سيكون لبريطانيا رئيس وزراء جديد مع حلول شهر فبراير/ شباط المقبل. هذا هو الاستنتاج المنطقي الذي يمكن الخروج به من المؤتمر الصحافي الذي عقده طوني بلير يوم أمس الاول، عندما اعترف ان بامكانه استخدام كل ما تبقى من سلطته لتمرير تشريع بفرض رسوم دراسية جديدة تصل إلى 3000 جنيه لكل طالب أو طالبة.
القراءة الثانية لمسودة القانون التي تعطي فاعلية لهذه المقترحات أجلت حتى نهاية يناير/كانون الثاني المقبل، وهو ما يوحي بان النصيحة التي تلقاها بلير من مكتب مراقب الحزب تقول انه لا توجد فرصة في الوقت الراهن لكسب التصويت. ولكن القانون يمكن أن ينشر وتعاد قراءته الاسبوع المقبل باعتباره أهم مشروع قانون معروض.
وسيظل من غير المعروف ما يمكن ان يحدث خلال فترة الاحتفال بأعياد الميلاد حتى يغير النواب العماليون مواقفهم. ومن الواضح ان بلير غير راغب بأي تعديل للمبدأ العام، وبدا متصلبا جدا إزاء أي تنازلات لاسترضاء نواب الحزب المشاكسين في البرلمان.
وكما يبدو للعيان ان بلير يواجه أزمة سياسية حاليا، ولكن الاختلاف الرئيسي بينها وبين أي أزمة سابقة هو ان التشريع المقترح لم يدعمه أي تعهد رسمي. ويطالب النواب العماليون بالتحديد بعدم فرض أي رسوم إضافية. وحجتهم في ذلك ان بلير غير مخلص للبرنامج الذي وعدت به الحكومة.
في العام 1985 اقترح وزير التعليم آنذاك كيث جوزيف زيادة طفيفة في المبلغ الذي يساهم به أولياء أمور الطلبة في منح الصيانة، ولكن حتى هذا الاقتراح المعتدل واجهته موجة قوية من الاعتراضات من جانب نواب المحافظين.
واني لارتعش اليوم وانا أتذكر تلك الصرخات التي جابه به النواب المستر كيث، فلم يرفع الاقتراح إلى مجلس العموم. ومما أثار غضب النواب آنذاك الكم الهائل من الرسائل التي تلقوها من الناخبين. ولذلك لا أتصور الاستقبال العدواني الذي سيجابه به عماليون عبر البريد من ناخبي الطبقة الوسطى ومن ناخبيهم في دوائرهم الانتخابية. وتخشى الطبقة الوسطى من أن يبدأ أبناؤهم حياتهم بالديون. وهذا الاقتراح سيكلف الناخبين وسيؤثر على جيوبهم، على خلاف التصويت على موضوع العراق او إصلاح الخدمات الصحية. لذلك عندما يهمس احدهم في أذن أحد النواب عن مسألة الولاء وامكان خسارته لمقعده في الانتخابات المقبلة فربما يجيب قائلا: «لقد حاولت إنقاذ مقعدي ... فإذا خسرته فسيخرج بلير على كل حال من الحكومة»!
صحيح ان وزير التعليم السابق لورد بيكر وآخرين متعاطفون مع الحكومة، غير ان بقية الحزب يوحدها رأي آخر يختلف عن هدف الحكومة. ولا الغالبية التي يحظى بها بلير لاجبر على البحث عن خطة بديلة، ولكن حتى هذه الغالبية ربما لا تكفي لتمرير التشريع المقترح أو إنقاذ بلير نفسه!
ينشر المقال بالاتفاق مع صحيفة «الاندبندنت» البريطانية
العدد 456 - الجمعة 05 ديسمبر 2003م الموافق 10 شوال 1424هـ