العدد 2347 - السبت 07 فبراير 2009م الموافق 11 صفر 1430هـ

مؤتمر الحوار الثقافي الأوروبي المتوسطي الخليجي

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

انعقدت في مرسيليا، أكبر مدن فرنسا وموانئها على البحر الأبيض المتوسط الجولة الرابعة من الحوار الثقافي الأوربي المتوسطي الخليجي خلال يومي 3 - 4 نوفمبر/ تشرين الثاني 2008. ومما هو جدير بالذكر أن الجولات الثلاث السابقة انعقدت بالتوالي في باريس وبرشلونة والاسكندرية. وقد جاء انعقاد هذه الدورة بعد انعقاد قمة تأسيس الاتحاد من أجل المتوسط في 14 يوليو/ تموز 2008 في باريس، وكبديل لما يعرف عملية برشلونة (الشراكة الأوروبية المتوسطية)، حيث قرر قادة الاتحاد الأوروبي والضفة الجنوبية من المتوسط على البناء على عملية برشلونة، وتطوير علاقتهم وتحقيق المزيد من المنافع لمواطني المنطقة. كما أن انعقاد هذه الدورة أتى مباشرة بعد اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد من أهل المتوسط، حيث طرحت تساؤلات جدية حول مكانة الحوار الأوربي المتوسطي الخليجي في الاتحاد من أجل المتوسط. وتكمن مشروعية هذه التساؤلات كون هذا الحوار، يضم المنظمات الأهلية ومراكز البحوث في الاتحاد الأوروبي، ودول جنوب المتوسط، والجزيرة العربية، في حين أن دول الجزيرة العربية (الخليج واليمن) ليست أعضاء في الاتحاد من أجل المتوسط. كما أن الاتحاد الأوربي (رؤساء الدول، أو المجلس الوزاري، أو المفوضية) لم تقر هذه الوثيفة وتعتمدها ضمن آليات تعاون الاتحاد مع المحيط، لكن الحقيقة هي أن فرنسا هي من تبنت المشروع ودفعت دول الاتحاد الأوروبي إلى المشاركة فيه وتجاوبت معها حتى الآن أسبانيا ومصر.

مسار المؤتمر

شمل حفل الافتتاح كلمة لوزير الخارجية الفرنسي بيرنارد كوشنر والذي أشار إلى أهمية العلاقات التاريخية ما بين ضفتي المتوسط وفي مختلف المجالات وشد وعلى مغزي قيام الاتحاد من أجل المتوسط ليس كقطيعة مع مسار برشلونة بل تعزيز العلاقات بين ضفتي المتوسط سواء من قبل الدول أو الشعوب وقد فهم لاحقا من مصادر فرنسية، أن فرنسا تسعى إلى مد الشراكة الأوروبية المتوسيطة لتشمل منطقة الخليج.

أكد كوشنر على التزام وزراء الخارجية الأوروبيين والمتوسطين على تحقيق سلام شامل وعادل ودائم للصراع العربي الإسرائيلي مشيدا بمبادرة السلام العربية، ومؤكدا دعم التقدم في عملية السلام في الشرق الأوسط على مختلف المسارات كما أكد على أهمية إدماج عملية الحوار الأوربي المتوسطي، الخليجي في آليات الاتحاد من أجل المتوسط. وقد شدد على ضرورة احترام حقوق الإنسان المعترف بها دوليا، كأساس قيمي للسياسات. كما تحدث في حفل الافتتاح كل من رئيس محافظة الألب مسشيل فؤسيل ورئيس مجلس منطقة الرون كوت دي زور ودون ندت جوراني، - وجان فاير ورئيس غرفة تجارة وصناعة مرسيليا جان فايسر ورئيس بنك إيسبران ألن نمير . وقد أدار الجلسة السفير فوق العادة جاك هنزنجر وممثل رئيس الجمهورية لمشروع الحوار، جاك هنرنجير والذي استعرض المراحل التي مر بها الحوار، والتحاقه مؤخرا بالاتحاد من أجل المتوسط، وأكد أن هذا المشروع الذي أطلقه الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك يحضى بدعم من قبل الرئيس نيكولا سركوزي.

ورش العمل

بعد الجلسة الافتتاحية تفرع المؤتمر إلى ثمان ورش عمل هي: الذكريات والتاريخ والانتماء،الصور والخيالات والسينما، الترجمة والمكتبات، الإبداع الفني وتبادل الفنون والثقافات، الديانات والمجتمعات، تحديث المجتمعات وحقوق الإنسان، التعليم والجامعات، الهوايات والثقافات والقيم والرؤية في المتوسط.

عقدت مختلف الورش اجتماعاتها على امتداد يومين، وقد تعمق المتناقشون فيما توصلوا إليه من استخلاصات في الجولات الثلاث من الحوار. وعمدوا في ضوء ذلك إلى اقتراح مشاريع محددة وهذه هي: تأليف مادة تربية مدرسية حول التاريخ المشترك للمتوسط، مشروع سمعي - بصري للمتوسط من أجل الانتاج المشترك للأفلام وإقامة مرصد للإعلام في المتوسط، وإقامة شراكة ما بين الإعلام الخاص والعالم لترجمة وسائط الإعلام (Copeam)، مشروع الترجمة للنتائج الأدبي والعلمي والفكري للمتوسط.

رصد السياسات الثقافية وخصوصا الحركة الإبداعية والفنية، شبكة لحوار الأديان والمجتمع من قبل مؤسسات وفاعلين متوسطيين والتي ستركز على التعددية الدينية في المتوسط، وتعليم الأديان واللاهوت في إطار مشروع إيرازموس، إقامة شبكة متوسطية للمتخصصين في القانون والقضاء والتعاون فيما بينهم وخصوصا من خلال جامعة بول زيزان، إقامة شبكة لنساء المتوسط والتي ستربط المنظمات النسائية اليورو متوسطة، إقامة مكتب لشباب المتوسط، التعليم في المتوسط ويشمل التعليم الأساسي، وتدريب... وبرنامج إيرزموس والتعادل الثقافي في النظام المتوسط، إقامة منتديات ثقافية متوسطية تظم الفاعلين في الحفل الثقافي وتبادل الأعمال والفعاليات الثقافية والفنية وإقامة المنتديات الثقافية والفنية المشتركة.

لقد فهم من عرض السفير حبال هنزنجر أنه سيتم تمويل هذه المشاريع وتنسيقها من قبل السكرتارية العامة للاتحاد من... المتوسط، والتي تم الاتفاق على إقامتها من قبل المؤتمر الوزاري للاتحاد من أجل المتوسط، في برشلونه.

الافتقار إلى البنية

أثير في المؤتمر تكرار افتقاد الحوار الأوربي - المتوسطي، الخليجي إلى البنية الدائمة والاستمرارية، ولذلك أقترح أن تكون السكرتارية العامة للاتحاد من أجل المتوسط مسؤولة عن عملية الحوار هذه، وأن تقدم بتمويل وتنسيق المشاريع المقدمة من قبل منظمات المجتمع المدني من ناحية والحكومات من ناحية أخرى. كما أتفق على أن يستمر عند مؤتمر الحوار الأوروبي المتوسطي - الخليجي سنويا بالتناوب ما بين شمال وجنوب المتوسط. كما تم التأكيد على أن الدعم المادي والتقني لمختلف المشاريع هي من مسئولية الحكومات والمؤسسات في المتوسط.

الجلسة الختامية

عقدت الجلسة الختامية في قصر الفراعنة، وكانت جلسة ما، تتابع على منصتها ثلاث مجموعات. ضمن المجموعة الأولى مقررو ورشة العمل، حيث قدم كل مقرر ورشة استنتاجات الورشة وتوصياتها والمشاريع التي تقترحها، وبالفعل فقد قدمت سبعة مشاريع منبثقة عن الحوار العربي الأوربي، وتعزيز التبادل ما بين الأوروبيين والعرب. وضمت المجموعة الثانية، ممثل مفوضي الاتحاد الأوربي في مارسيليا، والمنظمة الانجلو - عربية، ومنظمة أن لهذه للتبادل الثقافي - الإسكندرية، وممثل البنك الدولي وضمت المجموعة الثالثة ممثل مجلس أوربا، واليونسكو ومعهد العالم العربي والمنبر المدني الأوربي متوسطي، ورابطة مرسيليا 2013، كعاصمة للثقافة الأوروبية. وقد قرأ السفير جاك هنزنجر البيان الختامي والمدني تضمن استخلاصات المؤتمر وتوصياته ومشاريعه المقترحة.

وقد ذكرت ممثلة المفوضية الأوروبية، أن الاجتماع الوزاري للاتحاد من أجل المتوسط قد تبين سبعة عشر مشروعا لضفتي المتوسط إلى جانب عشرة مشاريع تؤهل الينا الحوار الأوروبي -المتوسطي- الخليجي، كما أبدت ترحيبها بأية مشاريع تقدم من قبل المنظمات أو المجموعات أو الافراد في المجتمع المدني.

الاستنتاجات

من المعروف أن المفاوضات ما بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي من أجل إقامة اتفافية التجارة الحرة (FTA) مستمرة طوال عشرين عاما دون التوصل إلى اتفاق نهائي، وقد علمنا خلال المؤتمر أن الاتحاد الأوروبي في ظل الرئاسة الفرنسية لنيكولا سركوزي مصمم على التوصل إلى اتفاق نهائي قريبا. وإذا ما حدث ذلك فسيسهل إدماج بلدان مجلس التعاون الخليجي دولا ومنظمات مدنية في الفضاء الأوروبي بالمتوسط وتحديدا في الاتحاد من أجل المتوسط، وهو يعني إدماج مسار الحوار الأوربي - المتوسطي الخليجي في آليات ومنظمات الاتحاد من أجل المتوسط.

على رغم محدودية تمثيل المنظمات الأهلية لدول مجلس التعاون الخليجي في مؤتمر مرسيليا، فإنه يتوقع أن يكون التمثيل في المؤتمر المقبل أفضل بكثير وقد علم أن السفير جاك هنزنجر سيقوم بجولة خليجية لشرح عملية الحوار الأوروبي المتوسطي الخليجي. ومشروع الاتحاد من أجل المتوسط في إطاره الأوسع والذي يؤهل أن يضم مجلس التعاون الخليجي واليمن، وتعزيز دور المنظمات الأهلية الخليجية في إطاره وآلياته ومؤسساته

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 2347 - السبت 07 فبراير 2009م الموافق 11 صفر 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً