العدد 2673 - الأربعاء 30 ديسمبر 2009م الموافق 13 محرم 1431هـ

حق البصق على ناطحات السحاب!

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

المدنيَّة تحققت من دون منازع لدى أميركا؛ لكنها تظل وفي العمق من تلك المدنيّة والإمكانات الخرافية على مستوى التكنولوجيا، في الحضيض من «التحضّر»، فالحضارة تضع الإنسان على رأس أولوياتها، وتبيح له مساحة من الرفض ورفع الصوت والاحتجاج والبصق على ناطحات السحاب، والرجل الآلي، وسيارت الفورد؛ بل وحتى تمثال الحرية ليس كونه «نُصُبا»؛ بل لكونه تحول إلى «نَصْبٍ» ليس على الذين ابتلعوا الطعم قبل الميل الأول للوصول إلى الحلم الأميركي؛ بل في العام 1948 في حادثين لن يتم محوهما ولو أعلن رئيس أميركي إسلامه أمام شيخ الأزهر!

أي أفق متحضّر، أو لنقل متمدّن ذاك الذي يخال المتسنّم ذروته أنه البارئ والمصوّر والمعزّ والمذلّ؟ أفق أول سماته البارود، وآخر سماته اللحود في بيئة هي في النهاية من تناسل الفخاخ.

يا الله كم الإنسان عرضة للغطرسة حين تذهب أميركا إلى نومها وقد حيّدت حتى الكوابيس!.


طرزان المعدّل وراثيا

كأن الأبراج اختزال للشوك، كأن الحفاوة ذهاب آخر نحو استجواب يقيم للعين واليأس والأمل والأنفاس والمشاعر والنوايا بصماتها الفاقعة الفاضحة أمام شاشات تنتظر مثل تلك الفرص التي تؤكد أنها في المتن من القيمة الكبرى للإنسان الخاص بها، إنسان الفضاء (السوبرمان)، وإنسان الغاب المعدَّل وراثيا وأخلاقيا (طرزان)، وإنسان المواجهات غير المتكافئة (رامبو)، وإنسان استغلال الفرص وشيوع النبوءات في ظل شبح من التهديدات المصطنعة (جورج دبليو بوش)!


استمالة الطمأنينات

إنْ لم تنتبك الريبة في ظل كل ذلك، ستكون بين اثنين: إما أن تكون في الصميم من تلك المؤامرة، وإما أن تكون في الصميم من الغيبوبة، وفي الحالين معا أنت متورط بالضلوع في مهنة المؤامرة تلك!

هل علينا أن نستميل السَحَرَةَ والخرائطَ والأدعيةَ والطمأنيناتِ الفارغةَ لنشعر أننا جزء من تلك المهزلة التي تشهر البسالات والفتن والفحولات وآخر شارات الزوال؟ لنثبت أننا جزء لا يتجزأ من حنطة البشر، وعرقهم، وطقسهم المتقلّب، وأراملهم، ومدنهم الموصدة، ورخامهم الذليل، وقناديلهم الشاحبة؟

عن أي أفق نتحدث؟ وبأي مِلاك أخلاقي نحن مشغولون؟ نبدو نماذج أو لنقل دروسا للهشاشة في ظل سيادة ضلال تُتوّج فيه الكلاب الضالّة، وفي ظل كلام هو أكبر بكثير من حناجر هي دون سمّ الخياط، وفي ظل عصيان ذاتي أمام هول ودنس يستفز الملائكة وهي ضالعة في الجبْر! هل نملك خيارات إزاء خسف متلبّس بأناقة الهندسة؟ وإزاء فَلَتَان يحضرنا في مسوح الشرائع؟ وإزاء خرافات متنكرة في الواقعي من الإهانة؟

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 2673 - الأربعاء 30 ديسمبر 2009م الموافق 13 محرم 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 10:41 ص

      وللبصـــــــق ... بُعـــــــد واســــــتدراك

      عوامل الاستهداف والانحسار تحت الضغوط كثيرة،تُصنع وتروّج في جهة لتُستهلك بخضوع في جهة أخرى، بيد أن هذه العوامل مهما تعددت لدى أهل التحليل والاستقراء فإن عامل النخر الداخلي يبقى أهمها وأظهر و هو- درس – يعظه من يعظ،ولكن الإمساك بزمام الحياة يستدعي نزولاً إلى الساحة بأفق حضاري شامل وليس السير في خضم التيار لتتقاذفنا أمواجه،كما أنه ليس السير في معاكسة التيار الهادر بحيث يجرفنا بزخمه ،وإنما الجري معه أو بموازاته بمستوى التفوّق و العلو.كل الشكر للكاتب وللوسط ... نهوض

    • زائر 1 | 3:10 ص

      كلنا سواسيه !!!

      اذا لم يكن رئيس امريكي يتغطرس ويطغي هناك المئات في الدول العالم امثالهم, ليس للظلم موطن.

اقرأ ايضاً