العدد 492 - السبت 10 يناير 2004م الموافق 17 ذي القعدة 1424هـ

الفيدرالية في العراق نتيجة طبيعية لنظام ديمقراطي عريق

عصام حسن comments [at] alwasatnews.com

قال مسئولون اميركيون أخيرا ان واشنطن قررت الابقاء على الوضع في منطقة كردستان العراقية التي تتمتع بالحكم الذاتي على حاله الى حين تسوية الخلاف على مصير الاقليم في اطار تشكيل حكومة عراقية تتسلم سلطات سيادية من الادارة الاميركية المدنية مع نهاية يونيو/ حزيران المقبل.

وأبلغ مسئول اميركي ان الحكومة الاميركية ملزمة عدم اتخاذ قرار في مسألة الفيدرالية أو الحكم الذاتي في كردستان، وترك الموضوع لاتفاق بين الاطراف العراقيين بعد تسليم السلطات الى حكومة عراقية الصيف المقبل. وشدد على ان ليس من حق واشنطن ان تستبق الدستور العراقي أو قرار الحكومة الشرعية التي ستتسلم السلطات.

وزاد أن الادارة الاميركية لم تتخذ موقفا مسبقا من موضوع الفيدرالية التي «يمكن ان تكون حلا في اطار عراق موحد». واوضح ان «من السذاجة تجاهل الوضع على الأرض الذي يعكس وجود نظام حكومي وبرلماني كردستاني يتمتع بنوع من الحكم الذاتي». واعتبر ان معارضة بعض الفصائل العراقية وحكومات اقليمية فكرة الحكم الذاتي للأكراد في شمال العراق «لا يعني ان المسألة حسمت او انها ليست قابلة للتطوير في مرحلة قادمة من خلال حوار بين العراقيين».

ومنذ ان قدم الاعضاء الخمسة الاكراد في مجلس الحكم العراقي مذكرتهم المعروفة، وقضية الفيدرالية تتفاعل في المشهد العراقي، وكأنها اختزلت كل المشكلات اليومية التي يعاني منها ابناء العراق، نتيجة الفراغ الذي تركه غياب الدولة العراقية، بصورة غير طبيعية من دون ان يكون هناك بديل لها او لمؤسساتها. فالاعضاء الخمسة يرون ان الوقت مناسب لانتزاع اقرار من مجلس الحكم العراقي بمطالبهم، التي تم التأكيد عليها من قبل في مؤتمري لندن وصلاح الدين، والذين اعطوا هذه الضمانات وجدوا أنفسهم في وضع لا يحسدون عليه، فلا هم يستطيعون التنصل مما قرروه في المؤتمرين، ولاهم يملكون الحق في الاقرار بفيدرالية أصبحت قومية.

ولم ينتظر الاكراد - بعد مذكرتهم - طويلا، بل حركوا الشارع الكردي في كركوك في استعراض للقوة لتأكيد الهوية الكردية لكركوك، وكان رد الفعل الطبيعي من التركمان والعرب هو النزول الى الشارع، في استعراض آخر للقوة لتأكيد الهوية المشتركة للمدينة بين الاكراد والتركمان والعرب، مع فارق ان هذا الاستعراض كلفهم بضع قتلى وضعفهم من الجرحى، ضاعت دماؤهم بين اتهام تركماني للاكراد، وتنكر كردي للمسئولية.

وجهة النظر الاميركية المعلنة تجاه الفيدرالية تتلخص بما يأتي:

- وضع كردستان يبقى على ماهو عليه فعلا.

- لاتثبيت للفيدرالية - نوعا - قبل الدستور.

- الفيدرالية محبذة اميركيا كحل لعراق موحد.

- هناك امر واقع في كردستان لايمكن تجاهله.

- الفيدرالية موضوع قابل للاخذ والرد.

وواضح ان الاخوة الاكراد يريدون تحقيق الحد الاعلى من مستويات الفيدرالية التي يرونها مناسبة لهم، وواضح انهم لا يستطيعون القول للآخرين بان عليهم الاكتفاء بفيدرالية اقل، واذا كانت الفيدرالية القومية حقا طبيعيا لهم، فقد تكون الفيدرالية المذهبية حقا آخر لغيرهم، ولا ندري الى اين ستنتهي بنا هذه الحقوق، إن لم يتم وضع الضوابط المعقولة لها.

اننا نعتقد بان الفيدراليات الموجودة كلها نشأت وترعرعت في اجواء ديمقراطية، والا فانها تتحول الى بذرة انفصالية، فهل جربنا الديمقراطية، وعرفنا استعدادنا لدفع فواتيرها الباهظة، لنأتي على الخطوة اللاحقة لها؟

هذا هو السؤال الذي يجب ان نبحث عن اجاباته عبر الممارسات الميدانية لها، والا فاننا لن نصل الى الفيدرالية

العدد 492 - السبت 10 يناير 2004م الموافق 17 ذي القعدة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً