يستهدف الإرهابيون أول ما يستهدفون عصب الحياة الاقتصادية والاجتماعية ورموز ضحاياهم، حدث ذلك عندما دكت طائرات مختطفة برجي مركز التجارة العالمي عصب الحياة الاقتصادية في عاصمة المال الأميركية (نيويورك) في الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول التي شكلت تاريخا مفصليا في السياسة والعسكرية والدبلوماسية الأميركية في مطلع القرن الجاري.
وفي هذا السياق يأتي استهداف الإرهابيين مجمعا سكنيا يعتبر أحد مراكز النخبة في العاصمة السعودية بعد أن تحولت تكتيكات الإرهابيين التي كانت تعمل أساسا على دك مواقع القوات الأجنبية في العربية السعودية، وعمد الإرهابيون إلى ضرب رمز اجتماعي يقع في مركز الأعمال والاقتصاد بهدف إضعاف اقتصاد المملكة المشهود له بالتميز والنماء والتطور في عملية تهدف على المدى البعيد إلى الرجوع بالعربية السعودية إلى مرحلة ما قبل الطفرة النفطية ليسهل عليهم الانقضاض عليها أو إرباكها في أسوأ الأحوال.
ومن نافلة القول إن الضربات المتتالية التي تعرضت لها السعودية أثرت على وضعها الاقتصادي شئنا أم أبينا، لكنها لم تهز أفضل اقتصادات المنطقة، وطبعا فإنْ عطس الاقتصاد السعودي تعرضت اقتصادات الخليج للزكام، وبذلك يكون الإرهابيون أضروا بشعوب المنطقة والمقيمين فيها أكثر من الإضرار بالحكومة السعودية.
ليس من الغرابة أن يستهدف الإرهابيون عصب الحياة، ذلك لأنهم يعمدون إلى إحداث هزات عنيفة تمهد لهم الأرض لتوجيه ضربتهم القاتلة، غير أن تلك الاستراتيجية لم تأتِ بنتيجة فاعلة على مرِّ العصور والأزمان، وفي كل الأحوال وضعت الحوادث القاتلة الاقتصاد في عين العاصفة، وما فعلته من أفعال، وما يتبعها، أو ستتبعها من حوادث، أضرت وستضر كثيرا باقتصادات المنطقة إلى وقت ليس قريبا.
المحرر الاقتصادي
العدد 433 - الأربعاء 12 نوفمبر 2003م الموافق 17 رمضان 1424هـ