العدد 507 - الأحد 25 يناير 2004م الموافق 02 ذي الحجة 1424هـ

عن التعاونيات... نتحدث

علي الشرقي ali.alsharqi [at] alwasatnews.com

من باب «وتعاونوا» نلج في حديثنا، هذا الذي يلامس الحركة التعاونية في البحرين منذ بداياتها، وحتى اليوم. إن المتتبع لهذه الحركة يجد أنها مرت بمرحلة ازدهار ونشاط غير عادي في مختلف المناطق، انطلاقا من مدينة عيسى وسترة، وانتهاء بالمحرق والدير.

ومرت السنون، وإذا بهذه الشعلة تنطفئ ويخبو ضوؤها، وإذا بمعظم الجمعيات تغلق أبوابها، وتسرّح موظفيها وعمالها، وتضيع بذلك حقوق مؤسسيها وأعضائها، بعد أن أعلنت هذه الجمعيات عن وفاتها.

وهذا يعني بصورة واضحة لا تقبل الجدل أو اللف والدوران أن هذه الجمعيات قد فشلت في الوصول وتحقيق أهدافها المعلنة أمام جماهيرها، ولم تستطع الوقوف على أرجلها، وبالتالي تعرضت لنكسة ظاهرة غير قابلة للتبرير بأي حال.

وهذا يقودنا لبحث الأسباب التي أدت إلى هذا التعثر والفشل الذي تتحمل مسئوليته - في اعتقادي - ثلاث جهات رئيسية:

1- وزارة العمل والشئون الاجتماعية، ممثلة في قسم التعاون بالوزارة، إذ إن الملاحظ أن هذا القسم - مع تعدد الإدارات وتعاقبها فيه - لم يعر اهتماما كافيا للحركة التعاونية، وأن حجم وإمكانات قسم التعاون البشرية والمادية لم تكن بالمستوى المطلوب، فلا الإدارة في المستوى المؤهل بما فيه الكفاية، ولا عدد الموظفين في حجم المسئوليات الكبيرة المنوطة بهذا القسم، ولا قانون التعاون الذي مضت على إصداره اثنتان وثلاثون سنة مسته يد التطوير والتغيير، ليتماشى مع حجم ومحتوى الحركة التعاونية ولم يجر تعديل سوى في القانون الصادر العام 2000. يضاف إلى ذلك تقاعس وزارة العمل في تحقيق وتفعيل اتحاد الجمعيات التعاونية الذي جرى بحثه ومناقشته لعدة سنوات من دون أن تتمكن الوزارة - أو لا ترغب - في ابرازه إلى الواقع، على رغم أهميته بالنسبة إلى الحركة التعاونية عندنا، أسوة بمثيلتها في الدول المجاورة، كالكويت على سبيل المثال... القدوة في هذا المجال.

2- مجالس إدارات الجمعيات التعاونية الذي من أبرز سمات بعضها تغليب المصالح الخاصة على مصالح الجمعيات، والمجاملات التي تغطي على العيوب والمساوئ لارضاء فلان وكسب ود علان، يضاف إلى ذلك تكرار الوجوه بالنسبة إلى من يتولى المسئولية في مجالس الإدارة وخصوصا في المراكز العليا، وكأن لسان حالهم يقول «ما في مني إلا أني» أو كما يقول عنهم الآخرون «ما في هالبلد إلا هالولد».

كذلك، لا عجب أن نرى الجمود الناتج عن تداخل وتقاطع الأهلية والمحسوبية والعنصرية أحيانا يلقي بظلاله على قسم كبير من الجمعيات التعاونية ويصيبها بالشلل المزمن، ثم الموت البطيء والعياذ بالله.

3- الجمعيات العمومية المكونة من أعضاء الجمعيات، وهؤلاء تقصيرهم يكمن في السلبية المتمثلة في عدم الاهتمام بما يجري في جمعياتهم، فلا يتابعون الفشل والنجاح - إن كان ثمة نجاح - ولا يبدون آراءهم بالنسبة إلى مجريات الأمور في هذه الجمعيات، بل ولا يحضر منهم اجتماعات الجمعيات العمومية إلا العدد القليل، وبالتالي يكون القسم الأكبر من أعضاء الجمعيات غائبا أو مغيبا عن الاجتماعات العمومية، وإذا حضر منهم أحد، فحضوره لتسجيل الحضور ولا شيء بعد ذلك.

ويبقى السؤال الكبير قائما وملحا: وماذا بعد؟ وما مصير الجمعيات التي ماتت وقرأنا لروحها الفاتحة؟ ألا يمكن إعادة الحياة إلى هذه الجمعيات بدعم ومبادرة من الجهات المعنية وفي مقدمتها وزارة العمل والشئون الاجتماعية، ورجالات المجتمع المنضوين تحت عضوية الجمعيات والمحسوبين على الشخصيات الفاعلة في المجتمع؟ باسم الحقوق التي ضاعت، والأهداف التي طُمست والآمال التي خابت وخبت، نناشد الجميع المبادرة والاسهام في بعث الروح إلى جمعياتنا التعاونية التي أفل نجمها أو تلك التي تحتضر... إنها أمانة بين أيدينا جميعا، فهل نحن في مستوى الأمانة؟.. أجيبونا... رحمكم الله

إقرأ أيضا لـ "علي الشرقي"

العدد 507 - الأحد 25 يناير 2004م الموافق 02 ذي الحجة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً