قبل ما يزيد على عشر سنوات بقليل، أحدثت الفنانة اللبنانية إليسا ضجة إعلامية كبيرة بفيديو كليب أغنية «بدي دوب» الذي وصف بالجريء والفاضح من قبل البعض، في مقابل تقبل البعض له ودفاعهم عن الفنانة بأن هناك آخرين أكثر جرأة وتعديا على القيم العامة وهم بكامل الملابس، وليس بـ «شرشف» كما هو الحال مع أغنية إليسا. غير أن الغالبية تجمع على أن هذا العمل كان فاتحة وخطوة لإحداث تغير كبير في عالم تصوير الأغاني والفيديو كليبات العربية، حيث تتالت من بعده الأعمال الجريئة، التي تفوقت على العمل الأول وقطعته بأشواط عديدة، لدرجة يمكن القول معها إن «بدي دوب» لم يعد جريئا ولا مثيرا، بل إنه لا يصنف فاضحا في مقابل الموجود حاليا.
وعلى رغم أن الأغاني وتصويرها هما ما يتصدر قائمة النماذج الفنية الأكثر انتقادا لجرأتها وتعديها، فإن الجرأة اليوم لم تعد محصورة وقابلة للزيادة فقط في هذا المجال، فحتى البرامج الحوارية الجادة والترفيهية باتت تسجل لها اسما في قائمة الأعمال المثيرة للجدل الأخلاقي ما بين مختلف الأوساط.
ومن بين هذه النماذج أنموذج برنامج «لول» الذي يعرض على قناة «OTV» اللبنانية، الذي يستضيف في كل حلقة مجموعة من الضيوف، ممثلين وإعلاميين بحضور جمهور في الاستوديو، ويقوم الضيوف بإلقاء مختلف أنواع النكات والطرف، التي تتجاوز في كثير من الأحيان، المتعارف عليه في الشاشات العربية من تحفظ وتحرج من قول بعض الكلمات أو التطرق إلى بعض الموضوعات والتلميحات الخادشة للحياء.
البرنامج الذي يثير اليوم الكثير من الجدل لبنانيا وعربيا، لما يسجل عليه من ملاحظات أخلاقية، لكثرة النكات الإباحية والتلميحات الجنسية، بات يوصف بالبرنامج «الأزعر»، وبـ «التجارة السطحية التافه»، وشنت الكثير من وسائل الإعلام بأشكالها، وعلى رأسها مواقع الإنترنت، حملة ضده، بل إن الأمر تحول إلى جدل سياسي، عقب طرح مجموعة من النكات التي تسخر من شخصيات سياسية ودينية لبنانية وعربية في البرنامج، مما دفع بعض الأطراف إلى طلب إيقاف البرنامج.
وترى هذه الفئة أن البرنامج يستعمل أدوات رخيصة لجذب المشاهدين من دون أن يراعي أن هذه المحطة تصل إلى بيوت عربية محافظة، لا تقبل لأبنائها، وخصوصا المراهقين، بتداول هذا النوع من النكات والسير، التي وصلت في بعض الأحيان إلى أن تكون محرجة لأي شخص وليس لأسرة محافظة فقط.
وعلى رغم أن المعارضين للبرنامج والمستوى التعدي الذي يصل إليه كثر، فإنه في مقابل هذه الفئة هناك عديدون ممن يرون أن هذا البرنامج جاء بالجديد للبرامج الترفيهية وللفضائيات العربية، وأنه نتيجة طبيعية للانفتاح والتغير الذي يطرأ على مختلف نماذج الإعلام والترفيه في هذه الشاشات، وما يقدم يمتع المشاهد ويفتح أمامه خيارا جديدا في البرامج. ومن حق أي شخص أن يتابعه أو أن يرفضه وفقا لطريقته وأنموذج حياته.
المشكلة الآن ليست في البرنامج ذاته، فالجدل الذي يدور حوله سيؤدي في مرحلة من المراحل إما إلى تغير بعض التفاصيل في البرنامج ليقترب من الحد المعقول للانفتاح المقبول على شاشاتنا، أو أن المشاهد العربي سيتقبله كما تقبل «الفيديو كليبات» الغنائية، وأما الفئة التي ترفضه فبإمكانها تجنب متابعته، أو أن تدخلات أكبر ستوقف البرنامج.
وكل هذا لابد له من أن يوجد جديدا في الموضوع، إلا أن المشكلة الآن والتساؤل الذي يطرحه المراقبون: هل سيكون برنامج «لول» فاتحة لسلسلة جديدة من البرامج التي تعتمد الحديث المبتذل الرخيص والنكات والتلميحات الفاضحة؟ وهل سنرى قريبا برنامجا أكثر جرأة و «أكثر انفتاحا»؟!
العدد 2689 - الجمعة 15 يناير 2010م الموافق 29 محرم 1431هـ