العدد 2332 - الجمعة 23 يناير 2009م الموافق 26 محرم 1430هـ

إدارة المرور وعنق الزجاجة

مجيد جاسم Majeed.Jasim [at] alwasatnews.com

.

يعرّف معجم الويكيبيديا الكلمة الإنجليزية «bottleneck» بأنها الظاهرة الهندسية التي تؤدي إلى تقييد وبصورة صارمة وكاملة القدرة الفاعلية أو الاستيعابية لأية منظومة بواسطة عنصر مفرد فقط وبالتالي يحاول المصمم الناجح كشفها ومن ثم ضبطها لزيادة السعة الإنتاجية للمنظومة الهندسية ويطلق على هذه العملية الأخيرة وباللغة الإنجليزية «de-bottleneck».

على سبيل المثال، يمكن ببساطة ومجازيا شرح هذا التعريف التقني بواسطة عنق زجاجة المشروبات الغازية والتي يعلم القارئ الكريم أنها هي المسئولة عن التحكم في سرعة تدفق أي سائل لخارج الزجاجة وأنه مهما حاولنا التأثير على الزجاجة فإن سرعة تدفق المشروب لخارجها معتمد فقط على قطر عنق الزجاجة.

في مملكة البحرين هذه الظاهرة ملحوظة وبصورة واضحة -وعلى مدى البصر- في امتداد طوابير السيارات من الإشارات المرورية في المنطقة الدبلوماسية إلى الجسر العلوي الواقع بين مجمع السيف ومجمع البحرين. المثير في الأمر أن هذا الازدحام والانسياب السلحفائي للعربات وحالة الذروة مستمر من ساعات الصباح الباكر إلى وقت متأخر من الليل وخلال معظم أيام الأسبوع.

لكن لا شك بأن تكدُّس الآلاف من السيارات في هذا الشارع يسبب العديد من الآثار الصحية والنفسية لسواق السيارات -سواء المواطنين أو المقيمين أو السواح- وتمتد هذه الآثار إلى البيئة بسبب التلوث الناتج من عوادم السيارات. علميا، هناك العديد من الدراسات الموثقة والتي تحذر من الآثار السلبية للازدحام المروري فمثلا تحقق فريق من جامعة يورك الكندية من أن السبب الرئيسي للمعدلات العالية من حالات إجهاد سواق السيارات نابعة من الاختناقات المرورية التي تؤدي إلى خفض سرعة العربة إلى مستويات متدنية ومن ثم تأخر السائق عن مواعيده. وقد شددت الدراسة على أن تكرار التعرض لهذه الحالة من الإجهاد يؤدي إلى سلسلة من التأثيرات النفسية والعضوية مثل إزدياد نبض القلب، والضغط والاكتئاب ويؤدي إلى تأثيرات سلبية على إنتاجية الفرد ومزاجه وصحته في بيئة المنزل والعمل. وفي دراسة أخرى وجد أستاذ جامعي أميركي أن هناك علاقة طردية بين زيادة الوزن ومدة المكوث في السيارة.

لاشك أن الكلفة الحقيقية لمشكلة «عنق الزجاجة» عالية ماديا إذا أخذنا في الحسبان الوقت المهدور للاقتصاد البحريني، وكلفة معالجة المواطنين والمقيمين والتي تقدر سنويا بالملايين من الدنانير، وزيادة استهلاك البنزين والديزل المحليين.

مسئولية إيجاد حلول لمشكلة «عنق الزجاجة» تقع على كاهل كلٍ من وزارة الأشغال وإدارة المرور. فمن الواضح أن الوزارة قامت بدراسة ناقصة أو غير مكتملة لمشاريع البنية التحتية لكيفية تسهيل انسيابية حركة المرور من الطريق السريع (highway) إلى المنطقة الدبلوماسية فعلى رغم بناء الجسور العلوية في منطقة السيف فإن مشكلة الاختناق المروري -دوار السيف- السابق يبدو أنه تم نقله إلى منطقة أخرى قريبة.

أما إدارة المرور فمن واجبها إنجاز الدراسات العلمية لتحليل كيفية التغلب على مشكلة الاختناقات وأيضا توفير الطاقة البشرية لحلحلة الوضع المأساوي لسواق السيارات وخاصة أن العديد من الدوارات قد تم إلغاؤها وبالتالي من الممكن توافرهؤلاء في المناطق المزدحمة. فمن أولويات هذه الإدارة المساهمة في زيادة انسيابية المرور في شوارع المملكة وليس بمضاعفة عدد المخالفات المضبوطة.

إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"

العدد 2332 - الجمعة 23 يناير 2009م الموافق 26 محرم 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً