دعا السيدعبدالله الغريفي الرموز والجمعيات والمتصدين للشأن السياسي إلى تحمل مسئولياتهم في الجانب التربوي، وألا تطغى السياسة على حساب التربية. وقال الغريفي إن مشكلتنا تكمن في الفصل بين الخطابين الروحي والسياسي، موجها حديثه إلى الجمعيات والرموز السياسية «عليكم أن تضعوا ضمن برنامجكم مسألة التثقيف والتربية كجزء أساسي من البرنامج السياسي، وخصوصا أن الخطاب السياسي اليوم هو الذي أصبح يستقطب الجماهير، كما هي الحال للرموز العلمائية التي هي في موقع المتصدي للتربية الروحية».
جاء ذلك خلال المحاضرة التي نظمها مأتم العجم الكبير بالمنامة مساء أمس الأول. كما أشار الغريفي إلى وجود أربعة مكونات أسرية محورية تساهم في صوغ المنظومة الدينية والخلقية والعقلية للطفل، أولها مستوى الاستقرار بين الزوجين، وأكد أن استقرار البنية الأسرية له انعكاس إيجابي على الطفل، منوها بان علماء النفس والتربية والشريعة يؤكدون الارتباط العضوي بين الاستقرار العائلي وتنشئة الطفل وحتى على مستوى اتجاهات الطفل السلوكية. أما البعد الآخر فهو مستوى الوازع الديني لدى الأبوين، وفي هذا الصدد أكد الغريفي أن «المنطق الطبيعي هو أن الأسرة المنحرفة تنتج أطفالا منحرفين، والعكس صحيح حتى مع استثناءات هذه القاعدة». أما البعد الثالث في الموضوع فيتمثل في مستوى الوعي التربوي لدى الوالدين، إذ أشار الغريفي إلى وجود أسلوبين متناقضين وخاطئين في كيفية التعامل مع الأطفال، وهما أسلوب «العنف والقسوة» والآخر هو «الدلال المفرط»، وكلاهما ينتجان أطفالا غير أسوياء. أما البعد الرابع والأخير فهو مستوى الرعاية التربوية «إذ إن درجة الوعي التربوي لدى الأبوين سيكون نتاجها ولدا صالحا، فعلى الآباء والأمهات أن يمارسوا دورهم التربوي بالشكل الصحيح»، وأردف الغريفي قائلا: «مع الأسف هناك بعض الآباء قد لا يمتلكون الفرصة الكافية لتعليم أبنائهم نظرا لظروف العمل أو غيره، ولكنه في الوقت ذاته يحجر عليهم الالتحاق بالدورات الدينية في المساجد أو الحسينيات، وهذه الفئة من الآباء والأمهات ينطبق عليهم حديث رسول الله (ص): ويل لأبناء آخر الزمان من آبائهم، لا يعلمونهم الفرائض وإذا تعلموا منعوهم».
وأوضح الغريفي أن هناك بعض الآباء والأمهات يتذرعون بان الابن اليوم لم يعد ملكا للأسرة، بل هو خاضع لمجموعة من التأثيرات المختلفة، فالإعلام بكل قواه والشارع والمدرسة والوسط الثقافي الذي يعيش فيه الطفل كلها عوامل تساهم في صوغ وتركيبة الطفل. وقال الغريفي إن هذا أمر مسلم به، ولا يمكن المجادلة فيه، ولكن بعض الآباء يتذرعون بذلك من منطلق التبرير للتقصير، وهناك من يتخذها مسوغا لتخلفهم في أداء مسئولياتهم التربوية تجاه أبنائهم وبناتهم حتى يبدو بعض الآباء مشلولي القدرة في ذلك، وسواء كان ذلك من منطلق التبرير أو التقصير، فكلا الأمرين يؤكدان مركزية الدور الذي تلعبه الأسرة للتقليل من تأثير المواقع الأخرى التي تبعد الطفل عن جادة الصواب، واستدرك الغريفي متسائلا «هل ان الأسرة مارست دورها التربوي بالشكل الصحيح في مواجهة الزخم المحيط بحركة الطفل في هذا المجتمع أم لا؟!»، معتبرا أن التربية المبكرة للطفل تمثل صمام الأمان في مواجهة المواقع المنحرفة التي يواجهها الطفل لاحقا. وفي ختام كلمته دعا الغريفي القائمين على المشروعات الثقافية والتربوية والإعلامية في المملكة إلى التنسيق مع العلماء لتمكين الخطاب التربوي من أن يستمد مبادئه من الشريعة الإسلامية
العدد 427 - الخميس 06 نوفمبر 2003م الموافق 11 رمضان 1424هـ