لقد كثر النقاش عن ثبوت دخول الشهر بالحساب الفلكي، فما الحق في ذلك؟ وهل لشخص في بلد ما أن يخالف صوم جيرانه من البلدان المجاورة؟
يجيب عن هذا السؤال مفتي سلطنة عمان الشيخ أحمد بن حمد الخليلي، فيقول: «نيط أمر الصيام والإفطار بالرؤية، فإن النبي (ص) يقول: صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته. ويقول كذلك:«لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين يوما».
وهناك روايات متعددة تصب في هذا المصب نفسه، وهي بأسرها دالة على أن الصيام والإفطار إنما هما منوطان بثبوت رؤية الهلال، هذا والرؤية أمرها ميسر فإن كل أحد يمكنه أن يرى الهلال بنفسه إن كان بصيرا، وأن يقبل شهادة من قال برؤيته إن لم يرَ ذلك بنفسه، فأمرها معروف لدى الخاص والعام من الناس، لا فرق بين شخص وآخر فيه، ولذلك يسرّ الله سبحانه وتعالى الأسباب التي يناط بها الصيام والإفطار، والتعويل على الحساب الفلكي فيه ما فيه من المجازفة، (...) فلا بد له من المتخصصين في هذا المجال، وعامة الناس لا يمكن أن يكونوا في مستوى أولئك المتخصصين في علم الفلك، فلذلك نرى الاعتماد على ما دل عليه الشرع من رؤية الهلال أو الشهادة العادلة أو الشهرة التي لا يشك معها في رؤيته، ولكن عندما تفشى في الناس الكذب وقول الزور وكثرة الادعاءات في أمر الأهلة؛ نرى أنه لا مانع من أن يكون الحساب الفلكي وسيلة لمعرفة صحة الشهادة من خطئها حتى ترد الشهادة عندما يكون هنالك يقين باستحالة رؤية الهلال، كما إذا شهد الشهود بأنهم رأوا الهلال في يوم غائم بحيث يدرك الكل أن رؤيته متعذرة فهذه الشهادة حتى لو صدرت من عدول مردودة، وإذا ما شهد الشهود بأنهم رأوا الهلال في غير مطلعه (في غير الأفق الذي يرى منه) فلا ريب أنها شهادة باطلة ولو كان الشهود عدولا، وعندما يثبت ثبوتا جازما أنه تتعذر رؤية الهلال في ذلك اليوم بحسب ما يقتضيه علم الفلك فالتعويل على ذلك في رد هذه الشهادة أمر ليس فيه أي حرج هكذا نرى ونعتمد، وإذا ثبتت الرؤية في بلد لزمت أهل البلدان المجاورة التي لا تفصل بينها وبين البلد الذي رؤي فيه الهلال مسافة تختلف معها المطالع وهو معنى ما جاء في النيل «والبلاد إذا لم تختلف مطالعها كل الاختلاف وجب حمل بعضها على بعض»، والله أعلم
العدد 416 - الأحد 26 أكتوبر 2003م الموافق 29 شعبان 1424هـ