العدد 2702 - الخميس 28 يناير 2010م الموافق 13 صفر 1431هـ

هيثم مناع: وجود مراقبين دوليين للانتخابات قاعدة عامة

اعتبر الناطق الرسمي باسم اللجنة العربية لحقوق الإنسان ورئيس المعهد الإسكندينافي لحقوق الإنسان والمنسق العام للتحالف الدولي لملاحقة مجرمي الحرب هيثم منّاع، أن وجود مراقبين دوليين للانتخابات قاعدة عامة.

وقال مناع: «يمكن أن تصل الحكومة إلى حل توافقي مع الفضاء غير الحكومي البحريني والدولي يقوم على وجود مراقبين عرب في انتخابات 2010، وهذا الأمر سيعطي مصداقية أكبر للانتخابات من جهة، ولن تشعر الحكومة أن عليها واجب الانتقال من خطاب الرفض الكامل إلى القبول الكامل من جهة أخرى».

وأبدى مناع، خلال لقاء أجرته معه «الوسط»، تخوّفه من تدهور أوضاع حقوق الإنسان في البحرين، وفضّل عدم الفصل بين العمل الحقوقي والسياسي.

واعتبر أن المرحلة الحالية في ملف «العدالة الانتقالية» في البحرين، تتطلب التركيز على تهيئة القضاة بشكل متقدم، وتأمين الضمانات الاستقلالية المالية والإدارية لهم.


اعتبر وجود مراقبين دوليين للانتخابات قاعدة عامة... هيثم مناع:

النضال البحريني لم يتأثر بالجراد الأسود... وكل حقوقي في جعبته سياسي

الجفير - أماني المسقطي

«أنا ملقح في البحرين»!... هكذا جاء رد الشاب هيثم مناع على أصدقائه منذ أكثر من 30 عاما حين كان يشد الرحال إلى المنفى، بعد أن حذره أصدقاؤه من خطر «الامبريالية» في بلاد المهجر، إلا أنه طمأنهم بأن المناضلين البحرينيين الذين لم يتأثروا بالامبريالية ولا الرمال والجراد الأسود، زودوه بلقاح مضاد لتلك الامبريالية التي يحذرونه منها.

الناطق الرسمي باسم اللجنة العربية لحقوق الإنسان ورئيس المعهد الاسكندينافي لحقوق الإنسان والمنسق العام للتحالف الدولي لملاحقة مجرمي الحرب، هيثم منّاع، الذي تربطه بالبحرين علاقة وثيقة، تم تكريمه قبل أيام في البلد الذي أحبه، من قبل الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان التي منحته «درع أحمد الشملان» لتميزه في العمل الحقوقي.

والتقته «الوسط» أثناء تواجده في البحرين، إذ أبدى خلال اللقاء تخوفه من تدهور أوضاع حقوق الإنسان في البحرين، وفضل عدم الفصل بين العمل الحقوقي والسياسي، كما اكتفى بالإشارة إلى المنظمات الحكومية «الغونغو» بأنه لا فائدة منها.

وفيما يأتي الحوار الذي أجرته «الوسط» مع مناع:

ما الذي يعنيه هذا التكريم من البحرين لهيثم مناع؟

- تلقيت تكريما لأكثر من 10 أو 15 مرة، ولكني مؤمن بأن الإنسان لا يعمل من أجل التكريم وإنما يعمل من أجل واجبه.

وأود القول إن هناك علاقة خاصة لي في البحرين، والبحرين لها فضل كبير في تربيتي، وهي المدرسة الأولى التي تعلمت بها أشياء كثيرة والجيل الذي علمني كان لديه مشروعات كبيرة، ولم يكن يقبل الحياة من دون حلم ولذلك ترك بصمات أساسية في تاريخ وحاضر البحرين.

وفي آخر لقاء لي مع أصدقائي قبل الذهاب إلى الهجرة في المنفى في العام 1978، قالوا لي: ستأكلك الامبريالية! ولكني رددت عليهم: أنا ملقح، وهذا التلقيح من البحرين، فهؤلاء الشباب لم تتمكن الامبريالية ولا النفط ولا الجراد الأسود (النفط) ولا الرمل أن يؤثر فيهم. وهم عملوا لي تلقيحا قبل أن أذهب فلا تخافوا عليَ.

ولاشك أنه كان هناك تأثير كبير لهذا الجيل الذي لعب دورا كبيرا في اليمن ولبنان وفلسطين ومازال يلعب دورا مهما حتى اليوم في الجزيرة العربية ودول الخليج وفلسطين. هذا الجيل علمني الكثير، ولذلك أقول إن التكريم لهذا الجيل أولا.

اجتمعت على هامش زيارتك إلى البحرين مع المفرج عنهم الـ19 الذي كانوا متهمين في قضية قتل الشرطي ماجد أصغر، فما هو سبب هذه الزيارة؟ وما هي النتائج التي أسفرت عنها؟

- في العام الماضي كنت في البحرين في دورة تدريبية، وخلالها وقعت عملية الاعتقالات، والحقيقة أنها فيلم سينمائي سيئ الإخراج. أحيانا تركب السلطات الأمنية مشروعات لتتهم أو لتتخلص أو لتحيد معارضاتها، وهنا لم يكن العمل جيدا ولم نكن نحتاج إلى أدلة كثيرة لنستقرئ حقيقة التهم الموجهة، ولذلك اجتمعنا فورا مع الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان وعائلات الضحايا، وبدأنا العمل مباشرة من أجل تبني فريق العمل الخاص للاعتقال التعسفي في الأمم المتحدة لهؤلاء الشباب.

كما أن قضية بث اعترافات «متهمي الحجيرة» في التلفزيون، هي أمور يمكن أن نلاقيها في دول أخرى، ولكنها ليست ماركة بحرينية، وللأسف هذا الأسلوب لم يعد يجدي، لأن الناس باتت تعرف حقيقة الأمور.

وفي هذه القضية حاولنا الاتصال بمن نعرفهم في موقع المسئولية، لنوصل رسالة أن البحرين بدأت بداية جيدة وهناك قرارات اتخذت في البحرين لا سابقة لها، وخصوصا أن الـ 25 عفوا الذي تم في العالم العربي، يمكن القول أنه لا يوجد منه إلا عفو واحد حقيقي وهو العفو في البحرين الذي تم فيه تبييض السجون.

كما أن هناك خطوات أخرى نستشهد بها كحركة حقوق الإنسان منذ أن تولى جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة الحكم في البحرين، ووجهنا الدول لأن تقوم بما قام به حين أصدر قرارات حقيقية شكلت فارقا إيجابيا في المجتمع البحريني، ومن المؤسف أن نرى ما يمثل رجعة لبداية التسعينيات.

ومن هنا تحدثنا مع أكثر من مسئول معني بالأمر في الأمم المتحدة، وقمنا بما علينا كمنظمات حقوقية، ولحسن الحظ أن الشباب الآن في بيوتهم، ولكن هناك خوف على البحرين من جنوحات مستقبلية كهذه.

وباعتقادي أن التشكيك في أن المواطن متهم حتى تثبت براءته خلق هوة عميقة بين الحاكم والمحكوم، ولابد من الانطلاق دائما من قرينة البراءة وأن المواطن له حقوق وعليه واجبات معروفة في العالم العربي لا يمكن إنكارها، فمن يتأخر عن دفع الضرائب أو فواتير الكهرباء تتم ملاحقته، وبالتالي فإن الواجبات معروفة ويعرفها المواطن جيدا، ولكن هناك أزمة في الحقوق، ولابد من الدخول في العصر العالمي الذي نعيش فيه، وأن نعود للقيمة الأساسية في الإسلام وهي التعاقد، فالدولة التعاقدية هي التي تعمل في إطار عقد يحترمه الطرفان، وعلى أساسه تنظم العلاقات وتبنى مشروعات التنمية، وهذا أمر ضروري لبلداننا، لأنه من دونه للأسف لا يشعر المواطن بأن هناك أي ناظم للعلاقة بينه وبين الحاكم.

وعندما يتم الاعتداء على شخص في عز شبابه، في الفترة التي يشعر أنه يريد أن يقدم فيها شيئا للمجتمع الذي فيه، يشعر أنه كائن مهان وأنه ليس هناك حرمة لكرامته النفسية أو سلامته الجسدية، وهو لن ينسى هذه المسألة وإنما يحتاج إلى اعتذار وتعويض لأن هناك خطأ في حقه، لأن هناك عدة أمور من الصعب حتى تفسيرها للضحايا.

ويجب التأكيد أن التعذيب جريمة في الالتزامات الدولية للبحرين باعتبارها صادقت على اتفاقية مناهضة التعذيب للعام 1986، ومن هنا تبرز مسألة التحقيقات ودور القضاء وحماية الشخص وحقه في الدفاع، وليس حقه في الدفاع فقط أمام تهمة وجهت إليه، وإنما أيضا في اعتداء تعرض له أو سوء معاملة.

واليوم، على سبيل المثال، لدينا 6 دول إفريقية مسئولوها لا يستطيعون الحضور لأي دولة أوروبية للعلاج لأنهم شاركوا في عملية تعذيب أو سكتوا عنها.

وقبل أشهر كان هناك وزير حضر جلسات تعذيب في الجزائر، وجاء لإلقاء محاضرة عن فلسطين في سويسرا، أقيمت عليه دعوى قضائية من قبل أحد الضحايا واضطر أن يغادر في أول طائرة تفاديا للإحراج.

فاليوم العالم أصبح قرية في المعنى القضائي، وحين كنت في لندن تردد أن هناك دعوة موجهة إلى وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني غير معممة على الانترنت من منظمة وطنية يهودية في لندن، وكان هذا الأمر كافيا لإقامة دعوى بإصدار مذكرة توقيف لليفني، ولو لم تجرِ إجراءات كبيرة وكثيرة هربتها من لندن لكانت في السجن.

ومن هنا أعتقد أن الحكمة تتطلب إعادة النظر في العلاقة بين كل ما يسمى وزارات داخلية وأجهزة أمن والمجتمع، وهذا الحديث من المحيط إلى الخليج صحيح ولا يخص بلدا، ولكن لدينا أمثلة كثيرة على تطبيقات في بلدان أخرى نجحنا فيها في ملاحقة كل من تعرض لسلامة النفس والجسد.

وعندما يلتزم شاب أن يعمل في جمعية من أجل مواجهة البطالة، فهذا الشاب ثروة للبلد أمام إعلام وثقافة سائدة تحاول أن تبعده عن الشأن العام وتحوله إلى كائن هامشي يهتم بذاتياته الخاصة أو الأخرى التي تصل إلى المخدرات.

كيف تقيِّم الوعي بثقافة حقوق الإنسان في الدول العربية، وفي البحرين على وجه التحديد؟

- لدينا مشكلتان في العالم العربي، إذ لا يمكن اليوم أن يدعي أحد أن ثقافة حقوق الإنسان ثقافة محجوبة، ولو حجبت أي مواقع لحقوق الإنسان فإن أي شخص يتقن استخدام الانترنت يستطيع أن يكسر هذا الحظر.

وعلى سبيل المثال، نحن في اللجنة العربية لدينا قرص ممغنط بعنوان «زاد المدرب والمتدرب» يضم 100 وثيقة لحقوق الإنسان، وبالتالي لا توجد ثقافة «أ ب» بحقوق الإنسان محجوبة.

ولكن هناك عنصرين أساسيين، الأول هو عنصر المقاومة، فهناك من - بشكل أو آخر - انتصرت لديه فكرة بلوثة الاستبداد أن مسألة الحقوق غربية وليست عالمية، وإن أعانته فستعود بالنفع على غيره وليس عليه. هذه الفكرة نجحت الثقافة الاستبدادية في بثها، ولذلك هناك كثير من الناس يبحث عن نقاط الخلاف بين الشرعة الدولية لحقوق الإنسان والإسلام، على رغم أننا عقدنا جلسات حضرها حجة الإسلام وسلفيين ووسط وإخوان، وكنا نتناقش في العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

وخلال 30 عاما من العمل الحقوقي لم يبلغني أحد أو أعطاني دليلا أو قال إأن هناك تعارضا بين العهد الدولي والإسلام، لا سني ولا شيعي، لا سياسي ولا فقيه, لا أزهري ولا نجفي، فلماذا لا يطالب جميع هؤلاء معنا بأن تصدق كل الدول العربية عليه؟

وفي البحرين الوضع مختلف، فالحركة السياسية، بما فيها الحركة الإسلامية كانت في تواصل مستمر مع الخارج، فلذلك استخدمت هذه الآليات للدفاع عن ضحاياها، وحين كنا نحتاجها في ندوة كانت تؤيدنا باستمرار، ولكن المثل البحريني ليس عاما، لأنه يغطي عليه الجار السعودي في فتاوى تصدر أحيانا ليست حكومية، على رغم أن حركة حقوق الإنسان ليست دينية أو علمانية، وإنما حركة مدنية تشمل الدين والعلمانية، وتشمل كل إنسان.

وهذا يعوق كثيرا القدرة على التعبئة المجتمعية من أجل حقوق الإنسان، ويجب أن نكون صادقين مع أنفسنا أنه إذا كان هناك تعاطف مع حركة حقوق الإنسان في المجتمع العربي فالسبب هو زواج المصلحة لا زواج العقل. زواج المصلحة بمعنى أن الأم لا تسأل إذا كان مناضل حقوق الإنسان يتعارض أو لا يتعارض مع الشريعة، وإنما تريد أن تشعر أن هؤلاء يدافعون عن ابنها ويعيدونه إلى البيت، فتحترمهم على هذا الأساس.

ونحتاج اليوم أن تكون المواطنة فاعلة والمواطن قادر على الدفاع عن نفسه بنفسه لا عن طريق وسطاء، ونحتاج إلى زواج عقل مع حقوق الإنسان الذي لم نصل إليه في العديد من المجتمعات العربية.

هذا يقودنا إلى سؤال آخر، إذ دائما ما يتهم الحقوقي في البحرين بأنه لا يمارس العمل الحقوقي بمعناه الحرفي، وإنما هناك عدم وعي وتفريق بين العمل الحقوقي والسياسي، وهذا ربما يخلق المزيد من الفجوة بين الحكومة والحقوقي، فكيف ترى ذلك؟ وهل هناك خط يفصل بين العمل الحقوقي والسياسي؟

- هذا السؤال مطروح كثيرا في الدول العربية، وأنا دائما أقول إن هذا الخلط له أسباب ذاتية وأخرى موضوعية، الأسباب الذاتية أنه عندما منعت الحركات السياسية من مزاولة عملها وحلت ومنعت وقمعت، وخرج المناضلون من السجن، تاركين خلفهم زملاءهم في السجن لا يستطيعون أن ينظموا أحزابا، فنظموا جمعيات، وفي التاريخ العربي المعاصر كل حركات حقوق الإنسان في الجيل الثالث التي بدأت منذ منتصف السبعينيات، نشأت في البداية للدفاع عن معتقلين سياسيين بما فيها البحرين.

ومازلت أذكر ورقة سلمني إياها الناشط الحقوقي عبدالنبي العكري للدفاع عن المعتقلين السياسيين ثم تشكلت اللجنة وبعدها الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان، كل هذه مسألة حقوق إنسان جاءت بعد اللجان، وأنا نفسي أول ما دافعت عن المعتقلين، بل إن 80 في المئة من جيلنا دخل هذا الحيز، لأنه غير قادر على العمل في السياسة، فتسمح لنا قضية المعتقلين أن نكون مرتاحي الضمير تجاه زملائنا في السجون، وأن نشارك في الشأن العام من دون أن نخوض تجربة السجن مرة أخرى.

فكل شخص جاء إلى هذه الحركة للدفاع عن المعتقلين وفي جعبته تاريخه السياسي، لأنه لا يمكن قطع الكائن عن تاريخه.

وكحركة حقوق إنسان، نحن بحاجة إلى عملية غسل دم، وهذه العملية استمرت ومازالت منذ 15 عاما، ونحن نحاول أن نرسم معالم حركة حقوقية مستقلة ليست قمر يدور حول كوكب مثلما كانت الفكرة القديمة في بداية القرن الماضي.

والسؤال: لماذا ماتت كلمة المجتمع المدني منذ 70 عاما؟ الحركة التقدمية مسئولة عن هذا الشيء، إذ قالت إن الحزب الثوري هو الأب الروحي للجميع، والنقابة تابعة للحزب، وبالتالي لم تعد النقابات مستقلة، وباتوا يأخذون من الأضاحي ويضعوها في موازنة الحزب.

نحن أبناء تجربة لحقناها اسمها التبعية للحزب، وكل المجتمع غير الحكومي ليست له الحق في التواجد مستقلا، وناضلنا كثيرا إلى أن تكون هناك السلطة المضادة، يعني مجموعة من الناس من الفضاء الحكومي الذين لا يريدون منصبا تنفيذيا أو قضائيا أو تشريعيا، ولكن يريدون أن يراقبوا أداء الحكومة ويحاسبوا البرلمان ويسائلوا القضاة المرتشين، فهذا التمايز رجع اليوم باسم الحركة المدنية، وهذه الكلمة ليست على الموضة، وأنا أحب تسمية المجتمع المدني مقاومة مدنية، التي هي قائمة بذاتها، ونطالب الحركة السياسية بالتعامل معنا باعتبارنا بالغين وعاقلين وليس باعتبارنا منظمات تحت التصرف.

لا أحب أن أقول إن الثورات الكبيرة في القرن العشرين هزمت، ولكنها في مرحلة إعادة تقييم، وكل الثورات التي حصلت، من انتفاضات الطلبة إلى الثورات المخملية، كلها في مرحلة إعادة تقييم، بينما عدد المنظمات غير الحكومية زاد 120 ضعفا، والمنظمات غير الحكومية اليوم في العالم هي الشكل الأكثر تنظيما للبشر في الشأن العام.

وفي التحالف لملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين، على سبيل المثال، بلغ عدد أعضاء المنظمات فيها 8 ملايين نسمة، وهذا يعطي فكرة عن دور المجتمع المدني على الصعيد العالمي، وكيف نما وأصبح طرفا غير قابل للسيطرة.

وهناك ناحية أخرى مهمة هي التداخل البرنامجي في كل الدول غير الديمقراطية.

إذ إننا في بلداننا اليوم أمام فشل التنمية وفشل بناء دولة قانون وحالة استثنائية في العلاقة بين الحاكم والمحكوم، غير قائمة على ضابط قانوني، وفي هذه الحالة البرامج السياسية والحقوقية متداخلة.

وما نطلبه في الحركتين تحديد التخوم فيما بينها، فنحن نجتمع على النضال في 8 نقاط وحين تأتي الانتخابات كل شخص يجب أن يقف في مكانه بين مترشح ومراقب.

ونحن نسعى إلى حدوث وعي عام في الوسطين السياسي والمدني يزيل هذا اللبس الذي ندفع ثمنه داخل الحركة قبل دفع ثمنه مع السلطة السياسية.

كيف تصف الوضع العمل الحقوقي في البحرين، وما هي أوجه التراجع والتقدم في أوضاع حقوق الإنسان فيها؟

- هناك تراجعات في البحرين، وبشكل عام، بعد الحرب على الإرهاب، شهدنا عملية تراجع شاملة على الصعيد العالمي في حقوق الإنسان، والذين كانوا يحاولون ألا يتراجعوا كان يجري عليهم ضغط ليخضعوا لاتفاقيات محددة.

والبحرين جزء من هذا العالم، ولكن الفرق بين اليمن والجزائر من جهة والبحرين من جهة أخرى أن الأخيرة لم يكن هناك أي تراجع فيها حتى وقت قريب، بل على العكس كانت قد بنيت جسور عديدة للثقة بين السلطة والمعارضة.

مازال ملف العدالة الانتقالية معلقا في البحرين، فما هو برأيك السبيل للخروج من هذا الملف؟

- في هذه المرحلة يجب التركيز على تكوين القضاة، فمن الضروري أن تدخل القوى العربية وخصوصا البحرين في مرحلة التكوين المتقدم للقضاة، كما أنها يجب أن تؤمن الضمانات الاستقلالية المالية والإدارية للقضاة، وهذا يشجع كل القضاة الشرفاء في هذا البلد على أن يأخذوا دورهم باعتبارهم سلطة من السلطات الأساسية في الدولة ويحول الحكومة إلى جزء من الدولة لا مؤمم لها.

ولكن ما يؤسف له أن التجربة قائمة على تأميم السلطتين التشريعية والقضائية من قبل التنفيذية، إذ لابد من وجود حالات لقضاة وقفوا في وجه السلطة كما حدث في مصر، ولكي يكون القضاء غير خاضع للسلطة السياسية، يجب أن يكون هناك قضاة كفوئين وقادرين على بناء سلطة قضائية مستقلة.

كما أن هناك دورا كبيرا على المجتمع المدني في مسألة طرح الاقتراحات، مثل تدريب الجهاز القضائي من الموظف الصغير إلى المدعي. كما أننا بحاجة إلى ما يمكن تسميته بالحصانة القضائية، واعتبارها كمبدأ دستوري، باعتبار أن هذه الحصانة هي التي تسمح للقاضي الذي لا يملك إلا القانون سيفا يدافع به عن نفسه، لأنه يشعر أن بإمكانه أن يقوم بما عليه من دون تدخل من أحد.

وفي البحرين القرار السياسي كان أساسيا في ضمان استقلال القضاء، ويجب أن يتبع ذلك وجود رغبة سياسية في ذلك، لأن النفع من وراء ذلك سيكون للجميع.

انتشرت أخيرا في البحرين ظاهرة المنظمات الأهلية – الحكومية، والتي يطلق عليها منظمات «الغونغو»، فما رأيك في مثل هذه الجمعيات؟

- أنا أنصح كل الحكومات بأن تشكل مؤسسات حكومية لحقوق الإنسان، تكون وسيلة للتعاون والتعامل والتواصل من جهة مع المواطنين، ومن جهة أخرى مع الفضاء غير الحكومي، أما أن تعتدي الحكومة على الفضاء غير الحكومي فإنها ستفضي إلى تجربة فاشلة، فلماذا ضياع الوقت؟

القاعدة أن الطرف غير الحكومي يقوم بما عليه، والطرف الحكومي له مجاله الخاص في الحكومة، من خلال الدور المناط بهم في قضايا حقوق الإنسان كمؤسسة حكومية، ولكن محاولة الدخول إلى الفضاء غير الحكومي بهذه الوسيلة، من جهة تعطي فكرة تعيسة عن الدولة وتصورها بأنها عاجزة عن الدفاع عن نفسها بالوسائل التي تملكها وهي كثيرة، وتشكل اعتداء على الوسط غير الحكومي، وللأسف من غير فائدة.

البحرين مقبلة على انتخابات نيابية وبلدية في الربع الأخير من العام الجاري، ومازالت لم تعلن موقفا إيجابيا بشأن المراقبة الدولية للانتخابات، فكيف يمكن أن تنعكس المراقبة الدولية على الانتخابات؟

- اليوم أصبحت قاعدة عامة وجود مراقبين دوليين في الانتخابات، ففي شهر أبريل/ نيسان المقبل على سبيل المثال، ستكون هناك 3 هيئات رقابة دولية في انتخابات السودان، ولا أظن أن الحكومة البحرينية تقبل على نفسها أن تكون سمعتها دون سمعة السودان.

وبرأيي أنه يمكن أن تصل الحكومة إلى حل توافقي مع الفضاء غير الحكومي البحريني والدولي يقوم على وجود مراقبين عرب في الانتخابات، وهذا الأمر الذي يعطي مصداقية أكبر للانتخابات من جهة، ومن جهة أخرى لا تشعر الحكومة بأن عليها أن تنتقل من خطاب الرفض الكامل إلى القبول الكامل. ولكن من دون شك فإن غياب المراقبين الدوليين سيؤثر على شفافية الانتخابات.

والمشكلة اليوم، أنه حتى مع منع وجود مراقبين دوليين في الانتخابات، فإن المنظمات ترسل أشخاصا ليس بصفة مراقب وإنما يتواجدون في الانتخابات لإعداد تقرير مراقبين للانتخابات.

ولأننا اعتدنا على المنع، أوجدنا آليات للتغلب على المنع، ولذلك فمن الأفضل أن تكون الأمور بشفافية وبشكل واضح، لأن هناك أكثر من 300 مناضل عربي لحقوق الإنسان يمكنهم أن يحضروا للبحرين من دون أن يتم منعهم إلا إذا كانوا معروفين، لكن من الأفضل أن يكون هناك حل توافقي يرضي الجميع.

هل تؤيد فكرة تشكيل لجنة أهلية من قبل الحكومة لمراقبة الانتخابات؟

- الآليات الداخلية صراع سلمي بين المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية، وكل طرف يحاول أن يحصل على أفضل شيء من المكاسب. ولكني أرى أن اليوم لم يعد هناك أي مجال لحدوث انتخابات من دون مراقبة من غير حاملي الجنسية البحرينية. وهناك أكثر من 30 دولة قمنا بمراقبة الانتخابات فيها، من بينها ثماني دول عربية، ولم يعد الأمر تدخل في الشئون الداخلية.

العدد 2702 - الخميس 28 يناير 2010م الموافق 13 صفر 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 6:10 ص

      نعم كلام صحيح هذا ما على ارض الواقع في البحرين وما نحتاجه

      كما ان قظية بث اعترافات متهمي حجيرة في التلفزيون هي امور يمكن ان تلاقيها في دول اخرى 00ولكنها ليست ماركة بحرينية00 وللاسف لم يعد يجدي لان الناس باتت تعرف حقيقة الامور00 هذا مقطع من المقابلة وكل ما في المقابلة موجود على ارض الواقع وصحيح

    • زائر 1 | 11:45 م

      هل رأيت أبا" يتبنى أجانب يأكّلهم ويسكنّهم لضرب أبنائه إذا طلبوا العيش والسكن؟؟؟!!

      وقال مناع: «هناك أزمة في الحقوق، ولابد من الدخول في العصر العالمي الذي نعيش فيه، وأن نعود للقيمة الأساسية في الإسلام وهي التعاقد، فالدولة التعاقدية هي التي تعمل في إطار عقد يحترمه الطرفان، وعلى أساسه تنظم العلاقات وتبنى مشروعات التنمية، وهذا أمر ضروري لبلداننا، لأنه من دونه للأسف لا يشعر المواطن بأن هناك أي ناظم للعلاقة بينه وبين الحاكم.»!...

اقرأ ايضاً