العدد 2347 - السبت 07 فبراير 2009م الموافق 11 صفر 1430هـ

ولادة السيارات الصينية

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أعلنت شركة تويوتا اليابانية، وهي أكبر شركة لصناعة السيارات في العالم، عن تجاوز خسائرها السنوية المتوقعة للعام 2008، عن تلك التي أفصحت عنها تقديراتها السابقة في نهاية العام 2008، جراء تدني الطلب على شراء السيارات، لأسباب كثيرة من بين أهمها، إرتفاع أسعار الطاقة، وذيول الأزمة الاقتصادية العالمية.

وكانت تويوتا، قد توقعت في نهاية العام الماضي أن تبلغ خسارة 1.5 مليار دولار، لكنها الآن راجعت أرقامها لتصبح الخسائر المتوقعة في السنة المالية التي تنتهي في مارس/ آذار المقبل 4.95 مليار دولار.

وتشير توقعات الشركة إلى مستقبل أسوأ، فمن المحتمل أن «ينخفض عدد مبيعاتها للعام 2008/ 2009 من 7.54 ملايين إلى 7.32 ملايين».

وليست السيارات اليابانية هي الوحيدة التي تعاني من مثل هذه الأزمات الحادة، فقد سبقتها إليها السيارات الأميركية، إذ تجمع التقارير على تراجع مبيعات السيارات الأميركية إلى نحو النصف خلال شهر يناير/ كانون الثاني 2009 مقارنة مع الشهر نفسه من العام 2008. فقد تراجعت، في الشهر الماضي «مبيعات فورد بنسبة 42 في المئة مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، كما تراجعت مبيعات جنرال موتورز بنسبة 49 في المئة وكرايسلر بنسبة 55 في المئة».

وكما يبدو، وكما كان متوقعا، فإن أزمة السيارات هي اليوم عالمية وتمتد من اليابان، مرورا بكوريا، من دون أن تستثني صناعة السيارا ت الأوروبية، قبل أن تصل إلى الولايات المتحدة.

فقد تراجعت مبيعات السيارات الكورية الجنوبية «بما في ذلك هوندا موتور بنسبة 8.6 في المئة في نهاية العام 2008».

ففي السويد، وفيها مقر سيارات فولفو وساب، تراجع عدد السيارات الجديدة المرخص بها هناك «بنسبة 36 في المئة خلال شهر واحد مسجلا بذلك أكبر هبوط شهري منذ العام 199».

كما تواجه شركة سكانيا السويدية التي تنتج شاحنات سكانيا المشهورة أزمة مشابهة، إذ تراجعت «أرباحها بسنبة 44 في المئة خلال الربع الأخير من العام 2008 بسبب تراجع مبيعاتها».

وحذرت الكثير من شركات أوروبية أخرى من بينها بيجو ستروين ورينو إنها باتت مضطرة إلى «خفض الإنتاج وتمديد إغلاق مصانع في الربع الأخير من العام 2009، كي تتمكن من تصريف مخزون السيارات غير المبيعة بنهاية العام 2008، بعد أن أظهرت بيانات رابطة صناعة السيارات انخفاض مبيعات السيارات الأوروبية بنسبة 5.4 في المئة في الأشهر العشرة الأولى من العام 2008».

وسط هذه الأزمة العالمية الطاحنة التي تعصف بصناعة السيارات العالمية، وتهز أركان أعمدة شركات عريقة مثل تويوتا وفولفو وجنرال موتورز، تفاجىء بكين العالم بالكشف عن سيارتها الجديدة (BYD F3DM) التي ستغزو بها الأسواق العالمية خلال الشهر المقبل، والتي هي كما يصفها موقع هيئة الإذاعة البريطانية سيارة «صالون صغيرة كمئات السيارات الأخرى التي تنتجها المصانع في شتى أرجاء المعمورة، لكنها تسير بالطاقة الكهربائية مما يفسر تسارعها القوي، وأكثر من ذلك أنها عندما تفقد بطارياتها شحنتها بعد نحو 128 كيلومترا من القيادة، ينطلق محركها الذي يسير بالبنزين بشكل سلس وتلقائي من دون ان يشعر السائق بذلك».

وكما يبدو فإن للشركة طموحات كبيرة، فهي تسعى لأن «تصبح أكبر منتج للسيارات في الصين بحلول العام 2015، وأن تصبح أكبر مصنع للسيارات في العالم بحلول العام 2025». وما يعزز من دقة هذه التوقعات هو نجاح شركة (BYD)، وفي الوقت الذي كانت فيه صناعة السيارات العالمية في أوج أزمتها، في إقناع «كبير المستثمرين الأميركيين الملياردير وارين بوفيت شراء ما قيمته 230 مليون دولار من أسهم الشركة ليصبح بذلك مالكا لـ10 في المئة من أسهمها». وكما يقول موقع هيئة الإذاعة البريطانية فإن بوفيت يستثمر «أمواله للأمد البعيد وليس للربح السريع، ولذلك فلابد أن يكون قد استشرف شيئا عن شركة (BYD) غاب عن أعين الكثيرين».

ما يعطي هذه السيارة التي تعتمد كثيرا في توفير نفقات تشغيلها على الطاقة التي تولدها بطاريتها، هو تنامي صناعة البطاريات في الصين، وخصوصا خلال السنوات الخمس الماضية، ففي العام 2004 أعلنت وزارة العلوم والتكنولوجيا الصينية عن عزمها على استثمار أكثر من 50 مليون دولار أميركي فى تنفيذ تكنولوجيا البطاريات الخليوية فى صناعة السيارة الصينية، بعد أن استقرأ الخبراء تحول سوق السيارات لصالح السيارات التي تعمل بالبطارية، وخصوصا الهيدروجين، أو البطاريات الخليوية بدلا من الوقود.

يساعد الصين في ذلك، وكما جاءت أقوال الخبراء، إنها، أي الصين «ليست لديها أعباء بنية تحتية ضخمة فى صناعة السيارة التقليدية الكاملة، (الأمر الذي يؤهلها) لاختيار طريق نمو القفز فى هذا المجال وتركز جهودها على تنمية السيارات فى القرن 21 مثل السيارات المستخدمة الهيدروجين أو البطاريات الخليوية». الجدير بالذكر هنا هو أن شركة (BYD) قد بدأت حياتها كمصنع لبطاريات الهواتف المحمولة، وتدرجت نحو صناعة السيارات. هذه البداية شبيهة إلى حد بعيد ببدايات صناعة السيارت اليابانية التي اكتسحت العالم خلال الأربعين سنة الماضية.

الكثير منا لايزال يحمل في ذاكرته تلك الابتسامة الساخرة حينما كا يجري حديث للمقارنة بين السيارات اليابانية وتلك الأميركية في منتصف الخمسينيات، لكن تطور الأوضاع قاد إلى سيادة السيارات اليابانية في الأسواق العالمية ومن بينها الأسواق الأميركية ذاتها، التي كانت حينها المركز الأكبر لتلك الصناعة.

فهل يشهد القرن 21 ولادة مارد آسيوي جديد ينطلق من بكين كي يكتسح صناعة السيارات العالمية بما فيها تلك الآسيوية التي تحتفظ اليوم بحصة الأسد من هذه الأسواق؟

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2347 - السبت 07 فبراير 2009م الموافق 11 صفر 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً