العدد 2631 - الأربعاء 18 نوفمبر 2009م الموافق 01 ذي الحجة 1430هـ

الغرفة: مهمات ما بعد نتائج الانتخابات (2)

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

الدائرة الصغرى، وتغطي الهياكل التنظيمية للغرفة وعلى وجه التحديد لجانها، التي ساد الخمول البعض منها خلال السنوات الأربع الماضية، وبوسعنا هنا تناول لجنتين هما: لجنة الشأن العام، ولجنة تقنية المعلومات.

بالنسبة للأولى، لابد من التأكيد على قضية مهمة، وهي أن الأسباب التي استدعت تأسيس اللجنة لاتزال قائمة، فمسألة مشاركة الغرفة في انتخابات المجلس أصبحت اليوم أكثر إلحاحا من العام 2005، عندما تشكلت اللجنة، والتي خفت صوتها، وجمدت بعد فترة قصيرة من تأسيسها، نشاطاتها، بقرار ذاتي غير معلن منها، باستثناء بعض البيانات المتناثرة، التي لم تكن تعبر عن مشروع سياسي للغرفة، بقدر ما كانت ردودا فعلية آنية وعفوية غير واضحة من بعض قضايا هامشية طفت على سطح الحياة السياسية خلال السنوات الأربع الماضية. والغرفة مطالبة اليوم، أكثر من أية جمعية أخرى من منظمات المجتمع المدني أن تكون لها كلمتها المسموعة والمؤثرة، في الحياة السياسية البحرينية، وعلى وجه الخصوص في حجرتي المجلس النيابي، الشورى والبرلمان.

المطلوب هنا أن تسن هذه اللجنة «أسنانها السياسية» كي تحمي بها الغرفة من نهش قوى أخرى لها مصلحة في إبقاء التاجر البحريني، من خلال تقزيم دور الغرفة السياسي، بعيدا عن أي مشروع سياسي. نلقت النظر هنا إلى ضرورة التمييز وبشكل دقيق، وواع، بين تسييس الغرفة وتحويلها إلى وكر سياسي، وهو أمر مرفوض جملة وتفصيلا، وبين ممارسة الغرفة لدور سياسي يتناسب والنظام الداخلي الذي يسيرها. لم يعد مبررا للغرفة أن تواصل جلوسها فوق مقاعد المتفرجين، أو بين صفوفهم في حلبة الصراع السياسي، إذ إنها مطالبة بأن تحتل المكان الذي يبيح لها ممارسة الدور المحترف الذي يعيد للتاجر البحريني مكانته السياسية، التي جردته منها عوامل كثيرة ليس هنا مجال سردها.

أما بالنسبة للجنة الثانية فقد أضاعت، وبسلوك غير واع منها الكثير من الفرص الذهبية التي أتيحت لها، ويمكننا الاكتفاء بالإشارة إلى اثنتين منها فقط: الأولى كان مشروع العرض الذي قدمته شركة «إنتل» العملاقة، خلال مشاركة الغرفة بوفد، ترأسته اللجنة، في معرض للإلكترونيات في لاس فيغاس بالولايات المتحدة العام الماضي. كان من المفترض أن تتابع اللجنة تنفيذ متطلبات ذلك العرض الذي لم يعد قائما اليوم؛ نظرا لإخفاق تلك اللجنة، في القيام بذلك على الوجه الصحيح، وفي الوقت المناسب، وفقا للمسؤوليات الملقاة على عاتقها والصلاحيات التي تتمتع بها. فضاع ذلك المشروع الاستراتيجي من بين يدي اللجنة، وحرمت البحرين، جراء إهمال اللجنة، وليس لأي سبب آخر، من فرصة ذهبية، يصعب أن تتكرر، في مجال صناعة تقنية المعلومات. أما الثانية فكان دور الغرفة من خلال اللجنة في «الرواق البحريني في معرض جايتكس»، والذي ولسنتين متوالتين، ترفض الغرفة، رغم الاتصال بها، أن يكون لها أي شكل من أشكال المشاركة. وللإنصاف لم يتضح حتي اليوم، إن كان العزوف عن المشاركة مصدره عدم قدرة اللجنة على إقناع مجلس الإدارة باهمية جايتكس، ومن ثم ضرورة المشاركة فيه، أم أن ذلك كان بقرار واع ومدروس من قبل المجلس ذاته.

النواة الصلبة، التي ينبغي أن تكون بمثابة القلب النابض الذي يبث خفقانه الحياة في جسد وأعضاء الدوائر الثلاث تلك. والمقصود بهذه النواة، أو هذا القلب، هو مجلس إدارة الغرفة الفائز في الانتخابات الأخيرة، والمطلوب منه أولا وقبل أي شيء آخر، وضع صمامات الأمان التي توحد رؤية أعضائه حول أهداف الغرفة والمهمات الملقاة على عاتقها. ففي غياب التجانس بين هؤلاء الأعضاء يتحول المجلس إلى مجموعة من الأفراد المبعثرين الذين يحاول كل واحد، أو مجموعة معينة، منهم أن يدفع الغرفة كي تتجه وفقا لبوصلة ذلك الفرد أو تلك المجموعة، وليس على الطريق الذي يفترض أن تسلكه هي. وبعد ضمان تلك اللحمة أو التوافق، كحد أدنى، لابد للمجلس أن يبادر إلى وضع خطة استراتيجية، حبذا لو عرضها على اجتماع للجمعية العمومية من أجل إقرارها كي يتولى هو لاحقا متابعة تنفيذها. ففي غياب مثل تلك اللحمة الإدارية، وغياب هذه الخطة الاستراتيجية، سيجد المجلس نفسه يجري لاهثا وراء مشروعات قد تبدو مهمة في الشكل، لكنها خاوية في المضمون والجوهر. ومن الطبيعي أن تضع الخطة في حسبانها، بالإضافة إلى ضمانات تحقيق الأهداف المتعارف عليها بالنسبة للغرفة، قضايا مهمة أخرى من مستوى علاقات الغرفة بالسلطة السياسية في البلاد، والحيز الذي تطمح الغرفة في أن تشغله في ساحة العمل السياسي البحرينية. هذا على المستوى الداخلي، أما على المستوى الخارجي، فهناك قضايا من مستوى اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة والأدوات التي تحتاج إلى التفعيل كي تنتقل من الإطار التشريعي، إلى النطاق التنفيذي. كذلك هناك الدور الذي تطمح الغرفة في ممارسته على النطاق الإقليمي، من خلال اتحاد غرف التجارة والصناعة الخليجية، وقضايا أخرى على هذه الدرجة من الأهمية لا تخفى على أي مجلس للغرفة.

تبقى نقطة نهائية لابد من التنويه لها، وهي أن العلاقة بين تلك الدوائر والنواة من جهة ومجلس الغرفة من جهة ثانية متشابكة وتحتاج وتحتاج إلى درجة عالية من الحرفية كي يتم بناؤها من خلال قنوات تتمتع بدرجة عالية من الحرية والاحترام المتبادل بين الأفراد الضالعين فيها، وفي مقدمتهم أعضاء المجلس، ليس على المستوى الفردي فحسب، وإنما على المستوى المؤسساتي أيضا، وعلى وجه الخصوص تلك العلاقة التي ستنشأ في إطار الدائرة الكبرى، حيث ينبغي للغرفة أن تتحاشى ممارسة دور الدكتاتور المتسلط، وتثبت لقطاع الأعمال حاجته الملحة للانتساب للغرفة، من خلال الخدمات التي تقدمها له، ومجالات العمل التي تفتحها أمامه، بدلا من إجباره على القيام بتلك الخطوة. تتحول العضوية حينها إلى مزيج من المصلحة وحرية القرار، بدلا من قسر وإجبار.

دوائر ثلاث، وفي القلب منها نواة صلبة جميعها تنظر إلى المجلس بانتظار أن يمد يده كي يشغل تلك المساحات، ويبني النواة، على حد سواء، بشكل ديناميكي بناء، كي لا تمر الأعوام الأربعة المقبلة، ويجد مجتمع الأعمال البحريني نفسه ما يزال يراوح عند محطة انتخابات 2009، بدلا من التخطيط لتنفيذ برامج نتائج انتخابات دورة 2013.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2631 - الأربعاء 18 نوفمبر 2009م الموافق 01 ذي الحجة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً