقة خلفية لأميركا وأصبحنا ننكر وبشكل عابر مصالح الدول الأخرى، بما فيها إيران، في جوارهم.

وهذا أحد أسباب صداقة طهران لطَيف واسع من الأحزاب الشيعية العراقية، الأمر الذي أوجد صراعا داخليا وأضاف إلى التعقيدات المحتملة تجاه الانسحاب الأميركي العسكري. كذلك قامت إيران ببناء تأثيرها في سوريا ولبنان وغزة من خلال إمدادات السلاح والتدريب والاستثمارات الاقتصادية.

وقد ساعد دعمها لحزب الله الشيعي اللبناني على تطوير قوة ميليشيا تمكنت من الوقوف بوجه الجيش الإسرائيلي العام 2006، ومن مواجهة الحكومة اللبنانية منذ ذلك الوقت. وقد أدت علاقة إيران المماثلة بحماس إلى المزيد من التعقيدات في النزاع العربي الإسرائيلي، الأمر الذي أدى إلى الانشقاق في الوحدة الفلسطينية (وقد قمنا نحن بدورنا في التفريق بين الفلسطينيين).

وقد زاد البرنامج النووي الإيراني وطروحات محمود أحمدي نجاد التي تتسم بالتهديد، من قلق الغرب والعالم العربي، وأقنع العديد من الإسرائيليين بأن إيران تمثّل أكبر تحدٍّ وجودي لها.

بشكل عام، أصبحت إيران في موقف نستطيع معه تفعيل عناصر تعارض معاهدة إسرائيلية فلسطينية أو تسوية سلمية سورية إسرائيلية، ورفع درجة حرارة الموقف بين «إسرائيل» وجيرانها. وهي بالمقابل في موقف يسمح بالمساعدة على تهدئة التوترات وفتح الطريق لإيجاد الحلول.

لقد ركّزت إدارة الرئيس بوش في سياستها تجاه إيران على القضية النووية ودفعت باتجاه فرض عقوبات، وقامت مؤخرا فقط بتبني توجه بادر به الحلفاء الأوروبيون بتشجيع طهران على فتح منشآتها النووية لأعمال تفتيش مكثفة. إلا أن هذا الخليط من الجزرات والعصي لم ينتج عنه بعد أي رد إيجابي، وقد قام البرنامج النووي الإيراني، حسب التقارير بالتطور بشكل أكثر سرعة ما بدا ممكنا قبل بضعة شهور فقط.

لقد قامت العقوبات المفروضة على البنوك الإيرانية وغيرها من المصالح بالتسبب بالضرر على معدلات نمو الدولة، وبالتالي على الجمهور الإيراني بشكل عام، الذي كان متعاطفا مع الأميركيين وليس مع حكومتهم، أكثر مما تسببت بالضرر على النظام. بالمثل، فإن استخدام القوة ضد إيران من قبل الولايات المتحدة وحلفائها سيوجد على الأرجح المزيد من المشاكل أكثر مما يحلّها.

هناك أساليب عديدة للتأشير على مصالحنا بتوجه جديد. أحد هذه الأساليب توسيع مجالات التبادل في مجال التعليم. كما أن الأحداث والمناسبات الرياضية هي أسلوب آخر. يجب أن يبدأ الحوار الرسمي نفسه بين المسئولين على المستويات الأقل، ولكن يجب تحديد المسئولين الإيرانيين بوضوح على أنهم يملكون السلطة للحديث نيابة عن حكوماتهم.

يجب ألا تشكّل المفاوضات توجهات نصف جادّة هدفها ببساطة إيجاد مظهر مفاده أننا «حاولنا»، ومن ثم الادعاء بأنه لا يوجد خيار سوى العودة إلى السياسات العدائية السابقة.

وحتى يتسنى لواشنطن إدامة حوار أميركي إيراني، فإن ذلك سيتطلب في مرحلة ما أن تسقط إيران تهديداتها ضد «إسرائيل» وأن تؤكد على استعدادها لدعم تسوية مستقبلية بين الفلسطينيين والإسرائيليين. إلا أن واشنطن لا تستطيع أن تتوقع أي تغيير في هذه السياسة الإيرانية أو غيرها كشرط مسبق لحوارنا مع طهران.

من ناحية أخرى، يتوقع أن تسعى إيران لتحقيق تغييرات بعيدة المدى في سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران والمنطقة ككل. لن يتضح ما إذا كان يجب توفير هذه التغيرات السياسية، أو كيف يتم ذلك، إلا عندما ينخرط الطرفان فعليا في العملية.

سيكون الطريق نحو علاقات أميركية إيرانيّة محسّنة صعبا غير ممهد، ولكن الفوائد المتبادلة المحتملة لكل من المصالح الأميركية والإيرانية ظاهرة ومثبتة. لقد حان الوقت للبدء.

*عالِم مشارك بمعهد الشرق الأوسط في واشنطن العاصمة. وقد عمل سفيرا للولايات المتحدة في كل من سورية والمملكة العربية السعودية، وكمساعد لوزير الخارجية لشئون الشرق الأدنى وجنوب آسيا، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2328 - الإثنين 19 يناير 2009م الموافق 22 محرم 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً