الأعياد الوطنية لا يجب أن تمر على الحكومات والشعوب مرّ السحاب، فهي محطات مهمة يجب التوقف عندها مليا، والتأمل في كل ما من شأنه مصلحة الأوطان.

والبحرين احتفلت قبل أيام بعيدها الوطني المجيد، ولا يمكن أن يكتمل الاحتفال بهذا العيد من دون أن نحوّله حكومة وشعبا إلى محطة تأمل نحسب فيها الأرباح والخسائر، فإذا كان الوطن رابحا، فنشد على أسباب ربحه، وإن كان الوطن خاسرا فنشحذ الهمم لدعمه ودفعه، حكومة وشعبا يدا بيد.

أعتقد أننا بالإضافة إلى إبراز صورة الوطن المشرقة والاحتفال بإنجازاته العظيمة، يجب أن لا نغفل الجوانب التي تحتاج إلى إصلاح وتطوير، فذلك هو الاحتفال الحقيقي الذي يجب أن يدركه المسئولون في مختلف وزارات الدولة ومؤسساتها.

الفساد الإداري والمالي أمر يجب أن لا ندير الظهر عنه في مثل هذا اليوم، لأن عيد الوطن لا يعني إبراز جماله ومحاسنه فقط، وإنما تضميد جراحاته أيضا، والفساد الإداري والمالي هو جزء من جراحات هذا الوطن، والحكومة والشعب والبرلمان مطالبون جميعا للوقوف هذا اليوم ليعاهدوا بعضهم بعضا على كشف خبايا الفساد بجرأة أكبر، وإن تناول القضاء في البحرين بعضا من قضايا الفساد، مثل قضية بنك الإسكان، وقضية ألبا، وأخيرا قضية فساد إدارة السياحة وغيرها، إلا أن الأمل في عيد الوطن أن تتكشف ملفات الفساد الكبرى التي تنخر في العظام نخرا، فما تم كشفه هو غيض من فيض، وقطرة من بحر خضم قد يغرق فيه الوطن يوما من الأيام.

البعض ممن تلطخت أيديهم بقضايا الفساد، تم ضبطهم وهم ينهبون الوطن نهب قطَّاع الطرق لعابري السبيل، ولكنهم أُخرجوا من مواقعهم ومناصبهم وماء وجوههم محفوظة ومصانة، ولم تُخدش كرامتهم وعزّتهم بشيء فهم منعَّمون مكرَّمون تحت شعار التقاعد المبكر، هذا فضلا عن من هم لا يزالون ينهشون في لحم الوطن نهش السباع لفريستها، غير مكترثين بأحد، وعندما يحتفل الوطن بعيده تراهم في مقدمة المحتفلين، وهم أكثر الناس فقرا للوطنية التي يتسترون من خلفها ليغرسوا خناجرهم المسمومة في فؤاد الوطن.

ما أجمل أن نحتفل جميعا بعيد الوطن، حاملين شعار إصلاح الوطن، وتطهيره من براثن الفساد والمفسدين، الذين يزايدون على وطنية الآخرين حتى تصفو وتخلو لهم الأجواء، فلا رقيب ولا حسيب لهم فيما يفعلون، وكل عام والبحرين بخير.