العدد 456 - الجمعة 05 ديسمبر 2003م الموافق 10 شوال 1424هـ

قوات التحالف بددت التفاؤل بانحسار المقاومة

عصام فاهم العامري comments [at] alwasatnews.com

.

بلغ إجمالي خسائر قوات التحالف في شهر نوفمبر/تشرين الثاني وحده 105 قتلى فقط بين صفوف العسكريين؛ بينهم 77 قتيلا من الجنود الأميركيين وحدهم. ويتضمن هذا الرقم أولئك الذين لقوا حتفهم نتيجة إسقاط خمس من الطائرات العمودية الأميركية. و يمثل هذا أعلى حصيلة للقتلى بين الجنود الأميركيين منذ الحرب على العراق. ويشمل رقم 105 عشرين جنديا ايطاليا وسبعة من ضباط الاستخبارات الاسبانية. غير ان الرقم لا يشمل دبلوماسيين يابانيين وكوريين وكولمبيين فضلا عن عراقيين متعاونين لقوا مصرعهم نتيجة هجمات شنت عليهم . اذن الرقم 105 فقط يشمل عسكريين من قوات التحالف.

وتتكتم قوات التحالف على أرقام الجرحى المصابين في العراق ، غير ان مصادر مطلعة تحدثت عن ان عدد الجنود الجرحى من الأميركيين من ابريل/ نيسان الماضي وحتى الآن بلغ عشرة الآف جريح ، وهذا عدد لا يستهان به بينهم اصاباته وجروحه في الرأس.

وفي ظل مؤشرات كهذه فإنه يصعب جدا سماع الأنباء التي تتحدث عن تقلص الهجمات التي تستهدف قوات التحالف، وان الهجمات التي تحدث في العراق تستهدف عراقيين.

صحيح أن العملية الأخيرة التي قادتها القوات الأميركية تحت مسمى «المطرقة الحديدي» ربما تكون حققت بعض النجاحات والأثر باعتبارها قلصت الهجمات على قوات التحالف بنسبة 30 في المئة، إلا أن مع ارتفاع حصيلة القتلى بين جنود التحالف؛ فإن الحديث عن نجاحات عملية المطرقة لا يعد سوى رفع لمعنويات الجنود، أكثر منه أي شيء آخر. ولذلك فإن هذه النجاحات لم يكن لها تأثير يذكر في تغيير الصورة والانطباع العام اللذين رسخا في أذهان المراقبين عما يجري الآن في العراق.

وعلى رغم مخاطر التكهنات، فقد حاول الجنرال قائد القوات الأميركية في العراق ريكاردو سانشيز بعد اعلانه الأميركية اطلاق حرب حرية العراق 2 اضفاء جو من التفاؤل باتجاه المستقبل. وقال: «ان الامور قد لا تمضي الى ما هو أسوأ»، وتوقع أن تمضي الأوضاع باتجاه الأفضل.

المقربون من سلطة التحالف يتولون شرح وتفصيل مثل هذه التكهنات ويؤكدون أن المقاتلين البعثيين وأعوانهم المحاربين الأجانب استخدموا كل ما لديهم من أسلحة حتى اللحظة الحالية. وتبعا لهذا الإدراك يتم الاستنتاج بأن المهاجمين سيكون من الصعب عليهم تصعيد عملياتهم وهجماتهم المسلحة ضد قوات التحالف. ويضيف هؤلاء المقربون لسلطة التحالف في شروحاتهم، فيؤكدون لقد بات واضحا لكل من تربطه صلة ما بالولايات المتحدة الأميركية، أنه يمثل هدفا محتملا لهجمات المقاومين العراقيين، وهذا يساعد كل هدف محتمل على رفع قدرته الدفاعية، وتأمينها على نحو أفضل ضد أية هجمات قد تقع في أية ساعة من ساعات اليوم أو الأسبوع.

الغريب ان المقربين من سلطة التحالف يقللون من أهمية تكتيكات وأساليب المهاجمين العراقيين، وعلى رغم اعترافهم بكفاءتها وفاعليتها وحسن تخطيطها وتنسيقها، فانهم يشيرون الى ان معظمها مستلهم من كتب وخطط الإرهابيين التي نفذت خلال العقد الأخير من القرن الماضي، فما تكتيكات نصب الكمين العسكري للسيارات في الشوارع، سوى صدى للعمليات التي نفذها المجاهدون ضد الاحتلال السوفياتي لأفغانستان. أما تنفيذ الهجمات بواسطة السيارات المفخخة، فتشبه كثيرا الأساليب التي نفذ بها تنظيم القاعدة وغيره من التنظيمات الإرهابية المشابهة هجماتهم ضد من يستهدفهم.

ويشير هؤلاء المتفاؤلون بنوع من الزهو إلى أن الجانب الإيجابي في كل هذا الآن، هو أنه لم يبق للمهاجمين من التكتيكات الناجعة ما يمكنهم استخدامه ضد قوات التحالف.

وهم في هذا لا يتجاهلون انه في وسع المهاجمين توجيه ضربات موجعة إلى قوات التحالف بواسطة تكرار الأساليب والتكتيكات نفسها، ورفع وتائر تنفيذها واستخدامها. الا أنهم يتحدثون عن اتخاذ عدد من التدابير والإجراءات الوقائية التي تحد من تأثير وفاعلية هذه الأساليب والتكتيكات. ومن الاجراءات التي يشيرون إليها تنظيف جوانب الشوارع والطرق الجانبية والعامة من بقايا الحطام والأكوام التي تصلح لدفن القنابل والمتفجرات بينها، فضلا عن أنهم يؤكدون الخطط للإسراع في نشر المشوشات الإلكترونية بحيث يصعب تفجير هذه القنابل والمتفجرات بواسطة التحكم فيها عن بعد، وتزويد السيارات العسكرية بشبكة مصفحة تقيها من هجمات القنابل والمتفجرات المقذوفة بواسطة الصواريخ، هذا إلى جانب تفادي تحليق الطائرات العمودية على ارتفاعات يمكن التنبؤ بها، وفوق المناطق التي يسهل استهدافها فيها.

ومؤكد ان أجواء التفاؤل التي يشيعها المقربون من سلطة التحالف هي صدى لأجواء التفاؤل التي عبر عنها الحاكم المدني الأميركي في العراق بول بريمر في مؤتمره الأخير عندما اشار الى ان الهجمات تقلصت ضد قوات التحالف، وانها صارت موجهة ضد العراقيين. فيما اكد الجنرال سانشيز الاشارة ذاتها قبل أقل من أربع وعشرين ساعة من التصعيد الجديد في هجمات المقاومة والذي أسفر عن مقتل 4 جنود أميركيين وسبعة من ضباط الاستخبارات الإسبانية ودبلوماسيين يابانيين بثلاث عمليات في يوم واحد. فضلا عن هجمات أخرى من بينها تعرض قافلة أميركية لانفجار عبوة ناسفة وهجوم بالقذائف الصاروخية والأسلحة الخفيفة على الطريق العام في منطقة وادي حصر غربي مدينة راوة.

المهم في التصعيد الاخير للهجمات انه جاء ليبدد التفاؤل الذي ساد خلال الاسبوع الماضي؛ فقد كشف تفاصيل الكمين المحكم الذي تعرض له ضباط المخابرات الاسبان، ان المهاجمين كانوا في انتظار عناصر الاستخبارات الاسبان الذين حاولوا النجاة بحياتهم من دون جدوى.

وهذا يشير الى ان المهاجمين صاروا يملكون معلومات استخبارية عن حركة قوات التحالف في الوقت الذي تشكو فيه قوات التحالف من نقص في المعلومات الاستخبارية بشأن حركة المهاجمين ومناطق وجودهم وقيادتهم وتلقيهم التدريب والاسلحة المستخدمة في هجماتهم.

وتفاصيل الهجوم على الضباط الاسبان فضلا عن هجمات ناجحة اخرى ضد قوات التحالف اثارت الشكوك في تورط الأفراد الذين دربتهم الولايات المتحدة للقيام بمهمات الشرطة العراقية، في تنسيق الهجمات التي تشنها المقاومة ضد قوات التحالف. بل ان المصادر الاستخبارية تتحدث عن شكوك تدور حول عدد قليل من المدنيين العراقيين الذين استأجرتهم قوات التحالف للقيام بمهمات أمنية؛ إذ يمكن أن يلتقط هؤلاء الأفراد معلومات سرية عن حركة هذه القوات، أو تنقلات قادتها في العراق.

وأشارت المصادر الاستخبارية الى ان «هناك نماذج تدل على أن الشرطة كانت تنسق الهجمات ضد التحالف»، واوضحت المصادر انه تم فحص ودراسة 150 هجوما حدثت في شهر رمضان الماضي و قتلت وأصابت أعدادا من الجنود الأميركيين والعراقيين دلت تلك الفحوصات على مثل هذه الشكوك

العدد 456 - الجمعة 05 ديسمبر 2003م الموافق 10 شوال 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً