العدد 495 - الثلثاء 13 يناير 2004م الموافق 20 ذي القعدة 1424هـ

الأمور بيدنا قبل 2013

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

الدراسة التي عرضتها مؤسسة ماكينزي بشأن سوق العمل البحرينية في الورشة التي رعاها سمو ولي العهد تقول لنا إننا نستطيع أن نعكس الموجة السيئة المقبلة علينا قبل حلول العام 2013. بمعنى آخر، فإن بإمكاننا ان نقلب المستقبل السيئ خلال السنوات العشر المقبلة الى مستقبل مضيء وأخبار حسنة شريطة أن نأخذ المبادرة ونعالج الخلل في سوق العمل البحرينية.

المعالجة ليست من خلال توزيع منح تخفيفية؛ لأن مثل هذه المنح تنتهي وتختفي بسرعة وتعود الأمور إلى ما كانت عليه من دون أي اثر بعيد المدى ومن دون استمرارية. وهذا يدفع إلى الحديث عن ضرورة صوغ «النموذج الاقتصادي» الذي نسعى اليه في البحرين.

الأمور بيدنا لو شئنا أن نلحق بالدول المتقدمة التي غيرت اقتصادها من النمط القديم الى النمط «المعرفي»، وأصبحت هذه الدول (الولايات المتحدة الأميركية مثلا) تتحدث عن 60 في المئة من اقتصادها يعتمد على النمط «المعرفي». البعض يعتقد بأن الاقتصاد المعرفي هو الانترنت والكمبيوتر والهواتف النقالة، وكل ما يتعلق بتقنية المعلومات. والواقع هو أن كل وسائل ومنتجات تقنية المعلومات ما هي إلا «تسهيلات» وبنية تحتية للاقتصاد المعرفي. فالاقتصاد المعرفي يعتمد على المعرفة التي يمتلكها الانسان المشغِّل للمعرفة. والانسان يستطيع تشغيل المعرفة بصورة أكثر انتاجية من خلال وسائل تقنية المعلومات. والمعرفة التي يختزنها الانسان المشغِّل للمعرفة ليست الكتب والشهادات فالكتب التي يقرأها والشهادات التي يحملها ما هي إلا وسائل لتوسيع مداركه. المعرفة المقصودة هي «الخبرة» التي يكتسبها الانسان في مجالات الحياة المختلفة ويستطيع تقديمها وعرضها على الآخرين لتسيير وتطوير حياتهم. وهذا يعني أن «الانسان المعرفي» يحدد القدرة التنافسية لاقتصاد هذا البلد أو ذاك.

ايرلندا واحدة من تلك الدول التي تطورت بسرعة خلال التسعينات وحولت اقتصادها القديم الى اقتصاد معرفي، وبذلك استطاعت ان تنمو بمعدل 7 في المئة ما بين 1990 و1997. وقبل أن تنهض ليصبح اقتصادها منافسا لبريطانيا فقد حددت أن عليها ان تستثمر أكثر في التعليم والتدريب، لاسيما في التعليم الفني والتقني، وتصحيح موازنة الدولة وسياسات الانفاق، وتصحيح سوق العمل وازالة اسباب هروب العمالة وانخفاض مستوى دخلها، وخلق تصور عن موقع ايرلندا كمركز للتبادل التجاري بين أوروبا والعالم، واصدار مجموعة من القوانين القوية المساندة للتنافس بما يخدم المستهلكين، وإعطاء محفزات للبدء في قطاعات اقتصادية متطورة.

وبمجرد أن تحركت السياسة الاقتصادية في الاتجاه الصحيح وإذا بالمهاجرين الايرلنديين يعودون من بريطانيا إلى إيرلندا ويشاركون بصورة مباشرة في دفع عجلة الاقتصاد إلى الأمام.

وبسبب إعادة توجيه التعليم والتدريب فقد أصبحت 40 في المئة من الصادرات الايرلندية ناتجة عن تقنية المعلومات والبرمجيات الكمبيوترية، واستقطبت إيرلندا شركات يابانية كبرى اتخذتها منطلقا لتصنيع المنتجات (اليابانية الأصل) وتصديرها إلى أوروبا. فالشركة اليابانية تبحث عن إنسان معرفي (متدرب ومتعلم وخبير في مجاله) وتبحث عن مساندة حكومية وأجواء تنافسية، وهو ما تجده في بلد مثل ايرلندا.

هذه الأمثلة كلها تشير إلى أن الخطط وتنفيذها تحتاج إلى فترة عشر سنوات، وهي الفترة التي رسمتها مؤسسة ماكينزي في تقريرها وقالت إن أخبارا سيئة تنتظرنا إذا تركنا الأمور من دون حل... ولذلك فإنه لا ينبغي الانتظار كثيرا

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 495 - الثلثاء 13 يناير 2004م الموافق 20 ذي القعدة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً