العدد 451 - الأحد 30 نوفمبر 2003م الموافق 05 شوال 1424هـ

بوش ربما كان محقا بشأن «المقاتلين الأجانب» في العراق

روبرت فيسك comments [at] alwasatnews.com

عندما اعتقلت الشرطة اللبنانية معمر عبدالله عوامة الشهر الماضي، ادعت انها قبضت على أحد الرجال وراء سلسلة التفجيرات ضد مطاعم الوجبات السريعة الاميركية في لبنان. وذُكر انه سُلم للسلطات بواسطة فلسطينيين في معسكر عين الحلوة الضخم للاجئين في سيدون اذ يختفي هناك. ولكن القصة الحقيقية مختلفة الى حد ما. تقول مصادر فلسطينية إن معمر عوامة من انصار اسامة بن لادن وكان في طريقه إلى العراق عندما تم اعتقاله بواسطة الشرطة.

ومنذ اسابيع وحتى الآن هناك تقارير بأن اسلاميين في عين الحلوة - اذ تحول آلاف الفلسطينيين إلى الاسلام السني لإلهامهم السياسي بدلا عن وطنيتهم غير الموثوق بها في الماضي - سافروا الى العراق لمقاتلة الاميركيين. ويعتقد صحافي لبناني محلي أن اكثر من 100 مقاتل غادروا الى العراق عن طريق سورية على رغم ان الفلسطينيين يقولون ان العدد بالعشرات فقط. ومع ذلك، توفر الهجرة الجماعية من معسكر اللاجئين بعض الدليل بأن إصرار إدارة بوش بأن «مقاتلين أجانب» قد وصلوا إلى العراق يجد بعض الاساس في الحقيقة.

عوامة (يمني الجنسية) اعتقل مع مقاتل فلسطيني يدعى علي موسى (مصري) يعتقد ان كليهما اشتركا في انتفاضة سنية في شمال لبنان تقريبا قبل أربعة أعوام ماضية واتهمتهم السلطات بالارتباط مباشرة بالقاعدة. ووفقا لمصادر فلسطينية كان الرجلان يخططان للمرور عبر سلسلة جبال لبنان المجاورة إلى داخل سورية ومن ثم من خلال الصحراء الشرقية ينتقلان إلى العراق.

خلال الاسابيع الثلاثة اغلقت قوات لبنانية وسورية كثيرا من الطرق غير الشرعية المستخدمة بواسطة المهربين عبر الجبال من لبنان إلى سورية، وعلى الأقل 50 في المئة من تلك المسارات اغلقت بواسطة تلال من الرمال والاسمنت على طول الحدود المشتركة البالغة 35 ميلا عقب اتهامات أميركية بأن المقاتلين قد تسللوا من لبنان عبر سورية إلى داخل العراق. وبينما تسبب الحواجز الجديدة وانشاء نقاط مراقبة مؤقتة مشكلات للتجار المهربين الذين يستخدمون السيارات والبغال في عملهم، مازال الافراد يستطيعون عبور الحدود عبر سفوح الجبال المهجورة.

منذ سنوات عدة، يفر العراقيون والاكراد من نظام صدام عن طريق التهريب عبر الحدود في الاتجاه الآخر ليعيشوا سرا في الاحياء الفقيرة في بيروت، لأن لبنان يستضيف ما يقدر بنحو 250 ألف فلسطيني، ولا تشترك الحكومة في تجمعات اللاجئين ويعتمد العراقيون على مساعدة وكالة لاجئين غير رسمية تزودهم بالمال. يرغب الكثيرون الآن في العودة إلى العراق. ولكن منذ أن ناشد صدام أولا المقاتلين العرب من غير العراقيين الدفاع عن العراق، شق الشباب طريقهم من لبنان إلى بغداد. وانتقل الفلسطينيون والسوريون الى العراق في الايام الاخيرة للغزو الانجلو - أميركي وقتل بعضهم قبل نهاية الحرب. وسافر على الأقل عشرة فلسطينيين من معسكر برج البراجنة في بيروت الى العراق لمقاتلة الاميركيين في مارس/ آذار الماضي، وغادر أربعة آخرون من معسكر صبرا وشاتيلا مسرح المجزرة البشعة بواسطة حلفاء «اسرائيل» من الكتائب اللبنانية في العام 1982، قُتل أربعة منهم في المعركة الأخيرة لبغداد واعتبروا أبطالا عندما اعيدت جثثهم إلى بيروت أخيرا للدفن.

واخبر فلسطيني في معسكر صبرا وشاتيلا صحيفة «الاندبندنت»: «كان لدي صديق يقيم هنا عندما وصلت الدبابات الاميركية الى بغداد، توسل إليه والده ألا يذهب إلى العراق، وكذلك فعلت معه. ولكنه أصر على السفر ثم رأيت صور الدبابات في التلفزيون فانطلقت ابحث عنه في كل مكان. وجدته ينتظر «التاكس» لكي يأخذه إلى سورية. قلت له: «لا تذهب، لا تذهب، تعال معي وشاهد التلفزيون، الاميركيون الآن في بغداد... انتهت المعركة...» فعاد الفلسطيني الى أبويه».

ولكن المقاتلين الجدد الذين ذكروا أنهم غادروا سيدون يعتبرون ظاهرة مختلفة تماما، اذ ان بعضهم يبلغ من العمر 40 عاما محاربون قدامى اثناء الغزو الاسرائيلي للبنان في العام 1982 يرون أن الاحتلال الاميركي للعراق عمل لم ينتهِ بعد. بينما يوجد آخرون ذوو نزعة دينية يرون أن الحملة بمثابة حرب مقدسة (جهاد) ضد كل من الولايات المتحدة و«اسرائيل». فقد زعم وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد أن ما بين 200 و300 مقاتل وصلوا إلى بغداد غالبيتهم من لبنان وسوريا. ربما تكون هناك مبالغة في العدد. ولكن مازال فلسطينيو عين الحلوة مسلحين ومدربين، ليس فقط بالمدافع المضادة للطائرات ولكن بصواريخ يدوية أرض - جو، هم مصدر خبرة لحركة المقاومة التي تسقط الآن المروحيات الاميركية من فوق سماء العراق

العدد 451 - الأحد 30 نوفمبر 2003م الموافق 05 شوال 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً