قال المدعي العام في طهران عباس جعفري دولت آبادي أمس (الإثنين) إن طهران ألقت القبض على عدد من الأشخاص بسبب واقعة تمزيق صورة مؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية الإمام الخميني أثناء احتجاجات مناهضة للحكومة الأسبوع الماضي.

وأعلن جعفري عن الاحتجازات بعد يوم من توجيه المرشد الأعلى الإيراني السيد علي خامنئي تحذيرا شديد اللهجة للمعارضة المؤيدة للإصلاح متهما إياها بخرق القانون بإهانتها الزعيم الراحل. ونقلت وكالة الطلبة الإيرانية للأنباء عن جعفري قوله للصحافيين «تم التعرف على الناس الذين كانوا في المكان (الذي جرى تمزيق صورة الخميني فيه)». وأضاف أن السلطات قامت بعمليات اعتقال أحدها جرى في اليوم الذي شهد التجمعات الطلابية دون أن يذكر أي أعداد أو أسماء. وقال «كلهم في الحجز وأحدهم اعترف».

كما نقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية عن المدعي العام قوله «لن تكون هناك رأفة مع من أهان مؤسس الثورة». وأضاف «إذا ظن البعض أن وراءهم بعض المؤيدين وأنهم لن يمثلوا (أمام العدالة) فهذا تفكير خاطئ».

وفي تطور متصل، قال رجل دين يمثل خامنئي في الحرس الثوري إن السلطات تهاونت مع المعارضة الإصلاحية ووسائل إعلامها فيما سبق. ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية عن مجتبى ذو النور قوله «لو كنا كسرنا أقلام كتابهم ونصبنا المشانق لما كانوا هاجموا معتقداتنا بهذه الطريقة».

ونقلت وكالة أنباء العمال عنه القول «إن أعداء الدولة الإيرانية غاضبون الآن ويريدون أن ينتقموا من خلال إهانة مقدسات البلاد».

وبدوره، وصف الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد معارضيه بأعداء إيران وأنهم عملاء للدول الأجنبية. في المقابل، دعا رئيس الوزراء الإيراني السابق مير حسين موسوي إلى مواصلة حركة الاحتجاج على الحكومة التي طالبها بوقف «العنف» لتجنب إضفاء طابع متشدد على حركة الاحتجاج، كما أورد أمس موقع انترنت قريب من المعارضة. وقال موسوي كما نقل عنه موقع راه سبز «لدى الناس الحق في طرح أسئلة (...) يجب عدم التحرك ضدهم بالقوة. لو قدمنا أجوبة عن أسئلتهم ولو لم يتم التحرك ضدهم بالعنف، لما كنا شهدنا بعض الأعمال» التي تهدد أسس الجمهورية الإسلامية. وأضاف أن «الشعب ينتظر أن نضع حدا للأجواء البوليسية، لأن التشدد يزداد في مثل هذا الجو».

وأدانت إيران الاثنين «التصريحات غير المنطقية» التي أدلى بها الرئيس الأميركي باراك أوباما وأشاد فيها بالمتظاهرين المناهضين للحكومة الإيرانية أثناء تسلمه جائزة نوبل للسلام الأسبوع الماضي. وصرح وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (ايرنا) «بعد تصريحات أوباما غير الناضجة عن الانتخابات الإيرانية، منعه الخبراء الواقعيون من الإدلاء بمثل هذه التصريحات الخاطئة التي تعتبر تدخلا في الشئون الداخلية لفترة من الوقت». وتدارك «إلا أن الرئيس الأميركي استأنف تصريحاته غير المنطقية لأنه يعاني تخبطا في تحليله للوضع».

كما صرح متقي بأنه من المقرر محاكمة ثلاثة مواطنين أميركيين، محتجزين منذ أكثر من خمسة أشهر، بتهمة «التجسس». وقال للصحافيين إن القضاء سيتعامل مع قضية الثلاثة، حيث يتم إجراء محاكمة لهم وإصدار أحكام بحقهم، دون الكشف عن مزيد من التفاصيل. وقال متقي في مؤتمر صحافي بثت قناة «برس تي في» الإيرانية وقائعه مباشرة إن «استجواب هؤلاء الأميركيين الثلاثة الذين دخلوا إيران في شكل غير قانوني لأهداف مشبوهة يتواصل. ستجرى محاكمتهم وسيصدر حكم».

وأعلن وزير الخارجية الإيراني أن طهران «لا تصر» على تبادل 400 كلغ من اليورانيوم الضعيف التخصيب الذي تملكه بالوقود النووي اللازم لتشغيل مفاعل الأبحاث في طهران. وقال كما نقلت عنه الوكالة الرسمية للأنباء أن «الجمهورية الإسلامية لا تصر على تطبيق اقتراحها بتبادل 400 كلغ من اليورانيوم في جزيرة كيش (في الخليج)» بكميات من الوقود لمفاعل الأبحاث في طهران. وأضاف «تم طرح هذا الاقتراح خلال محادثات ثنائية مع بعض الأطراف. إنه بادرة حسن نية للخروج من المأزق». وتابع «لا نصر على (تطبيق الاقتراح). أردنا أن نفتح لهم طريقا. كانت فرصة، لا يمكننا الإصرار لكي يقبلوا بها».

من جهته، أكد مستشار البيت الأبيض للأمن القومي الجنرال جيمس جونز في مقابلة نشرت أمس أنه يبقى أمام إيران شهر واحد لتبدل موقفها في ما يتصل بملفها النووي، وذلك تحت طائلة فرض عقوبات دولية جديدة عليها. وردا على سؤال لصحيفة «لو فيغارو» بشأن موقف روسيا من إمكان فرض عقوبات جديدة على طهران، قال جونز إن روسيا «كانت متفهمة تماما (...) لصبرنا، لكنها تفهم أن هذا الصبر يكاد ينفد وأنه سيكون هناك تغيير في غضون شهر، لا أكثر، إذا لم يتخذ الجانب الإيراني أي موقف». وأضاف مستشار الرئيس الأميركي باراك أوباما «قلنا دائما إنه في نهاية العام ستحين لحظة الحكم على الاتجاه الذي ترغب إيران في سلوكه».

وفي لندن، لندن أكدت صحيفة «تايمز» أن إيران تقوم بانشطة تهدف إلى إجراء تجارب على عنصر رئيسي يدخل في تصنيع قنبلة نووية، مستندة إلى وثيقة إيرانية. وقالت الصحيفة إن «الوثيقة التي تتصل بمشروع عسكري نووي يعتبر أحد المشاريع الأكثر حساسية في غيران، تصف خطة مدتها أربعة أعوام لتجربة (...) عنصر قنبلة نووية يؤدي إلى إحداث انفجار».

وأضافت أن مصادر عدة داخل وكالات استخباراتية لم تكشف هويتها حددت تاريخ الوثيقة بـ «بداية 2007، اي بعد أربعة اعوام من التعليق المفترض من جانب إيران لبرنامجها للتسلح». والوثيقة التقنية التي كتبت بالفارسية «تصف استخدام هذا العنصر المكون من الهيدروجين واليورانيوم». وقال خبراء للصحيفة إن أي استخدام مدني أو عسكري لا يبرر خطوة مماثلة إلا إذا كانت غايتها تصنيع سلاح نووي. وأوضحت أن هذا النوع من اليورانيوم يدخل في تكوين القنبلة النووية في باكستان.

واضاف الخبراء للصحيفة البريطانية أن هذه المعلومات هي المؤشر الأهم المتوافر حتى الآن إلى أن إيران تواصل برنامجها النووي العسكري. وقال الفيزيائي ورئيس معهد العلم والأمن الدولي اديفيد اولبرايت «قد تؤكد إيران أن هذه الأبحاث تنطوي على أهداف مدنية، ولكن ليس ثمة أي تطبيق مدني. إنه مؤشر كبير إلى (إجراء) أبحاث على أسلحة». وتابعت الصحيفة أن الوثيقة تشرح كيفية إجراء تجارب من دون ترك «أثار من اليورانيوم» قد يرصدها العالم الخارجي.

من جانب آخر، قالت وزارة الخارجية الأميركية الاثنين إن اجتماعا كان من المقرر عقده لممثلين عن الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا بخصوص برنامج إيران النووي لن يعقد هذا العام، بسبب صعوبات في تحديد الموعد.