العدد 2640 - الجمعة 27 نوفمبر 2009م الموافق 10 ذي الحجة 1430هـ

أضاحٍ وأراجيح... وذكريات ما بين الماضي والجديد

تغيرات وتبدلات طرأت على مختلف عادات وطقوس احتفالات سكان الوطن العربي، دخل الجديدٌ إليها، ورحل القديم، تبدلت ملامح الأزياء والزيارات، والأكلات، وبقت روح هذه الأيام مزروعة في نفوسنا، تكاد لا تتغير على رغم مر السنين.

هكذا هو العيد في كل بلدان المنطقة، أيامٌ جمالها ومعناها الكبير مزروعان فينا وفي نفوس آبائنا وأجدادنا، وسينتقل ليشكل جزءا لا يتجزأ أو يهمش في مستقبل أبنائنا، أيا كانت الظروف والمشاغل والهموم التي تثقل كاهلنا، العيد يأتي كوقفة ليعيد جزءا من ماضينا، وليرسم ذكرى جميلة تسلينا.

وإن كان البعض يرى أن مظاهر العيد تختلف من بلد إلى آخر، فإن قاسما مشتركا في كل دول الوطن العربي يجمع فرحة جماعية، يترأسها الأطفال، ويديرها الكبار، وتُنهك من التحضير لها الأمهات.

فالغداء الجماعي الذي يقام غالبا في بيت كبير العائلة، الذي من المؤكد أنه سيشهد الكثير من الفوضى والأصوات العالية، والأطفال المتراكضون في كل أرجاء المكان، ومن ثم يكلل هذا الاجتماع برحلة ينقل فيها الأطفال ممن حضروا الـ «حيه بيه» أو «الأضحية»، وهي سلة صغيرة من سعف النخيل تزرع فيها بعض حبات الشعير وتسقى إلى أن تنبت شعيراتها، إلى أحد الشواطئ، فيرمي الأطفال سلالهم في ماء البحر إن كانوا محظوظين، بعد أن يتمتعوا برحلة بحرية سريعة على متن زورق صغير.

ولا تقتصر هذه العادة «الحيه بيه» على البحرين، فهي ممارسة في عدة دول خليجية أخرى، مثل سواحل المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية وقطر، وفي الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان.

وإن كانت «الحيه بيه» في بعض دول الخليج هي حدث ينتظره الأطفال، وله حيز مهم وأساسي في يوم العيد، فإن مناطق أخرى التي لا تتعرف هذه العادة ولا تمارسها في هذا العيد، كدول بلاد الشام، تتصدر مظاهر أخرى الاهتمامات في العيد، لعل من أبرزها ساحات الألعاب التي تنصب في بعض المناطق، بأراجيح ودواليب تشقلب وأحصنة تجلب ليركبها الأطفال. وعلى رغم أن هذا النوع من الأراجيح معروف في كل دول الوطن العربي من مشرقه إلى مغربه، فإن هذا لا ينفي أن يتصدر يوم العيد بالنسبة إلى الأطفال في بعض الدول أكثر من غيرها، وخصوصا عندما لا تتوافر الكثير من الطقوس المتنوعة، وفقا للبيئة والمكان الذي يعيش فيه الأشخاص.

ومن أبرز الأشياء التي تنتقد وتبرر في الوقت ذاته، ضمن فعاليات أعياد القرن الواحد والعشرين، دخول التطور والحداثة على مظاهر الاحتفال، التي نستطيع أن نقول إن من بين تجلياتها اختلاف تعامل الأطفال مع «أضاحيهم» المخضرة التي كانت سابقا تزرع من قبل الأطفال بمساعدة أهلهم، ويهتم بها لمدة طويلة قبل أن يدشن اهتمام الطفل اليومي بها برميها في أمواج البحر، فالغالبية اليوم تشتري الأضاحي من محلات، تقدمها قبل أيام من العيد، أو أنهم يكتفون بأخذها من باعة ينتشرون على الشواطئ التي تستقطب الناس في هذه الفترة.

في حين لم تعد الأراجيح الخشبية البسيطة تستقطب الكثيرين سواء في البلدان الفقيرة أو المناطق النائية، حيث لا تتوافر مدينة ملاهي متطورة، أو مجمعات تقدم لروادها صالة عملاقة لألعاب، تبهرك حركاتها وألوانها، وأفكارها.

وإن كانت لكل هذه التطورات فوائدها، وتسهيلاتها على الناس، الذين باتت المشاغل تغرق حياتهم، فإن كثيرا من هذه الخدمات بتنوعها، سرقت روح العيد البسيطة التي أ وجدت سحرا خاصا لهذا اليوم في قلوبنا، فبات العيد ظاهرة مادية لدى الكثير من الأطفال، لا يعرفون فيه سوى الترف والترفيه الذي يقوم على الإنفاق بالدرجة الأولى.

العدد 2640 - الجمعة 27 نوفمبر 2009م الموافق 10 ذي الحجة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً