العدد 450 - السبت 29 نوفمبر 2003م الموافق 04 شوال 1424هـ

اليزابيث: بداية قبل أوانها

كانت اليزابيث ماك غوفرن هي الممثلة الشابة الجميلة التي مثلت مع روبرت دي نيرو في فيلم «Once Upon a Time in America». وتروي اليزابيث في هذا المقال كيف انها تتذكر تجربة عمل هذا الفيلم بعد عشرين عاما والشهرة التي حققتها بعد عمله بنوع من الحزن أكثر من الفرح. تقف اليزابيث ماك جفرن في أعلى السلم وتنظر إليّ نظرة خالية من التعبير قبل ان تتعرف عليّ «حسنا، لقد نسيت تماما» صاحت اليزابيث قبل ان تقودني إلى داخل المطبخ في منزلها الكائن في منطقة تشزيك المليئة بالاشجار.

وانتقلنا بسرعة إلى الحديقة إذ قامت بسرعة بنقل اثاث الحديقة إلى الظل وأبعدت لعب الاطفال عن الطريق. كانت اليزابيث ترتدي كنزة بيضاء وبنطلونا قصيرا وحذاء خفيفا وتربط شعرها الاسمر المموج بمشبك فضي. كنت اتوقع ان تندفع إلى الطابق العلوي بسرعة لترتدي فستانا جميلا وتضع بعض أحمر الشفاه، ولكنها ليست من ذلك النوع من الفتيات اللاتي يُبدين اهتماما كبيرا بالمظهر.

ان اليزابيث أكثر اهتماما بالنسيان المؤقت الذي تعاني منه، وعندما اشرت إلى ان الجو حار بشكل خانق يؤثر على الدماغ ضحكت اليزابيث قائلة: «يسعدني انك قلت هذا»، وبدأت في رشف الشاي من كوبها الاصفر الكبير.

كانت مشاعر اليزابيث مختلفة منذ عشرين عاما، فلقد كانت ساحرة هوليوود عندما تم ترشيحها لجائزة أوسكار للدور الثاني الذي لعبته في فيلم Ragtime للمخرج ميلوس فورمان.

وتمضي اليزابيث قائلة: «كان من المنطقي ان ادرك ان النجاح كان أكثر مما استحق وانها كانت بداية محظوظة حدثت قبل اوانها. لم يكن لدي الوقت لأضع هذا الانجاز في المنظور الصحيح. انني اتذكر أن الأمر كان عبئا غير محتمل، وكان الوقت موحشا بالنسبة إلي».

قررت اليزابيث الابتعاد عن الاضواء عندما أخذت دورا في انتاج مسرحي بسيط، وقد كان هذا بمثابة فترة راحة قصيرة لها.

ونظرا لاعجابه بالدور الذي قامت به في فيلم Ragtime اختارها سيرجيو ليون لدور في فيلمه «Once Upon a Time in America».

لا تستطيع اليزابيث استرجاع ذكريات لقائها مع سيرجيو، ولكنها تتذكر انها قبل ان تقوم بقراءة نص الفيلم ذهبت إلى شقة سيرجيو التي كان يستأجرها في نيويورك إذ اخبرها قصة الفيلم لقطة لقطة.

«ان ما اخبرني به في ذلك اليوم هو ما تم تصويره في النهاية»، ولا تعرف اليزابيث أي شيء عن العمل السابق لسيرجيو وتقول انها لم تعلم أي شيء عن عملية اختيار الممثلين الطويلة.

وفي الواقع تمت دراسة اختيار عدة ممثلات لدور ديبورا بما في ذلك كوديا كاردينال وجينا ديفس وليزا مينيللي.

ويروي فيلم «Once Upon a Time in America» قصة مجموعة من الاصدقاء - نودلز، ماكس، كوكي وباتسي - تربوا في أحد أحياء الغيتو اليهودية (الأحياء المغلقة) في نيويورك في العشرينات من القرن الماضي.

ويروي الفيلم الذي وقعت حوادثه في العشرينات والثلاثينات ونهاية الستينات قصة حب عارمة حزينة وخيانه واكتئاب، ويعتبر هذا من روائع الافلام التي تم عملها حتى الآن.

لم يكن اختيار الممثلة الشابة اليزابيث سيئا لهذا الدور، وعندما مثلت دور ديبورا، معبودة نودلز، وجدت اليزابيث نفسها على الشاشة مع روبرت دي نيرو الذي كان يعتبر في ذلك الوقت أفضل ممثل في جيله.

ونظرا لوجود كم كبير من الممثلين المشاركين في هذا الفيلم لم يكن دي نيرو مسرورا بشكل كبير من اختيار ليون لاليزابيث لتمثل اهتماماته الغرامية. وتقول اليزابيث انها قد شعرت بهذا الأمر مع انها تتردد في القول بصراحة ان ازدواجية دي نيرو قد سببت لها مصاعب كبيرة.

تقول اليزابيث «أتذكر ان الاختبار الذي أجري لي قبل اختياري لاداء الدور كان قويا وعفويا. لقد اشتمل هذا الاختبار على اشياء في شخصيتي لم تظهر في الفيلم النهائي ولم يوجد سوى مجال قليل للتلقائية في المشاهد، كان ليون - سيد الصورة المثالي - يقف على قدم المساواة مع نجمه فيما يتعلق بدقة محاولاته».

اما بالنسبة إلى اليزابيث فان تدخلات دي نيرو المستمرة كان لها تأثير سلبي على الفيلم المنجز، وهي تقول بخصوص ذلك «عندما أنظر إلى الفيلم أجد أن هناك سمة تتمثل في عدم وجود فاصل في المشاهد مما يجعل الفيلم مناسبا للأطفال.

عندما كان سيرجيو يعمل مع الاطفال - الذين كانوا مطيعين ويعملون ما يطلب منهم - كان هناك شعور أن هذا هو ما اراده سيرجيو فعلا.

اما بالنسبة إلى الكبار فقد كان هناك شعور بان سيرجيو ودي نيرو كانا في طريقين مختلفتين قليلا. كان دي نيرو مهتما بالتفاصيل الواقعية وكان قلقا في الغالب لعدم وجود الكفاية من هذه التفاصيل، ولم يكن سيرجيو أقل اهتماما بهذا الأمر. كان الاثنان يعملان على خلق عمل جيد واعتقد انه كان من أفضل انواع الصراع».

وفي هذا الفيلم نشاهد اليزابيث مع دي نيرو في جميع المشاهد، اننا لا نرى ديبورا الا من خلال اعين نودلز.

وتواصل إليزابيث «أشعر انني قد وقعت بين الاثنين فقد كان دي نيرو يتمتع بوجود قوي وكانت لغة سيرجيو الانجليزية غير جيدة».

وعندما سألتها اذا كان لدى دي نيرو فكرة جيدة عما كان يتوقع منها اجابت اليزابيث باستخفاف قائلة «لا أعرف اذا كان لديه فكرة، ولكن كان لديه رأي بالتأكيد».

وننتقل إلى واحد من أكثر المشاهد جدلا وهو المشهد الذي تم فيه اغتصاب ديبورا من قبل نودلز في المقعد الخلفي لاحد السيارات. لقد سبب هذا المشهد استياء كبيرا عندما تم عرض الفيلم العام 1984 ومازال هذا المشهد مرعبا.

تقول اليزابيث مثيرة دهشتي «بالنسبة إلى التمثيل كان المشهد إلى حد ما من اسهل المشاهد».

وتواصل حديثها بينما تنحني للأمام كما لو أنها تود الاعتراف بذنبٍ اقترفته «كان هناك شيئا واضحا تستطيع ان تتفاعل معه، شيئا من السهل فهمه وعمله.

لقد كان الأمر مختلقا عند القيام بتصوير المشاهد الأخيرة التي تقابلت فيها ديبورا مع نودلز. كانت هذه اللحظة الاصعب بالنسبة إلي لافتقاري إلى المعرفة. لقد كنت صغيرة وكنت مدركة انني لم اكن ناجحة ولو كنت مكان سيرجيو لفكرت في اختيار ممثلة أخرى لهذا الدور.

اعتقد انني استطيع الآن أن اربط بين الصفات التي كانت ضرورية لذلك المشهد، ولكن الأمر كان كالعزف على آلة من دون معرفة النغمة الموسيقية التي يجب عزفها. انني اشعر إلى حد ما كما لو ان التجربة الكلية لعمل ذلك الفيلم - أو لربما الفترة الكلية لحياتي - قد تمثلت في ذلك المشهد.

واظن ان الكثير من الفتيات الشابات سينظرن إلى هذا الشيء كأروع شيء في العالم وسأصبح في نظرهن النجمة السينمائية الشابة التي يروي الناس عنها قصصا جنسية رومانسية.

ولكن الواقع ان المرء يدرك بسرعة طبيعته الحقيقية التي لا علاقة لها بانطباعات الآخرين عنه.

وعندما انظر إلى الفترة الماضية التي كنت فيها محبوبة بدرجة كبيرة من الجماهير لا يروق لي ذلك. انني اشعر بالراحة انني لم اعد كذلك».

ولذا فلا غرو ان تلجأ اليزابيث أخيرا إلى الابتعاد عن الاضواء وتأمل في زواج سعيد وانجاب طفلين.

لقد قدمت إلى هوليوود بعض الافلام الناجحة في البداية مثل «She is Having a Baby» و«The Bedroom Window».

لكنها في الفترة الأخيرة أصبحت مرتبطة بالتلفزيون بشكل أكبر، وقد ظهرت في عمل (The Scarlet Pimpernel)، كما قدمت أدوار صغيرة شائكة في أعمال مثل (Winds of the Dove) و(The House of Mirth).

وتفتخر حاليا بفيلم (Buffalo Soldires) وهو عمل فني جميل تأخر توزيعه نتيجة لموقفه المعارض للحرب، تقول اليزابيث بغضب «انني اجد الأمر محيرا للعقل ان يتعرض أي شخص للعقاب في أميركا بشكل غير معقول نظرا لقيامه بالتعبير عن رأي معارض للحكومة».

وقبل ان انهي هذه المقابلة معها سألتها عما اذا كانت تحب فيلم المخرج ليون عن وطنها فأجابت بهدوء قائلة «ان هذا النوع من الأعمال يمثل أقوى صراع شخصي بالنسبة إلي، ولكني فخورة أن أشترك فيه».

وتضيف قائلة بسرعة وبلهجة حزينة «أعتقد انه فيلم جميل، ولكني لا أستطيع مشاهدته بشكل موضوعي».

(خدمة الإندبندنت خاص بـ «الوسط»

العدد 450 - السبت 29 نوفمبر 2003م الموافق 04 شوال 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً