العدد 2328 - الإثنين 19 يناير 2009م الموافق 22 محرم 1430هـ

حرب غزة ترسم علامة استفهام بسعة العالم تقريبا

محمد جابر الصباح comments [at] alwasatnews.com

أرجو ألا أكون قد أوقعت القارئ الكريم في حيرة من أمره وهو ينتهي من قراءته العنوان بكلمة «تقريبا»، وهي كلمة تعني أن علامة الاستفهام قد قصرت عن استيعاب جزء من العالم عن أن تدخله في استنكارها إزاء ما تقوم به «إسرائيل» الدولة الأخطر عنصرية، واستعلاء على العالم وانتهاكا وتحقيرا لقوانينه وما تتضمنه تلك القوانين من حتمية احترام حقوق الإنسان، ومجمل الحقوق العامة.

في ظل هذا الواقع المأساوي الذي تجسده الممارسات العنصرية الإسرائيلية الصهيونية، كأخطر ظاهرة يواجهها العالم، بعد الخطر النازي الذي صفى العالم معه حساباته على بحار من دماء الإنسانية البريئة التي زج بها أصحاب المصالح بمثابة كباش فداء، وحطب وقود تشعل نيران مصالحهم.

ومن عجب، إنه في ظاهرة هذه المحرقة العنصرية الصهيونية الإسرائيلية، التي لا يمكن التغطية عليها او تضبيبها بمختلف وسائل الكذب التي مارستها الصهيونية وخلقت منه واقعا ليس له ظل على أرض الواقع بما اسمته «بالمحرقة» النازية التي تم بموجبها تصفية ستة ملايين يهودي، وإنه بفعل تأثير سلطان المال اليهودي قد تم شراء الذمم وتسخير كومة من القانونيين (الترزية) لتفصيل قوانين تحرك الماس بمجزرة الستة ملايين يهودي، فيما المجازر التي تقوم بها العنصرية الصهيونية الوجه الآخر للعنصرية النازية فإن طرف أميركا عاشقة العنصرية، وبريطانيا إله العنصرية وفرنسا الأمين العام للكيان العنصري الإسرائيلي، والحامي السري والمنافق والمراوغ في الدفاع عن عنصرية «إسرائيل».

ومما يزيد الطين بلة، ويكشف العورات حتى السرّة، ويزيد من حرج عملائها من بعض حكام متساقطين منبوذين ومكروهين ومحتقرين من قبل شعوبهم، على رغم ارتفاع طنين بعوض المستنقعات النتنة من المطبلين والمزمرين والمداحين بالأجرة ليسوقوا لبضاعة منتهية الصلاحية، قدف بها دولاب الحياة المتطور خارج دائرة الفصل النافع، بمثلما اختارت الطبيعة المستنقعات للبعوض المؤذي بطنينه، ولعل ما أوصل أمر حكام التساقط إلى ما وصلوا إليه، طرح سيد الكذب «بوش» مناقصة تزويد «إسرائيل» العنصرية بالذخيرة لتواصل إبادة الشعب الفلسطيني، ولعل هذه الحركة هي خاتمة المطاف لعهده الملعون ووعوده لفرق كورس حكام العالم العربي، وهم معروفون بسيماهم المشتركة التي تجمعهم، وتوحد فيما بينهم، على رغم تباين مواصفاتهم وثقافاتهم، وجذورهم، ومواقعهم الجغرافية، هذه السيماء المشتركة والموحدة فيما بينهم هي تمسكّهم بالرئاسة، على رغم نبذ الشعوب لهم ولقيادتهم الضالة والمضللة، إضافة إلى أنهم يشتركون فيما بينهم بالتصريحات الاستهلاكية بشأن ما يرتبط بقضايا أمتهم القومية، ويزايدون عليها بأكثر من ذلك الفدائي الشريف، الذي حمل روحه على كفه وقدمها رخيصة على مذبح الحرية والانعتاق من ذل العبودية والركوع على أبواب البيت الأبيض، هؤلاء الحكام والرؤساء الراكعون ينبذهم السيد بوش، ويصمهم على جباههم بأحلك ألوان السواد والعار، ومن ثم يتركهم ويتخلى عنهم مثلما ترك غيرهم من عملائه السابقين من أمثال، فاروق مصر، وماركوس الفلبين وشاه إيران، وغيرهم... ممن حلا لهم أن يقتبسوا مُثلَهم الساقطة وأفعالهم الشائنة وعمالتهم الرذيلة، مفضلين عليها منطق العقل والأخلاق والكرامة وعزة النفس والمنعة التي لا يحصلون عليها إلا في أحضان شعوبهم الناضحة بدفء الحب الأصيل المستمر بفعل الارتباط الأصيل بتراب الأرض وليس من ارتباط النبتة المنقولة من تربتها والمغروسة في تربة هم ليسوا لها ولا هم فيها بمقبولين الذين يعتمد عليهم الحكام المرددين للأزمة في لحن بوش بشأن إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف؟!

على أنني ومع اقترابي من نهاية مقالتي، أقدم بكل الأسى والحزن والانكسار التعازي الحارة لكوكبة الحكام العرب الراقصين والرازفين والمبشرين والمبجلين، والمؤمنين بوعود بوش بشأن إقامة الدولة الفلسطينية قبل نهاية عهده الملعون، وأولئك الذين باعوا تضحيات الفلسطينيين والكف عن التصريحات والبدء بالعمل، وتقديم إنذار لأميركا إن هي أقدمت على شحن ذخائر لـ»إسرائيل» فإنهم بدورهم سيشحنون السلاح للمقاومة الفلسطينية، وتعليلنا لذلك الموقف المتخاذل أن القيمة الكبيرة التي اشتروا بها السلاح لا تشمل مفاتيح التشغيل التي نصت اتفاقية البيع على أن تكون الأجهزة المباعة بلا مفاتيح تشغيل، بل للمخازن والدعاية.

ولا أدل على هذه الحقيقة من أن هذا السلاح لم يستعمل حتى للدفاع عن الكرامة الذاتية، على رغم تمزيق «إسرائيل» وأميركا لتلك الكرامة، أمام ما يجري من إهانات لتلك الكرامة، أمام مرأى من شعوب أصحاب الكرامة والفخامة وفرض غرس اليهود كنبتة منقولة من تربتها في مختلف أنحاء العالم في تربة أخرى بهدف تغيير السلوك الطبيعي لتلك الأرض وتبديل نخلة (لخلاص) وإجبارها لتنبت (خنيزي) هذا أمر عمره لا يمكن له أن يحدث، وأن فلسطين وغيرها مع كل المحاولات البريطانية البلفورية والأميركية ومجموعة الدول الدائرة في فلك المصالح الاستعمارية، ومع خيانة الأهل والمقربين والأقربين لاستبدال سلوك التربة الفلسطينية لتنبت نبتات يهودية بدل النبتات العربية الفلسطينية، هي عملية عبثية وغبية بأكثر عبثية وغباء ممن يحاول أن يغير السلوك الكوني ليأتي بالشمس من المغرب.

«قد تخسر الشعوب الكثير من المعارك، ولكنها لم ولن تخسر معركة النصر»، هكذا قال: «هشام الشهابي»... فماذا بوسع المتذبذبين أن يقولوا؟

إقرأ أيضا لـ "محمد جابر الصباح"

العدد 2328 - الإثنين 19 يناير 2009م الموافق 22 محرم 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً