العدد 402 - الأحد 12 أكتوبر 2003م الموافق 15 شعبان 1424هـ

شباب تحدّوا النساء واحتكروا المطبخ

المجالات والاعمال والمهن اختلطت، فلم يعد هناك مجال للرجال فقط ومهن للمرأة وحدها، فقد تبادل الاثنان المواقع في كثير من الاعمال والدليل على ذلك أن اشهر الطهاة ومصممي الازياء من الرجال، وان المرأة نجحت في الهندسة والأمن.

فالطهو مثلا اصبح فنا، ولم يعد قاصرا على المرأة، فالرجل اصبح خبيرا في هذه الصنعة، وربما احتلت المرأة مكانة تالية.

في هذا التحقيق الطريف يحدثنا الطباخون الشباب، الذين تحدوا النساء في تزيين الطعام عن أعمالهم وشرحوا اسباب سطو الرجل على مهنة الطبخ وسجلوا اعترافاتهم:

الطهو جزء من المسئولية

- محمد حسن (شيف) ارتبط تعلم الطهو لديه بتحمل المسئولية جزئيا، إذ كان عمل والدته في هذا المجال دافعا له لتعلم الطهو، حتى يخفف عن كاهلها بعض الشيء وقد كان وبصرف النظر عن الدوافع والأسباب يشعر بأن الطهو مهارة وفن يكسب الانسان - رجلا كان او امرأة - الكثير ليتعلمه، ولكنه اعتبر الطهو مساحة تتميز بها المرأة وشكلا من اشكال تعبيرها عن حبها لأسرتها.

واضاف الشيف محمد قائلا: «لم أأسف اطلاقا على هذا الاختيار وكنت دائما اعتقد أن تحضير الطعام الجيد ليس عملية سهلة على الاطلاق بل انه عبارة عن مجازفة او مخاطرة».

- اما فيصل علي (مساعد طباخ)، يعمل في هذا المجال منذ سنتين، فيقول: الناس يجدون الوجبة جاهزة على طاولاتهم في البيوت، ولكنهم لا يعرفون كم من الوقت استغرق تحضيرها، وما الاحاديث التي تدور بين جدران المطابخ بين رئيس الطباخين ومساعديه، ثم ان هناك عالما كاملا بكل أجوائه وحياته هو عالم الطبخ وقلما يعرف الناس عنه شيئا، وانا اعتبر ذلك المتعة الحقيقية في المطبخ.

ويضيف فيصل قائلا: بالنسبة الي عملية الطبخ والتفنن في صنع الاكل او تحضيره هما حياتي، وقد احببت مهنتي بكل شغف، وهناك لحظات رائعة عشناها معا، انا وفريق الطباخين الذي يحيط بي وهناك طبعا لحظات أقل روعة أو لحظات صعبة.

مهنة لا تتحملها المرأة

الشيف عبدالله حسين حاصل على دبلوم في الطبخ ويعمل في هذه المهنة منذ 3 سنوات، لا يطبخ في بيته الا عندما يريد ان يستمتع بالأكل، وكان يطبخ قبل ان يتزوج لكنه لم يعد يطبخ في بيته بل يتذوق طبخ زوجته من دون توجيه اي انتقادات إلى طبخها لانه متزوج جديد ولا يريد ان يهبط معنوياتها.

يعمل الشيف عبدالله حوالي 10 ساعات يوميا، ويعتقد ان هذه المهنة تحتاج إلى ضغط شغل قد لا تتحمله المرأة، لذلك فالرجال اقدر عليها ولا يعتقد ان الرجل أخذ دور المرأة في هذه المهنة فالمجال مفتوح للرجل والمرأة.

يوافقه في هذا الرأي زميله الشيف عبدالرحمن العربي الذي يعمل في هذه المهنة منذ 5 سنوات بعد دراستها في أحد مراكز التدريب، فيقول: الرجل لديه القدرة على التحمل اكثر من المرأة ويمتلك الرجل حسن التذوق بينما المرأة يعتمد طبخها على المزاج، فمثلا بعض الاشياء ينجزها الطباخ في نصف ساعة بينما السيدة تستغرق طوال النهار في الاشياء نفسها واحيانا لا تتفنها.

مهنة للعيش

اما عصام باقر، (مساعد شيف) يعمل في هذه المهنة منذ 6 شهور وحاصل على دبلوم فندقة، فاعتبر ان الرجل لم يقتحم مهنة الطبخ وانما هي مهنة يتعيش منها وانه عندما يوجه إليه انتقاد في احدى طبخاته فانه يحاول تطويرها والاستفادة من الانتقاد.

واضاف عصام قائلا: الحمد لله عملي مساعد شيف يدر عليّ الخير الوفير الذي يمكنني من فتح بيت وتكوين عائلة، وهذا ما يجعلني سعيدا بمهنتي.

مهنة متوارثة

محمد حسين (صاحب مطبخ): ورث حب عمله هذا من عمه الذي كان يطبخ في البيت ويتصدر لـ «العزايم» وخصوصا ايام محرم وفي الاعراس، إذ اعتبر محمد عمه مثه الاعلى في الطبخ والتعلم.

واكد محمد أن الطباخين الرجال اخذوا دور السيدات بجدارة، إذ ان الطاهي يتفوق على السيدة بقدراته وخبراته والرجل له بال طويل لأنه يعطي المهنة اهتماما حتى يصل إلى مرحلة الابداع في الاكل، بينما تتحلى ست البيت بالمزاج الذي يلعب دورا في جودة الطعام.

طرفة من مطبخ الرجال

عن اطرف موقف حدث له في هذه المهنة روى لنا الشيف علي جاسم صاحب مطبخ، انه «في بداية عملي في هذا المجال في احد الفنادق وخلال شهر رمضان، كان لابد ان نعد وجبة فطور للسياح الاجانب، فجاءت سيدة ومعها طفلان الساعة السادسة صباحا لتناول الفطور.

فقلت: اننا صيام ونخدم من ليسوا صياما، ظنا مني ان السيدة والاطفال لا يفهمون ما أقول باعتبارهم اجانب»، لكن السيدة كانت متزوجة من رجل عربي وفهمت ما قلته، فغضبت، وجزاء ذلك اوقفت عن العمل لمدة ثلاثة ايام بعد ان قدمت اعتذاري للسيدة.

علق الشيف علي جاسم على هذا الموقف بقوله: كان هذا الموقف العبرة التي بنيت على اساسها المطبخ الذي اديره حاليا.

نصيحة من ذهب

أحد الطباخين الكبار اصحاب الباع الطويل في هذا المجال يوجه كلامه إلى الشباب الذين يريدون احتراف مهنة الطبخ او الاشراف على الطبخ عبر «الوسط»، فيقول: فكروا كثيرا قبل الاقدام على مثل هذا العمل، فالمهنة ليست سهلة على الاطلاق، فاذا لم تكونوا تستطيعون تحمل الاهانات والتوبيخات فلا تدخلوا عالم الطبخ والطباخين.

واضاف أن المطبخ صعب لا يرحم، ومن لا يحب مهنة تحضير الوجبات الشهية، ينبغي ألا يصبح طباخا مهما كان، إذ يمنع دخول الهواة هنا... ونصيحة ذهبية أضافها مختتما، قوله: حاول ان تحترم مواعيد العمل، ثم حاول ان تقرأ وتثقف نفسك، فالطباخ لا ينبغي ان يكون جاهلا.

من خلال هذا التحقيق تبين لنا أن هناك تزايدا كبيرا في عدد الشباب البحرينيين الذين يمارسون مهمة الطبخ، ففي المطاعم والفنادق، تلك الاعمال التي كانت وقفا على المرأة لزمن طويل، لكن مع ذلك ما زالت هذه الظاهرة متأرجحة بين كفتين في المجتمع البحرين، فالبعض يتقبلها والبعض الآخر يرفضها

العدد 402 - الأحد 12 أكتوبر 2003م الموافق 15 شعبان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً