العدد 351 - الجمعة 22 أغسطس 2003م الموافق 23 جمادى الآخرة 1424هـ

العلاقات الأسرية الهشة

هناك فروق كثيرة نعيشها بين مجتمعنا الشرقي والمجتمع الغربي ودائما نعيب عليهم التفكك الأسري وعدم وجود روابط أسرية تربطهم ببعضهم بعضا خصوصا عندما يكبر الفرد ولا يجد من يحتضنه ويهتم به، فكثيرا ما نسمع عن وفاة الكثيرين في بيوتهم من دون أن يعلم بموتهم أحد إلا إذا انتبه أحد الجيران وتحسس غياب جاره، وهذا فعلا ما يؤرق مجتمعنا الشرقي إذ أصبحت هذه الظاهرة متفشية في مجتمعنا ومحاولة البعض التخلص من ذويهم برميهم في دور العجزة والمسنين لرعايتهم من قبل أناس غريبين عنه متناسين واجباتهم وحقوقهم تجاه والديهم وهذا يعني جحود الأبناء وتذمرهم وعنفهم وعدم مبالاتهم بالمسئولية واتكالهم وانتفاء العواطف عندهم نحو والديهم، فقد أصبحت قلوب بعض الأبناء مختلفة عن غيرها لا تحمل المشاعر والأحاسيس ولا تشعر بأنها قلوب تنبض وبها لحم ودم يتدفق داخل أوردتها بل قلوب مصنوعة من مادة أخرى كالحجر أو الحديد أو أية مادة متحجرة، لذلك نتسأل: من المسئول عن هذا الاجحاف في حقوق الآخرين؟ هل هي المدرسة؟ هل هي الأسرة؟ أم رفاق السوء؟! وهذه الأطراف المعنية تتبادل اللوم والتهم لدرجة تصل إلى الاشتباكات وكل ما يقال لم يغير من الواقع شيئا.

ونظرا إلى خطورة هذه الظاهرة واحتمال تفاقمها في المستقبل القريب لابتعاد أفراد الأسرة عن بعضهم بعضا وانشغال الوالدين عن أولادهما واعتمادهما على الخدم والمربيات الأجنبيات ما يوجد فجوة كبيرة بين أفراد الأسرة من آباء وأبناء، لذلك لابد من احتواء هذا الأمر والنظر فيه بعمق ومحاولة دراسته والتعرف على الأسباب الجوهرية له والعمل على حلها وإلا سيصبح حالنا ليس أفضل من حال المجتمعات الغربية وتداعي الحياة الأسرية التي يحلم بها الجميع وينشد الاستقرار الأسري الذي يوفر له الكثير من الاحتياجات النفسية والمعنوية والمادية وغيرها من الاحتياجات.

سابقا كانت أمهاتنا يحرصن على رضاعتنا حولين، كاملين، لذلك نرى الابن ملتصقا بأمه كثيرا فهي تغمره بعطفها وحنانها وهو يبادلها الشعور نفسه وتداري عليه عندما يكبر، توفر كل احتياجاته وبيدها تغسل ملابسه، وتعد له طعامه، والآن أين الأم من كل هذا؟ تناست الرضاعة الطبيعية واتجهت إلى الرضاعة الصناعية البعض لظروف حياتهن العملية والأخريات جريا وراء الرشاقة والأناقة، إذن انتفت أول علاقة بين الأم والابن فهو لم يشعر بأهميتها بالنسبة إليه فقط لتوفير المادة اللازمة لحياة مترفة وهانئة، وهي متناسية أهمية الروابط والعواطف التي من الواجب توافرها بين الآباء والأبناء، فلماذا نلوم أولادنا إذا كانت علاقتنا بهم علاقة سطحية؟ فهل ننتظر منهم أن يأخذونا بالأحضان؟! فعلاقتهم بنا هشة وممزقة شر تمزيق. متى سنفيق؟

صالح العم

العدد 351 - الجمعة 22 أغسطس 2003م الموافق 23 جمادى الآخرة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً