العدد 465 - الأحد 14 ديسمبر 2003م الموافق 19 شوال 1424هـ

آراء محكمة العدل استشارية و«خطة أولمرت» لدفن «خريطة الطريق»

الصحف العبرية:

آمنه القرى comments [at] alwasatnews.com

.

وجهت الصحف العبرية الأنظار إلى نيويورك بعد القاهرة إذ اختتمت الفصائل الفلسطينية جلسات الحوار الفلسطيني - الفلسطيني من دون التوصل إلى أي اتفاق أمني أو سياسي، فقد عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة دورة استثنائية قررت في ختامها رفع مسألة «الجدار العازل» الذي تبنيه الدولة العبرية إلى محكمة العدل الدولية، للنظر فيما إذا كانت «إسرائيل» ملزمة قانونا بهدم الجدار الذي تشيده قوة الاحتلال، في الأراضي الفلطينية المحتلة الأمر الذي سارعت «إسرائيل» إلى إدانته مقابل ترحيب السلطة الفلسطينية.

ولفت ألوف بن في «هآرتس»، إلى ان هناك قلق إسرائيلي من انحياز محكمة العدل لأن هيئة المحكمة تضم قاضيين عربيين! ولكن بن، تعزّى بأن آراء المحكمة استشارية ولا تلزم الأمم المتحدة بأي شيء... كما توقع أن تمنع الولايات المتحدة فرض أية عقوبات على الدولة العبرية. كما شغلت الصحف العبرية، خطة نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، الداعية إلى انسحاب إسرائيلي من جانب واحد من بعض أجزاء الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية وإجلاء نحو 50 ألف مستوطن، التي أثارت أيضا استياء أحزاب اليمين الإسرائيلي المتشدد المشاركة في الائتلاف الحكومي وهددت بالانسحاب من الائتلاف إذا ما تبنت الحكومة هذه الخطة. وساوى موشيه آرينز (وزير الدفاع الإسرائيلي السابق) في «هآرتس»، على نحو لافت بين ياسر عرفات أو أبومازن أو أبوالعلاء أو ياسر عبدربه، فيما يبدو ردا على مقولة شاعت إثر إطلاق «وثيقة جنيف» بأن هناك من يمكن لـ «إسرائيل» مفاوضته بين الفلسطينيين... ولكن مقالة آرينز لا تهدف إلى الرد على «جماعة جنيف» و«خطة أولمرت» فحسب بل رنا إلى الدفاع عن الجدار أيضا وقبل هذا وذاك أراد إعادة تأكيد المعركة الحالية في فلسطين هي معركة ضد «الإرهاب» العالمي والأصولية الإسلامية!! فقد شدد آرينز على ان الرأي القائل إن إجراء مفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين واستعداد الدولة العبرية للقيام بتنازلات ملموسة سيساهمان في ردع «الإرهابيين» عن تنفيذ نشاطاتهم «الإجرامية»، هو رأي لا يمت إلى الواقع بصلة.

وتناول ألوف بن في «هآرتس» قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بالطلب إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي، البت في الانعكاسات القانونية لبناء «إسرائيل» الجدار الفاصل في الضفة الغربية والقدس. وإذ لفت إلى ان القرار صدر بأكثرية تسعين دولة في مقابل ثمانية وامتناع 74 من بينها دول الاتحاد الأوروبي عن التصويت، أشار إلى ان المراقبين يؤكدون ان اعتماد القرار بهذه النسبة وعدم دعم عدد من الدول الديمقراطية له قد يؤثر بشكل أو بآخر على رأي محكمة العدل الدولية. غير ان بن، لفت في سياق المقال إلى ان المسئولين في «إسرائيل» قلقون خصوصا من انحياز محكمة العدل نظرا لتركيبة هيئة المحكمة التي تضم قاضيين عربيين أحدهما أردني والآخر مصري ومعروفين بمواقفهما المعارضة لـ «إسرائيل». غير ان بن، حاول التقليل من أهمية قرار محكمة العدل بشأن الانعكاسات الأمنية لبناء الجدار الفاصل، ناقلا عن مصادر إسرائيلية تأكيدها ان آراء المحكمة استشارية ولا تلزم الأمم المتحدة بأي شيء. وان الولايات المتحدة ستحاول منع فرض أية عقوبات على الدولة العبرية عندما تحال قضية الجدار إلى مجلس الأمن.

واعتبرت «هآرتس»، في افتتاحيتها ان مواقف إيهود أولمرت، الأخيرة من المسألة الفلسطينية في غاية الأهمية وتدل على تغيير «ثوري» في رؤياه لمستقبل الأراضي الفلسطينية. موضحة ان أولمرت، انتقل من التشبّث بإيديولوجيا تكتل «ليكود» التي تقضي بالسيطرة على المناطق الفلسطينية، إلى الدعوة إلى الخروج من معظم تلك المناطق. غير ان الصحيفة العبرية، على رغم إشادتها بموقف نائب رئيس الوزراء، شددت على ان هذا لا يكفي. وأوضحت انه يبقى على أولمرت، الآن أن يعمل جاهدا لإقناع حزبه بتبني مواقفه الجديدة، وبالتالي حشد التأييد الشعبي اللازم لانسحاب «إسرائيل» من كامل الأراضي الفلسطينية، مشددة على ان إعادة 70 أو 80 في المئة من تلك الأراضي لن يؤدي إلى التوصل إلى تسوية. وتابعت بأن الرجل الذي اقتنع أخيرا بأن الدولة العبرية لن تستطيع تحقيق حلمها بأرض «إسرائيل»، يجدر به الآن أن يقود هذه القناعة الجديدة نحو نتيجتها المنطقية أي عودة «إسرائيل» إلى الخط الأخضر والانسحاب من المناطق التي احتلتها خلال حرب الأيام الستة. من هنا رأت «هآرتس»، ان التنازل المؤلم عن أرض الميعاد يجب أن يحصل في إطار اتفاق مع الشعب الفلسطيني لافتة إلى ان الانسحاب من جانب واحد من جزء من الأراضي الفلسطينية لن يؤمن للدولة العبرية الهدوء الذي تبحث عنه. مضيفة أن القرارات العشوائية التي تتخذها الحكومة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين لن تؤدي إلى إحلال السلام. وختمت ان أولمرت، قد يكون أدرك ان الأهداف الوطنية التي يريد التوصل إليها، لا يمكن تحقيقها من دون تقارب بين الفلسطينيين والإسرائيليين غير انه لا يجرؤ على التصريح بذلك على الملأ.

من جانبه، كشف يوئيل ماركوس في «هآرتس» نقلا عن أحد المقربين من رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون، ان مواقف نائب الأخير إيهود أولمرت الأخيرة هي عبارة عن منطاد تجريبي تم إطلاقه بالتنسيق مع شارون أو على الأقل بمعرفته. غير ان ماركوس، رأى ان ما من شيء تغيّر في سياسة شارون، بدءا بتعهده إحلال الأمن والسلام وصولا إلى رغبته تقديم تنازلات مؤلمة. فما يشهده الإسرائيليون هو كلام وحسب ولم يقم أحد من المسئولين باتخاذ خطوات ملموسة من أجل التوصل إلى اتفاق يرضي الفلسطينيين وينهي النزاع. مشددا على ان شارون، لم يتخلَّ بعد عن قناعته بأن التوصل إلى اتفاق بين الطرفين لا يتم إلاّ على مراحل أو ضمن إطار «خريطة الطريق». إضافة إلى ذلك، لفت ماركوس، إلى انه في الوقت الذي يخوض الرئيس بوش، معركته من أجل مستقبله السياسي سيكون من الحماقة أن تقوم الدولة العبرية بتدمير «خريطة الطريق» من خلال القيام بانسحاب من جانب واحد. ففي واشنطن، يضيف ماركوس، ثمة اعتقاد بأن خطوة فردية من هذا النوع من جانب «إسرائيل»، ستؤدي إلى انهيار السلطة الفلسطينية وظهور حال من الفوضى في الأراضي الفلسطينية. وتابع ان دعوة أولمرت، إلى انسحاب «إسرائيل» من الأراضي المحتلة من دون اتفاق ليست مقبولة لا من الإدارة الأميركية ولا من أية دولة في العالم. وهذا الأمر لا يعود فقط لكون أي انسحاب فردي سيؤدي إلى دفن «خريطة الطريق» بل لأنه لن تكون هناك أية فرصة لانسحاب «إسرائيل» إلى الخط الأخضر و«اقتلاع» مئات الآلاف من المستوطنين. كما ان ذلك إن حصل - يتابع ماركوس - فلن يكون هناك أي أمل في أن تعيش الدولتان الفلسطينية والإسرائيلية بسلام جنبا إلى جنب. وأكد ماركوس، في ختام مقالته انه في حال كان شارون ونائبه جديين في تفضيل دولة يهودية على سيطرة «إسرائيل» على كامل «الأرض»، فقد حان الوقت لكي يبرهنا على ذلك من خلال القيام بخطوات ملموسة. واقترح ماركوس كخطوة أولى أن يقوم الرجلان بإخلاء مستوطنة حقيقية في الضفة الغربية وليس مستوطنة وهمية (في إشارة من ماركوس إلى عمليات الإخلاء التي يقوم الجيش الإسرائيلي من حين لآخر، في الضفة الغربية وهي عبارة عن عربات فارغة حتى من الناس).

فيما بدأ موشيه آرينز (وزير الدفاع الإسرائيلي السابق) في «هآرتس»، مقاله بالتأكيد على ان ما من تقدم سيحصل باتجاه تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين قبل أن يتم وضع حد للعمليات «الإرهابية». ولفت إلى انه لا يهم إذا كان عرفات (الرئيس الفلسطيني) أو أبومازن (الرئيس السابق للحكومة الفلسطينية محمود عباس) أو أبوالعلاء (الرئيس الحالي للحكومة الفلسطينية أحمد قريع) أو ياسر عبدربه (وزير فلسطيني سابق وأحد واضعي اتفاق جنيف)، من يتحدّث إلى الإسرائيليين فلا يمكن تحقيق أية خطوة ملموسة طالما ان اليهود يقتلون على أيدي من وصفهم بـ «الإرهابيين» الفلسطينيين. وتابع مشددا على ان الرأي القائل بأن إجراء مفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين واستعداد الدولة العبرية للقيام بتنازلات ملموسة سيساهمان في ردع «الإرهابيين» عن تنفيذ نشاطاتهم «الإجرامية»، هو رأي لا يمت إلى الواقع بصلة. وأشار في هذا السياق إلى ان «الإرهاب» الموجه ضد المدنيين بنية إلحاق أكبر عدد من الخسائر البشرية أصبح ظاهرة عالمية مؤكدا انه في حال لم تتم السيطرة على «الإرهاب» فإنه سيهدد وجود عدد كبير من الدول من بينها الولايات المتحدة و«إسرائيل» والمملكة العربية السعودية وتركيا. وتابع ان «الإرهاب» والأصولية الإسلامية يهدفان إلى إظهار عدم قدرة هذه الدول على حماية مواطنيها. وإذ ذكّر بأن الولايات المتحدة، وضعت القضاء على «الإرهاب» في رأس أولوياتها بعد حوادث 11 سبتمبر/أيلول، أشار إلى ان «إسرائيل» يجب أن تضع هدف القضاء على «الإرهاب» نصب عينيها لأنها عرضة للهجمات «الإرهابية» المباشرة أكثر من الولايات المتحدة. وشدد في هذا السياق، على ان الرأي القائل بأن انسحاب الجيش الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية سيجعل الإسرائيليين يعيشون بسلام وراء الجدار بينما «الإرهابيون» يسرحون ويمرحون على الجانب الآخر، هو رأي يستند إلى أفكار واهية. ولفت إلى انه لا يمكن لأحد من الإسرائيليين الاعتقاد بأنه بمجرد انسحاب الجيش الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية ستمتنع الدولة العبرية عن استخدام هذا الجيش داخل الخط الأخضر، لاعتبارات ديمغرافية، لأن هذه الاعتبارات لا يمكن أن تحترم في ظل المعركة المستمرة على «الإرهاب». مؤكدا في ختام مقاله أن هذه المعركة هي في صالح «إسرائيل» والشعب الإسرائيلي وان الاعتبارات الديمغرافية ستؤخذ في الاعتبار فقط حين يتم التفاوض عن الحدود الشرعية والدائمة للدولة العبرية.

ولكن ناحوم برنييع في «يديعوت أحرونوت»، خالف وزير الدفاع السابق، وقال إنه لو كان هناك ما يمكن استخلاصه من دروس وعِبَر العقود الأخيرة للقرن العشرين، فهو ان مصير احتلال الشعوب المعادية سيؤول إلى الزوال. وإذا لم تتم هزيمة المحتلين بقوة «الإرهاب»، فستتم هزيمتهم بقوة الديموغرافيا. مؤكدا انه حتى لو كان الاحتلال الإسرائيلي هو الأكثر تنورا ورأفة وعطفا!! وكان الفلسطينيون كـ «القشدة» في ليونتهم، فلن يصمد هذا الاحتلال. معتبرا ان من سخريات القدر، ان من يساهم في تقصير عمر الاحتلال، اليوم، هم بالذات، أولئك الذين يعملون من أجل ترسيخه إلى الأبد. في إشارة منه إلى التصريحات التي أدلى بها القائم بأعمال رئيس الحكومة إيهود أولمرت، الذي اعتبر انه لا يمكن السماح باستمرار الاحتلال. ورأى برنييع، ان اللعنة ذاتها التي جعلت الأحزاب الدينية تزعج أكثر وأكثر في مطالبها إلى أن أصبحت مقيتة على الجمهور الذي طردها من إرثها، هي اللعنة ذاتها التي تدفع، حاليا، بالمستوطنين وبجبهتهم السياسية. وإذ رجح أن يكون اليأس من الاحتلال، هو أكثر العوامل المثيرة في التغيير الذي طرأ على وجهات نظر الكثيرين من أنصار الوسط واليمين في «إسرائيل»، ختم بالقول ان لا فائدة من توريث البلاد، إذا كان الورثة يفضلون العيش في نيويورك. وأسف برنييع، لأن كثرة من الناس بكروا في حزم الحقائب

العدد 465 - الأحد 14 ديسمبر 2003م الموافق 19 شوال 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً