العدد 2335 - الإثنين 26 يناير 2009م الموافق 29 محرم 1430هـ

يستحيل مهاجمة إيران...حماس باقية وحزب الله غيّر المفاهيم

المسئول السابق بالمخابرات الأميركية روبرت باير:

أكد أحد كبار المسئولين السابقين بوكالة المخابرات الأميركية روبرت باير، أن «إسرائيل» ستمارس ضغوطا متواصلة على الرئيس الأميركي باراك أوباما لمهاجمة إيران ومرافقها النووية، وهو ما رفضته واشنطن حتى الآن، وأن حركة «حماس باقية» رغم الحرب على غزة، كما أن حزب الله في لبنان غير المفاهيم القائمة.

وتناول روبرت باير، مؤلف كتاب «الشيطان الذي نعرفه: القوة الإيرانية العظمى الجديدة» في مقابلته مع وكالة «انتر بريس سيرفس» (آي بي اس)، تناول تداعيات حرب غزة، على كل من الحرس الوطني الإيراني و»حماس» وحزب الله، «ثلاثة من كبرى الجماعات في الشرق الأوسط التي سميت «منظمات إرهابية».

وفيما يلي أبرز ما ورد في مقابلة مسئول المخابرات الأميركية السابق مع وكالة آي بي اس:

*آي بي اس: يعتقد محللون سياسيون أن الحرب التي شنتها «إسرائيل» على «حماس» في غزة بعد عامين ونصف عام من حربها على حزب الله في لبنان، هي جزء من خطة أكبر تنتهي بالهجوم على مرافق إيران النووية. هل تسير «إسرائيل» في هذا الإتجاه؟

- روبرت باير: كلا. أعتقد أن هناك «فيتو» عسكري (أميركي) على مهاجمة إيران. بكل بساطة، ليس هذا ممكنا.

*آي بي اس: لماذا يعتبر ذلك مستحيلا؟ روبرت باير: لسبب واحد. فنعرف أنه سيكون هناك مفاعلا (نوويا) إيرانيا في الخليج. إيران لن تُهاجم كحماس وترد محليا. سترد دوليا. لا خيار أمامها دون ذلك. في هذا تكمن قوتها الرادعة. من المهم تعلم الكثير من الدروس عندما يتعلق الأمر بإيران.

إذا اطلعت على الموقع الشبكي للحرس الوطني الإيراني، لرأيت الدروس التي تعلموها من الحرب بين إيران والعراق. هذه الحروب هي حروب إنهاك (استنزاف حروب تستمر إلى الأبد، ولا يمكن كسبها وخاصة ضد الولايات المتحدة. وبالتالي فقد طوروا قدرة على الحرب ألاّ متماثلة، حرب العصابات، وهي الفعالة جدا.

لقد انضم عدد من أفضل الأدمغة في إيران لـ«باسداران» (حرس الثورة) ولم يكونوا متعصبين بالضرورة. بل ويمكن القول إنهم كانوا إلى حدٍ ما قوميون.

وبحسب خبرتي، هؤلاء الناس في باسداران ربما هم على المستوى التشغيلي (العمليات)، المفكرون الأكثر كفاءة استخباريا، وقوة في حرب العصابات، بل وسياسيا في الشرق الأوسط، بما في ذلك «إسرائيل» والأردن. إنهم يعرفون جيدا ما يفعلون، ولا ينطبق عليهم بوضوح أي مفهوم سياسي في إيران.

*آي بي اس: هل تعتبر إذن أن احتمال قيام «إسرائيل» بهجوم محدود على المرافق النووية الإيرانية غير وارد؟. ولاسيما بعد ما علمنا مؤخرا من مقالة في جريدة نيويورك تايمز، بأن قادة «إسرائيل» طلبوا في العام الماضي من الرئيس جورج بوش القيام بمثل هذا الهجوم، لكنه اعترض ورفض.

- روبرت باير: هذا الاحتمال غير وارد على الإطلاق. حتى بوش فهم ذلك. نيويورك تايمز صائبة في قولها إن بوش اعترض على الهجوم الإسرائيلي. ويرجع ذلك بكل بساطة إلى توازن القوة في الشرق الأوسط بين الولايات المتحدة وإيران، توازنا متكافئا. لا أقصد أنه متكافيء في الطائرات والدبابات والغواصات، وإنما في احتكار العنف، فهما يتساوان في هذا.

لاشك في تساويهما. يمكننا قصف طهران، ولكن إلى إين يقود ذلك؟ إلى لا شيء. إنه مثل قصف «إسرائيل» لمنشأة تابعة منشئات الأمم المتحدة في غزة. ما الذي حصل عليه الإسرائيليون من وراء ذلك؟ لا شيء. نعم في إمكانهم تدميره، ولكن ما الذي سيحصلون عليه في المقابل؟. «حماس» سوف تبقى...

يمكنك قصف كل القواعد العسكرية في إيران لمدة أسبوعين، لكن إيران لاتزال موجودة، ولا تزال لديها القدرة على تسليط قوتها، على تسليط إرادتها، بل وربما الخروج بقوة أكبر من مثل هذا النوع من النزاع.

كما أن قوة إيران اقتصادية وهائلة أيضا. ولن يؤثر سعر النفط على الإطلاق، لأن فكرة تسليح حزب الله أو مساندة «حماس» في دمشق، لا تعني شيئا من الناحية المالية.

*آي بي اس: أشار أوباما تكرارا إلى إمكانية التباحث مع قادة إيران وتغيير السياسة الخارجية الأميركية. ما هي إمكانيات أن يساهم تعيين دينيس روس مستشارا رئيسيا للشئون الإيرانية في تحقيق هذه الوعود؟.

- روبرت باير: دينيس روس. المهم أن تكون «إسرائيل» مرتاحة له. فإذا تم التحاور مع إيران، فإنهم «إسرائيل» يعلمون أنه لن يخونهم. أقصد أنهم اختبروا هذا الرجل لسنوات طويلة. (دينيس روس) يهودي، وكان دائما نزيها مع الإسرائيليين. وتمشى مع مشروعاتهم، حتى الجنونية منها. فإذا فُتح الحوار، يعلم الإسرائيليون أنه لن يفاجئهم.

لو كان أوباما أحضر شخصا جديدا، أستاذا من جامعة هارفارد لا يعرفه الإسرائيليون، لكانوا سيجمدوه على الفور.

*آي بي اس: على ضوء مواقف دينيس روس تجاه قضايا معينة في الشرق الأوسط بالأخص إيران على مدى العقد الماضي، هل سيكون أوباما قادرا على اتباع مسار جديد للسياسة الخارجية في المنطقة؟

- روبرت باير: أوباما يحتاج لمساندة الحزب الديمقراطي لتسيير سياسته، ولهذا السبب أحضر أشخاصا مثل دينيس روس وديني بلير مدير المخابرات الوطنية، بكل بساطة لأنه يحتاج إلى هذه المساندة السياسية.

أوباما لا يستيطع الإتيان بأشخاص لم يسبق اختبارهم، ووضعهم أمام الحزب الديمقراطي، لأنه لو جرى انفتاح مع إيران سيكون ذلك بتواطؤ مع «إسرائيل»، ربما تواطؤ صامت، بأن يغض الإسرائيليون النظر عنه.

في السياسة الأميركية، لا يمكنك أن تفعل شيئا من دون موافقة تل أبيب، إلى مستوى معين على الأقل. هذا مستحيل. لا أستطيع أن أتصور أي بلد مرهون إلى هذا الحد بدولة صغيرة مثل هذه أو حتى بقوة عظمى، على مدى التاريخ كله. أعجز حتى عن التفكير في ذلك.

*آي بي اس: لماذا؟

- روبرت باير: أنظر إلى مدينة نيويورك. أنظر إلى كبرى الصحف. كلها تتبنى أجندة صهيونية. هذا أمر واقع، أنا لست يهوديا، أنا لا أكترث بالإسرائيليين. ولست مناهضا للسامية. أنا أتحدث عن أمر واقع. لقد اقترحت على ناشري تأليف كتاب عن «إسرائيل»، فقال لي إنس ذلك.

لا يمكنك التحدث عن حقيقة «إسرائيل». المكان الوحيد الذي يمكنك أن تتحدث فيه عن حقيقة «إسرائيل» هو «إسرائيل». هناك يقولون لك أشياء يستحال أن تسمعها في الولايات المتحدة.

*آي بي اس: مثل ماذا؟

- روبرت باير: مثل القول بأن غزة سجن. لن تقرأ ذلك أبدا على صفحات نيويوك تايمز. أنظر إلى «نيويورك تايمز»، إنها تكاد تكون امتدادا لـ»إسرائيل».

*آي بي اس: ما هي تداعيات حرب غزة على مستقبل العلاقات بين «إيران» وإسرائيل والولايات المتحدة؟ هل دمر الهجوم الأخير «حماس»؟.

- روبرت باير: كلا، هذا مستحيل. حماس هي فكرة، لا منظمة، حماس فكرة، ولو ذهبت «إسرائيل» وأرغمت 1,5 مليون شخص على الذهاب إلى مصر، فلن تقهر غزة. يمكنهم (الإسرائيليون) أن يذهبوا ويذبحوا القادة ويسجنوا 10,000 فردا... حماس ستخرج أكثر قوة، والخاسرة ستكون «فتح».

*آي بي اس: ما هي الخواص الأساسية للتصرفات العسكرية والسياسية لحماس وحزب الله؟

- روبرت باير: لقد أعادا صياغة مفهوم الحرب جغرافيا. فكون حزب الله قد حفر الخنادق واستخدم تكنولوجية الألياف البصرية كوسيلة للاتصال، يبرهن على مدى تطور أساليبها.

ما هو الجيش الذي يستخدم هذه الوسائل في أي مكان في العالم باستثناء حزب الله؟ لا يمكنك اختراقها، لا يمكنك أن تفعل أي شيء.

أنظر إلى زعيم حزب الله حسن نصرالله وإلى سياساته الإسلامية التي أعاد تعريفها، لأنه دخل في تحالف مع المسيحيين. بن لادن يريد قتل المسيحيين إذا جاز القول، لكن نصرالله ينظر إلى إليهم كحلفاء

العدد 2335 - الإثنين 26 يناير 2009م الموافق 29 محرم 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً