منذ مطلع العام 2002، يتحول فندق بايريشه هوف الفخم في مدينة ميونيخ إلى قلعة محصنة يجلس داخلها خمسمئة من الوزراء والدبلوماسيين والخبراء الأمنيين والإعلاميين من أكثر من خمسين دولة على مدى يومين كاملين، يناقشون أبرز حوادث العالم ويبدون آراءهم بشأنها وفي النهاية يحزمون حقائب السفر ويتوجه كل إلى بلده من دون صدور قرارات محددة. فهذا المؤتمر الأمني الذي يزداد أهمية بحلول كل عام جديد، عبارة عن منتدى غير رسمي على غرار مؤتمر دافوس الاقتصادي لكن الفارق بينهما أن المشاركين يأتون برباطات العنق وأن المناقشات لا تدور حول مشكلات العالم الاقتصادية وإنما المشكلات الأمنية كما يجرى التركيز على أبرز النزاعات التي تشغل العالم. لكن على رغم أن المؤتمر الأمني في ميونيخ ليست له صفة رسمية فإن المعلقين ينظرون إليه على أنه ملتقى يجتمع فيه وزراء الدفاع والخارجية من أكثر من خمسين دولة لتبادل الآراء عن القضايا الملحة. ليس هناك أكثر أهمية في الوقت الحالي من الوضع في العراق وأفغانستان و«الشرق الأوسط». وكون غالبية المشاركين في المؤتمر، دولا غربية وأعضاء في حلف شمال الأطلسي سيتم التركيز على استراتيجية الحلف العسكري الغربي القادمة في أفغانستان والعراق إذ لم يعد اثنان يشكان في أن حلف شمال الأطلسي على وشك أن يوسع مهماته في أفغانستان لتخفيف الأعباء عن كاهل الولايات المتحدة الأميركية وأن هناك خطة لنشر قوات تابعة له في العراق. قبل عام كانت الخلافات على أوجها بين أطراف أوروبية والولايات المتحدة بسبب أزمة العراق. ونشأت مشادة حادة بين وزير الخارجية الألماني يوشكا فيشر ونظيره الأميركي كولن باول بعد أن شكا الأول من عدم قدرة الحكومة الألمانية على إقناع الرأي العام الألماني بحقيقة الاتهامات التي وجهتها الولايات المتحدة إلى العراق بامتلاكه أسلحة الدمار الشامل وتعاونه مع منظمة (القاعدة). ويعتقد المراقبون بعد انفراج العلاقات إلى حد كبير بين أوروبا والولايات المتحدة أن وزراء الخارجية والدفاع التابعين لدول الحلف الأطلسي سيستغلون لقاء ميونيخ للتصافي وبحث خطط أمنية عسكرية مشتركة للمستقبل.
وسيقوم 3500 شرطي بحراسة فندق باريشه هوف، وحذر رئيس شرطة مقاطعة بافاريا، شميدباور، جموع المتظاهرين الذين سيحتجون بصورة رئيسية على حرب العراق، من أن الشرطة لن تتسامح معهم إذا حاولوا تهديد الأمن العام. وأقامت شرطة بافاريا محطات مراقبة في محطة القطارات الرئيسية والشوارع الرئيسية خشية تسلل أشخاص يرمون إلى القيام بأعمال عنف. ويذكر أن المؤتمر الأمني في ميونيخ لم يكن حتى قبل عامين هدفا للمتظاهرين لكن حرب أفغانستان وحرب العراق ساهمتا في ظهور اهتمام جماعات يسارية ألمانية للاحتجاج وخصوصا بسبب وجود رامسفيلد الذي لا يتمتع بسمعة طيبة عند السياسيين والإعلاميين والمواطنين الألمان على رغم أنه ينحدر من جذور ألمانية. حتى أقرباؤه في مقاطعة راينلاند بفالز أعلنوا عدم اهتمامهم بعقد علاقات معه وانتقدوا سياسته تجاه أفغانستان والعراق
العدد 519 - الجمعة 06 فبراير 2004م الموافق 14 ذي الحجة 1424هـ