العدد 2329 - الثلثاء 20 يناير 2009م الموافق 23 محرم 1430هـ

معهد البحرين للتنمية السياسية

سلمان ناصر comments [at] alwasatnews.com

.

إن ما سنتطرق له في هذا المقال هو معهد البحرين للتنمية السياسية ومعاول الهدم من بعض الكتّاب والمقاومين لأي عمل يمكن أن يسهم في بناء الفرد أو المواطن عموما، وقبل الولوج بالموضوع فلنتعرف على متى بدأ الاهتمام بمصطلح التنمية حيث بدأ الاهتمام دوليا بموضوع التنمية السياسية منذ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي صدر عن الأمم المتحدة العام 1948، وما تلاه بعد ذلك من صدور العهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. حيث أصبحت التنمية بالمفهوم السياسي والاقتصادي والاجتماعي جزءا لا يتجزأ من حقوق الإنسان.

وهي بهذا التكامل تتحقق من خلال عملية تشاركية بين الدولة ومؤسسات المجتمع المدني، غايتها الأسمى هو الإنسان، وتهدف بالنتيجة إلى تعزيز مفهوم ومشاركة المواطن المدنية والسياسية. لهذه الأسباب في اعتقادي ولدعم المشروع الإصلاحي وتكريس مفهوم المواطنة، وما تقتضيه هذه المرحلة من بناء لحق المشاركة هذا الحق الذي يعبر عن حقيقة العلاقة بين السلطة والمجتمع. لهذا صدر المرسوم رقم (39) للسنة 2005 بإنشاء وتنظيم معهد البحرين للتنمية السياسية المعدل بالمرسوم رقم (41) للسنة 2008. وهنا أردنا توضيح أسباب إنشاء هذا المعهد لبعض الكتاب الذين يقذفون المعهد هنا وهناك وكذلك المشككين.

إن مفهوم التنمية السياسية وعلاقتها ببعض المتربصين والقائمين على التشكيك في القائمين على مثل هذه المشروعات أو رسالتها أو اهدافها كما يروج له البعض بعدم كفاءة القائمين على هذا المعهد أو عدم تواصل المعهد بالجمعيات السياسية. علما بأن المأخذ الوحيد غير المعلن الذي يتذرع به البعض هو أن هذا معهد قد تأسس بمرسوم. وكأن هذا المرسوم عبأ على أهداف ورسالة هذا المعهد.

ليعلم هؤلاء بأن التنمية السياسية في هذا الإطار، تأكيد لحق المشاركة وتوسيع قاعدتها ونعني بها مشاركة المواطنين في شئون الإدارة، وتفعيل هذه المشاركة وما يرافقها من تحديث وتطوير للنظم والإجراءات والوسائل التي تكفل تحقيق هذه الأهداف. والتنمية السياسية خاصة للشباب، تعني من جهة أخرى زيادة المعرفة بين أفراد المجتمع رجالا ونساء من دون تمييز وتوعيتهم بأبجديات العمل السياسي وبحقوقهم وواجباتهم التي كفلها الدستور ونظمتها التشريعات ذات العلاقة، وتنمية قدراتهم للخروج من دائرة العمل الفردي إلى دائرة العمل الجماعي المنظم. وهذا ما حرص على المعهد من خلال إعداد الندوات المتمثلة على سبيل المثال لا الحصر الحقوق السياسية للمرأة (رؤية إسلامية)، الهوية الوطنية من منظور حضاري إسلامي، الإعلام والقيم الدينية، رؤية في النظام الدستوري لمملكة البحرين، التربية على حقوق الإنسان بين المسئولية والواجب.

والسؤال هل ما حدث من تغيير في الوعي السياسي في الفترة المنصرمة هو نتاج الصدفة أو ثمرة المشروع الإصلاحي الذي معهد التنمية السياسي أحد فروعة، وكي لا نبخس من سبَق المعهد وعمل على تفعيل العمل المدني والسياسي والنفعي فلهم اليد الطولى لإعداد هذا الكم من المهتمين من فئة الشباب والمواطن بشكل عام فلهم جزيل الشكر.

ولربما يقول قائل إنني أبتغي مصلحة من وراء طرحي هذا من معهد التنمية السياسي وأنا أجيب بالقول: نعم... نعم ابتغي مصلحة، ابتغي أن نتعلم الفارق بين من ينظرون لمفاهيم التنمية الشاملة، وبين من يحاولون صناعتها في واقع حياتهم أمثال معهد التنمية، وكل الجنود المجهولين الذين يقفون خلفه لإنجاح هذه المشروع وهي تنمية الشباب التي اعتبرها من وجهة نظري الشخصية النموذجة التي يجب أن تأسس التأسيس السليم.

فقبل أن نتحدث عن بناء اقتصاد غير بترولي أو الإصلاح السياسي، ونظل ندندن في مصطلحات كبيرة، بيننا وبينها مسافات شاسعة يجب أن نفقه أولا أن الطريق إلى ذلك يكون في خلق وعي تنموي بسيط، يبدأ من إرشاد المواطن العادي كيف يرمي كيس الزبالة -أعزكم الله- في برميل القمامة المعد لذلك، وإرشاده كيف يتعلم السير في شوارع المدينة وفق ضوابط مرورية، عندها فقط نكون قد بدأنا السير في الاتجاه الصحيح بخطوات علمية وعملية.

وهنا أقول إن أول ما نريد التأكيد عليه هو أهمية العمل على ترسيخ الوعي بالثقافة الديمقراطية، وتطوير الجمعيات السياسية على أسس وطنية مخلصة، لتمكين المواطن من المشاركة الحقيقية في صنع القرار، على أن تكون النوايا مخلصة للوطن والمحافظة على الثوابت الوطنية والدفاع عنها، وليس أداة لأجندات أيديولوجية لا تضم المجتمع الجامع. وهذا يستدعي ترسيخ مبادئ العدالة والمساواة، وتكافؤ الفرص، على أساس الكفاءة والإنجاز، وتعميق هذه المبادئ والمفاهيم في ثقافتنا الوطنية، والانتقال بها من إطار القول والشعارات إلى واقع العمل بعيدا عن التشكيك وتسجيل المواقف.

إقرأ أيضا لـ "سلمان ناصر"

العدد 2329 - الثلثاء 20 يناير 2009م الموافق 23 محرم 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً