العدد 2335 - الإثنين 26 يناير 2009م الموافق 29 محرم 1430هـ

الإعلامي القطري عبدالملك: هيئات التلفزة بحاجة إلىالأخذ بالأفكار الجديدة

شارك في «ورشة عمل الإعلاميين الديمقراطيين في العالم العربي» وأكد أن وسائلنا الإعلامية طاردة للكفاءات الخليجية...

أكد الإعلامي القطري أحمد عبدالملك أن الكثير من الوسائل الإعلامية الخليجية طاردة للكفاءات الخليجية، وقال: «عندما تتأهل هذه الكفاءات وتصل إلى مرحلة النضج تحال إلى التقاعد أو يتخذ بحقها أي شكل من أشكال الإقصاء».

وأرجع عبدالملك السبب وراء محاربة الكفاءات الخليجية إلى أن هذه الكفاءات قد تتفوق على المسئولين في وسائلنا الإعلامية الرسمية الذين غالبا ما يُعيّنون بشكل سياسي وليس بسبب كفاءاتهم في هذا المجال. وقال: «إن ذلك ما يفقد هذه المؤسسات الصدقية كما يفقدها مسألة «دمقرطة» الإعلام في دولنا».

وأضاف في لقاء على هامش ورشة عمل «الإعلاميين الديمقراطيين في العالم العربي» التي عقدت في صحيفة «الوسط» ما بين 24 و25 يناير/كانون الثاني الجاري : «أن هيئات التلفزة في الدول الخليجية بحاجة إلى مراجعة حساباتها فيما يتعلق بالأخذ بالأفكار الجديدة والبحث عن معدين ومقدمين يلائمون المرحلة الحالية في الإعلام وعدم الاعتماد على المعدين القدامى الذين لم يسعفهم الحظ للاطلاع على التجارب الحديثة».

وفيما يلي نص اللقاء:

* كيف تقيّم الإعلام الخليجي بشكل عام، وهل ترى أن هذا الإعلام استطاع أن يستفيد من الثورة المعلوماتية والتطور التقني بشكل مرضٍ؟

- أعتقد أن هناك شقين لهذا السؤال، الشق الأول يتعلق بـ«Software»، فالدول الخليجية استطاعت أن تستقطب التكنولوجيا المتطورة حتى أن بعض الدول الخليجية استطاعت أن ترسل أقمارا اصطناعية، بالتالي فإن هذا الجانب لا غبار عليه فن ناحية تحويل أنظمة البث من أنالوج (Analog) إلى ديجتال (Digital) وما تبع ذلك من استخدام التقنيات المتطورة.

الجانب الآخر مرتبط بالتطور في البرامج المقدمة وهذا الجانب يعاني من قصور شديد، ونحن في الدول الخليجية للأسف الشديد نعاني من تراجعات وخصوصا ما يتعلق بالإذاعة والتلفزيون من الملاحظ أن موجات الـ «F.M» بدأت تطغى على المحطات الأم التي أنشئت قبل 40 سنة وأكثر، فبالتالي من الممكن الحكم على الجانب البرامجي بأنه ضعيف وخصوصا في ظل التنافس الفضائي في العالم واستنباط برامج وأفكار جديدة.

أعتقد أن هيئات التلفزة في الدول الخليجية بحاجة إلى مراجعة حساباتها فيما يتعلق بالأخذ بالأفكار الجديدة و البحث عن معدين ومقدمين يلائمون المرحلة الحالية في الإعلام وعدم الاعتماد على المعدين القدامى الذين لم يسعفهم الحظ للاطلاع على التجارب الحديثة.

* ما هي برأيك المعوقات التي تقف دون الأخذ بالأفكار الجديدة، ولماذا مازال الإعلام الخليجي وخصوصا المرئي منه يعتمد على العناصر العربية؟ هل أن ذلك بسبب غياب الكفاءات الخليجية في هذا المضمار؟

- أعتقد أن الكثير من الوسائل الإعلامية الخليجية طاردة للكفاءات الخليجية، وللأسف عندما تتأهل هذه الكفاءات وتصل إلى مرحلة النضج تحال إلى التقاعد أو يتخذ بحقها أي شكل من أشكال الإقصاء وذلك للأسف لا يوجد إلا في الدول الخليجية، فنحن نجد مثلا أن المذيع الأميركي الفذ وولتر كرونكيت ظل يظهر على الشاشة إلى أن وصل عمره إلى أكثر من 70 سنة ولذلك أرى أن السبب الرئيس في ذلك هو محاربة الكفاءات الخليجية التي قد تتفوق على المسئولين في هذه الهيئات بسبب أن المسئولين يُعيّنون بشكل سياسي وليس بسبب كفاءاتهم في هذا المجال وذلك ما يفقد هذه المؤسسات الصدقية كما يفقدها مسألة «دمقرطة» الإعلام التي نتحدث عنها في هذه الورشة.

الأمر الآخر هو عدم وجود خطط لتدريب الإعلاميين الشباب، نحن نأتي بالشباب ونزج بهم أمام الكاميرا من دون أن نعلمهم ما هي ثقافة الحضور على الشاشة أو حتى من دون أن ندخلهم في دورات في الثقافة العامة، فنحن نرى مذيعين ومذيعات للأسف يفتقدون إلى الكثير من المواصفات الضرورية، ولدي أكثر من كتاب في هذا الموضوع ناهيك عن الإلمام باللغة العربية فنحن نرى العديد من البرامج تتم باللهجة العامية ونستقطب مذيعات من سوريا ولبنان ومصر وأحيانا من المغرب وهؤلاء يتحدثن بلكنة محلية ففي اليوم الواحد نحن نسمع خمس إلى ست لهجات وحتى الأطفال الذين يشاهدون هذه البرامج يحدث لديهم نوع من التشويش فيما يخص تقبل اللغة، وأنا لا اعرف لماذا يكره المذيعون اللغة العربية، أعتقد أن شرط إتقان اللغة العربية شرط أساسي في تعيين المذيعين.

فيما يخص الشق الأول من السؤال فإنني أرى أن ذلك يعود إلى أن مؤسساتنا الإعلامية أصبحت طاردة للكفاءات الوطنية الجيدة وتأتي من الخارج بكفاءات رديئة أو متواضعة وتمنحها ضعف ما تمنح المواطن من مخصصات، وللأسف حتى المحطات الخاصة التي يمتلكها الخليجيون لا تستقطب الخليجيين المؤهلين نظرا للعوائق السياسية، فمثلا يمكن استقطاب الكفاءات التي تستبعد من المحطات الرسمية بسبب أو لآخر لا علاقة له بالكفاءة، من الممكن أن تستقطب هذه الكفاءات في المحطات الخاصة ولكن العامل السياسي يتدخل في هذه القضية.

* لو أخذنا تجربة قناة «الجزيرة» وبالرغم من المآخذ عليها، ألا ترى أن هذه القناة استطاعت أن توجد لها مكانا في الإعلام العالمي ويمكن أن تشكل مدرسة منفردة يمكن الاستفادة منها؟

- أنا لا أختلف مع هذه النظرة، فالمآخذ على القناة لا تتحدث عن المهنية، فهم يطبقون منظومة القيم الإعلامية، ولكنني أتحدث عن المقارنة بين ما يدفع للصحافيين في هذه المؤسسة وما يدفع لنظرائهم في المؤسسات الأخرى كتلفزيون وإذاعة قطر، وهذا مطلب يطالب به العديد من الإعلاميين، حاليا لست في الإعلام فإنني متقاعد ولكن أطالب لزملائي أن يكون هناك نوع من التقدير أو التوازن في قضية إعطاء وتشجيع الشباب المقبلين على العمل في الإذاعة والتلفزيون بحوافز لتشجيعهم حتى يجدوا في عملهم.

* فيما يخص القنوات الرسمية الخليجية، هذه القنوات بقيت جامدة لسنوات طويلة فهل ترى أن هناك أفقا لتطوير هذه القنوات أم أنها ستظل كذلك إلى الأبد؟

- دائما ما أقول أن القنوات الرسمية ليست جامدة فقط وإنما هي تتأخر، لدي شواهد على أن الكثير من المحطات الخليجية لم تكن كما كانت في الثمانينيات، وكان من المفترض أن تتطور بشكل أكبر في ظل وجود الفضائيات، ولكن قد سحبها طوفان الفضائيات في السماء العربية وبقيت تمارس دور روتين الدولة البطيء جدا، على رغم أن المفترض أن تكون قافزة وتحفل بالكثير من التطورات، وخصوصا أنها تمتلك التكنولوجيا المتطورة، ولكن ما ينقص هذه القنوات الموارد البشرية الجيدة والبرامج الجيدة، كما أن القائمين على هذه القنوات لا يلتفتون لا إلى الدراسات العلمية في هذا المجال- وقد قدمت أكثر من دراسة في هذا المجال- ولا ينتبهون حتى إلى المقالات التي تقترح تطوير هذه الأجهزة، والأمر الثالث أن كثير من هذه المحطات لا تقبل البرامج الجادة التي من الممكن أن يقبل عليها الجمهور أو قد تنمي الوعي الجماهيري.

* كيف تنظر إلى الإعلام في دولة قطر، وهل ترى أنه يتمتع بحرية الرأي؟ وهل وصل إلى مرحلة المنافسة مع الإعلام في الدول الخليجية الأخرى؟

- نحن نتفق أن الإعلام الرسمي في جميع دول مجلس التعاون هو إعلام تابع للدولة، وبالتالي فهو يقع ضمن دولاب الدولة وضمن روتينها، وإعلام مثل هذا يصعب تطويره نظرا لارتباطات كثيرة وعلاقات متشابكة، فمثلا هناك محطة كويتية خرجت منذ سنتين تقريبا واستطاعت أن تستقطب أعدادا كبيرة من الجمهور في هذه الفترة البسيطة وأصبحت محطة مهمة في الخليج، أرى أنه لو سمح للمحطات الخاصة بالانطلاق بديمقراطية، ومن دون تحديد الأسماء التي سيعملون في هذه المحطات، سنصل إلى محطات جيدة، أما بالنسبة إلى الصحف، فمثلا كان في الكويت سابقا سبع صحف يومية، في حين توجد الآن ما يقارب من 15 صحيفة يومية نتيجة إصدار القانون الجديد، فلو سمح بإصدار الصحف لأكثر من جهة وبنفس جديد واستنادا إلى حرية التعبير التي يكفلها الدستور في البلدان الخليجية، فربما تكون هناك نقلة نوعية، ولكن أن تبقى القوالب جامدة كما هي وأن تبقى مجالس الإدارات كما هي فإن ذلك يعيق كثيرا.

الأمر الآخر هو أهمية تدريب الكفاءات للمنافسة في دول مجلس التعاون، وكثيرا ما حاولنا من خلال تلفزيون الخليج أن نعمل بعض الدورات ولكنها لم تكن كافية لاستيعاب جميع العاملين في الحقل الإعلامي، كما أن كليات الإعلام لا تحاول أن تفي باختيارات التنمية التي تنشدها بلداننا، فكليات الإعلام تسير في جانب ومتطلبات الإعلام تسير في جانب آخر وهذا ما جعل أقل من 20 في المئة من خريجي الإعلام يعملون في هذا الحقل في حين أن الباقي يتسرب إلى قطاعات أخرى، هذه إحدى إشكالاتنا، كما أننا، وأتحدث عن دولة قطر، هناك ضعف في الكادر الوطني العامل في الصحافة، فمثلا هناك في كل صحيفة 5 إلى 10 مواطنين يعملون فيها في حين أن الباقي من الوافدين وهذا يؤثر على الناتج النهائي في كل صحيفة وعلى الفكر الذي تقوده هذه الصحيفة وبالتالي فنحن نحتاج إلى رؤية جديدة تعتمد على تطوير الكفاءات البشرية من خلال التدريب كما نحتاج إلى حوافز جيدة لهذه الكفاءات

العدد 2335 - الإثنين 26 يناير 2009م الموافق 29 محرم 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً