العدد 428 - الجمعة 07 نوفمبر 2003م الموافق 12 رمضان 1424هـ

إعادة النظر في «خريطة الطريق» وتشجيع الهجرة

شارون في موسكو:

حسين دعسه comments [at] alwasatnews.com

كشفت تقارير اعلامية عربية روسية معلومات عن زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون روسيا وانه في مستهل اجتماعه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خاطبه بلهجة فيها قدر كبير من التزلف والاطراء، لكنها كانت حافلة بالتباهي بقوة الدولة العبرية. فقال شارون: «اسرائيل تتمتع بالحق والقوة للدفاع عن نفسها بقواها الذاتية». وقال: نحن دولة صغيرة جدا لكنها تملك مواهب كثيرة. واضاف: «اسرائيل هي الدولة الوحيدة ربما المستعدة لتقديم التنازلات على رغم انها لم تخسر حربا واحدة». ويفسر المراقبون تباهي شارون بقوة دولته على انه رفض اسرائيلي للمقترح الروسي باصدار قرار عن مجلس الأمن الدولي يلزم الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي بتنفيذ بنود خطة «خريطة الطريق» وتحويلها من مجرد توصيات الى قرار ملزم. ويذكر ان حكومة شارون ترفض ان تلعب الامم المتحدة دورا محوريا في تسوية صراع «الشرق الاوسط». واصطحب شارون معه اشد اعضاء الحكومة الليكودية تطرفا وعداوة للعرب، وزير النقل افغيدور ليبرمان - المهاجر من روسيا مطلع الثمانينات - الذي دعا الى تدمير السد العالي في مصر بالصواريخ عقابا للقاهرة على وقوفها الى جانب الفلسطينيين، وطالب مرارا بترحيل الفلسطينيين الى الاردن.

وفي زيارته الثالثة لموسكو خلال فترة رئاسته لحكومة الليكود تقول صحيفة «الرأي» الاردنية في تقرير لمراسلها في موسكو: سعى رئيس الوزراء الاسرائيلي لثني موسكو عن طرح مشروع القرار على مجلس الأمن الذي تريده موسكو ملزما لواشنطن ولطرفي النزاع على حد سواء. في الوقت نفسه واصل «البولدوزر» الضغط على الكرملين لوقف التعاون النووي مع طهران. واعلن عضو في الوفد الاسرائيلي ان على روسيا ان تعامل طهران باعتبارها دولة «راعية للارهاب» وان تحذو حذو الولايات المتحدة في فرض العقوبات عليها بالتعاون مع الدول الاوروبية لمنع طهران من امتلاك السلاح النووي.

وعلى رغم ان روسيا تؤكد مواصلة تعاونها مع طهران في مجال الاستخدام السلمي للطاقة الذرية، ونوه مسئولوها في أكثر من مناسبة بان موسكو لن تتراجع عن مشروعاتها في ايران، فإن الروس يماطلون في تزويد مفاعل محطة بوشهر الكهروذرية الذي يوشك الخبراء على انجازه بالوقود النووي واعلن وزير الطاقة النووية الروسي عشية زيارة شارون ان عملية تزويد المفاعل بالوقود «يمكن ان تتم في العام 2006» في حين تأمل ايران في تشغيل المفاعل قبل نهاية العام 2004.

وتشير المصادر الى ان شارون فتح مجددا ملف التعاون العسكري بين موسكو ودمشق الذي لاحت بوادر استئنافه بعد زيارة نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام موسكو ربيع العام الجاري وكانت «اسرائيل» نجحت في تجميد صفقة صواريخ ارض جو من طراز (ايغلا) لسورية بذريعة ان دمشق تسعى لنقلها الى حزب الله في لبنان. يشار الى الجانب الروسي اوقف تنفيذ العقد بعد زيارة شارون السابقة موسكو صيف العام الماضي وسربت مصادر الوفد الاسرائيلي المرافق لشارون هذه المرة انباء عن ان رئيس وزراء الدولة العبرية عرض امام بوتين «معلومات مبنية على تقارير استخبارية تؤكد ان مقاتلين يتسللون من الاراضي السورية الى العراق مزودين بأسلحة روسية الصنع» كما ذكرت الصحف الصادرة في روسيا التي يمولها بارونات الاعلام المؤيد لـ «اسرائيل».

وتأتي الحملة الدعائية للصحافة «الاسرائيلية» في روسيا بالتساوق مع حملة الضغط السياسي الاميركية على دمشق ويرى خبراء روس بشئون «الشرق الاوسط» ان الجانب الدعائي وحملة التشويه والدس على سورية وايران، تمثل ركنا اساسيا من مباحثات شارون في موسكو التي يختتمها عادة زعيم الليكود بلقاء صاخب مع رؤساء المنظمات اليهودية والصهيونية في موسكو ويوجه الدعوة إلى من بقي من اليهود في روسيا للهجرة الى «ارض الميعاد» على رغم ان يهود روسيا يتحمكون اليوم في العتلات الاقتصادية والاعلامية ويؤثرون في صنع القرارات السياسية بدرجة لا تقل عن تأثير وسطوة اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة.

يذكر ان معدلات الهجرة من روسيا ودول الاتحاد السوفياتي السابق انخفضت بشكل حاد في السنوات الاخيرة ومنذ اندلاع الانتفاضة، في حين ارتفعت مؤشرات عودة الاسر اليهودية الى روسيا والجمهوريات السوفياتية السابقة هربا من العنف وتردي الاحوال الاقتصادية في «اسرائيل» واشار تقرير نشرته صحيفة «ازفيستيا» حديثا الى ان انخفاض معدلات الهجرة الى الدولة العبرية وبروز ظاهرة الهجرة المعاكسة يقلق حكومة شارون ويدفع بها الى زيادة الاعتمادات لوزارة الاستيعاب وللحملات الاعلامية لتشجيع يهود روسيا على الهجرة الى «اسرائيل» تحديدا.

ويرى بعض المحللين ان مباحثات شارون في موسكو تأتي في مرحلة تشهد فيها العلاقات الروسية الاميركية جفاء ملحوظا على خلفية انتقادات واشنطن لاعتقال رئيس مجموعة «يوكوس» النفطية الروسية الملياردير اليهودي ميخائيل خودوركوفسكي، بتهم الاختلاس والاستيلاء غير المشروع على الاموال والممتلكات والتهرب من دفع الضرائب. وهي انتقادات اعتبرها المتحدث باسم الخارجية الروسية تدخلا غير مقبول في شئون القضاء الروسي واتهم واشنطن بمواصلة سياسة «المعايير المزدوجة» ويستبعد محللون مرموقون احتمال ان تذعن موسكو للضغوط الاسرائيلية او تستجيب لمطالبها تماما. ويسود الانطباع ان موسكو تدرك حقيقة المأزق الداخلي الذي تعيشه حكومة شارون وتحاول انتزاع اكبر قدر من التنازلات لتسوية الوضع المتفجر في الاراضي الفلسطينية سعيا وراء تنشيط الحضور الروسي في «الشرق الاوسط»

العدد 428 - الجمعة 07 نوفمبر 2003م الموافق 12 رمضان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً