العدد 509 - الثلثاء 27 يناير 2004م الموافق 04 ذي الحجة 1424هـ

ما حقيقة ملف التأمينات والتقاعد؟

بعد السيناريوهات المحتملة

سلمان عبدالحسين comments [at] alwasatnews.com

كاتب

بعد أن عصف ملف التأمينات والتقاعد بالساحة السياسية في البحرين على مدى شهر كامل تقريبا، وبعد هدوء العاصفة بتسليم خيارات المجلس النيابي بيد الحكومة، وقصرها على تنفيذ الحكومة للتوصيات لا غير، وتجلي ملف التجنيس تعميقا لمبدأ المشاغلة السياسية للشارع العام والمعارضة، وبعد طرح مجموعة سيناريوهات حدية وتصعيدية، أو استسلامية وضبابية، يمكن الوقوف على أرضية صلبة في فهم حقيقة ملف التأمينات والتقاعد من دون اجترار أو تجيير الموقف لحساب هذا الطرف أو ذاك، فما توصل إليه المجلس النيابي من تسوية سياسة غير معلنة مع الحكومة، يخدم في وضع اللمسة الأخيرة، وكشف حقيقة هذا الملف تماما من دون قدرة الأطراف الأساسية فيه على المناورة أكثر مما ناورت، وخصوصا بعد اتخاذ الحكومة خطوات إجرائية من جانبها لحلحلة هذا الملف، تنفيذا للتسوية غير المعلنة.

هناك حقيقة لابد من مصارحة النواب بها، ربما ليجيدوا المناورة بشكل أوسع، ويجعلوا من حبكة السيناريوهات أكثر إحكاما وإثارة وغموضا، وسط التخمينات الجاهزة التي تفرزها طبيعة العجز في الأدوات الدستورية، والمعطيات الذاتية والنفسية للنواب أنفسهم، بما يعادل حقيقة العجز في الأدوات الدستورية أو يفوقها بكثير، هذه الحقيقة هي أن الصحافة مارست دورا أهم من النواب أنفسهم في تدوير النواب للسيناريوهات باتجاه التصعيد تارة، أو التسوية و«الطبخات المحترقة» تارة أخرى، من خلال إثارات الصحافة العفوية والمقصودة عن النهايات المحتملة لهذا الملف.

النواب لم يكونوا يستطيعون المناورة أكثر مع اقتراب لحظة الحسم، ولم يكونوا يجرؤن على الإتيان بمفاجأة عصية على استيعاب الأطراف المعارضة، بحيث تربك الوضع وتزيده غموضا وإثارة، ومنها الطلب المتكرر بالطعن في دستورية المادة 45، إذ كان الحفز لهم بالطعن وراءه علم مسبق يصل إلى درجة اليقين بعدم قدرتهم على فعل ذلك، وبدل الطعن جعلت المادة 45 ضمن «التسوية السياسية» أو «الطبخة المحترقة»، ويا لكثرة اختراق القانون بالسياسة في بلادنا، في صغائر الأمور وكبائرها.


ملف التأمينات في «الوسط»

بعد هذه المصارحة، يمكن الوقوف على الحقيقة بكل جلاء، ففي 23 سبتمبر/ أيلول 2002 نشرت «الوسط» خبرا عنوانه «دراسة تحذر من إفلاس صندوق التأمين على الشيخوخة في العام 2017: التأمينات الاجتماعية توصي برفع نسبة الاشتراكات والتمثيل العمالي يحتج» هكذا كان عنوان الخبر الذي جاء به الزميل جميل المحاري، ورقي على أساسه إلى رئيس قسم الاقتصاد في الصحيفة، فالخبر دسم جدا، ويستحق الترقية، لأنه خبر متعلق بمصائر الناس، وقد تعودت «الوسط» منذ البداية أن ترتبط بمصائر الناس على رغم الانتقادات الكثيرة لها.

الخبر أشار إلى أن مجلس إدارة الهيئتين اعتمد توصيات رفعت إلى مجلس الوزراء، تلغي معظم الامتيازات التي يحصل عليها المؤمن عليه منذ 20 سنة الماضية، إذ سيجرى وفق هذه التوصيات «تعديل بعض مواد قانون التأمين»، وذلك بناء على مذكرة رفعها الخبير الاكتواري إبراهيم مهنا.

ومن هذه التوصيات زيادة نسبة الاشتراكات لفرع الشيخوخة والعجز والوفاة لتصبح 18 في المئة أولا، وترتفع بعد ذلك لتصل إلى 24 في المئة، ووضع قيود على التقاعد المبكر بتحديد سن أدنى للحصول على معاش التقاعد المبكر، وتعديل نسب خفض المعاش المبكر، وإلغاء الحد الأدنى للمعاش، ومن هذه التوصيات أيضا الأخذ بمتوسط الأجر لآخر عشر سنوات بدلا من آخر سنتين، وإلغاء السنوات الخمس المجانية التي تضاف عند التقاعد الاعتيادي، وتعديل معامل شراء سنوات الخدمة.

وفي الخبر ذاته كانت الردود على هذه التوصيات بـ الآتي:

1- تهديد ممثل العمال في التأمينات بالانسحاب إذا طبقت هذه التوصيات، وخصوصا أنها (التوصيات) أقرت في اجتماع لم يحضره.

2- المطالبة بأخذ آراء خبراء اكتواريين آخرين، التشكيك في موضوعية هذه الدراسة، ووصف القرار بالمتسرع، لكونه يمس جوهر قانون التأمينات للعام 1976.

3- اعترض البعض بأن المس بقانون التأمينات سيوسع الفارق بين الصندوقين (التقاعد والتأمينات) لصالح الموظفين الحكوميين (التقاعد) على حساب موظفي القطاع الأهلي (التأمينات) بدل أن تقترب.

وكان مهنا بحسب الخبر حذر في العام 1994 من إفلاس صندوق التأمين بعد 50 سنة، ثم عاد وأكد في دراسة ثانية أن الإفلاس سيكون بعد 30 سنة، ليحذر في دراسته الأخيرة من الإفلاس بعد خمس سنوات فقط، وهو ما جعل الكثيرين يشككون في صدقية هذه الدراسات.

هكذا كان الخبر، وهكذا كانت تداعياته، إلا أن العنصر الغائب في التحليل، هو أن تلك الفترة من عمر شعب البحرين كانت فترة انتخابات نيابية، وكانت هناك تجاذبات سياسية حادة بين مشاركين ومقاطعين للانتخابات، فيما كان قانون التأمين للعام 1976 يستعد لأن يكون ضمن حزمة القوانين التي أصدرتها الحكومة في تلك الفترة قبل انعقاد المجلس، والتي يرفض النواب الآن الطعن في دستوريتها، إلا أن الموقف في ذلك الوقت لم يكن مناسبا لطرح هذا القانون لكونه يختص بمعاشات الناس وأرزاقهم ومصائرهم، وطرحه بهذه الصورة مع ما أثاره من جدل في الأوساط الشعبية والعمالية، كان سيمثل نقطة كسب للمعارضة في تحشيد الناس للمقاطعة، بخلاف ما دأبت عليه الحكومة في تلك الفترة من ترغيب الناس وترهيبهم للتصويت في الانتخابات، كسبا لمعركة 50 في المئة مع المعارضة التي كانت محل شك من المراقبين، ولهذا فقد استبعد هذا القانون من حزمة القوانين التي كانت السلطة التنفيذية تنوي إصدارها.

نعم، لقد تم تأجيل إصدار قانون التأمينات الجديد بعد تعديله إلى حين انعقاد المجلس النيابي، فالنتيجة بالنسبة إلى الحكومة متساوية بالنظر إلى عجز الأدوات الدستورية للمجلس النيابي، سواء أجل هذا القانون أم لم يؤجل، ولا ضير في التأجيل مادامت النتيجة متساوية، وليكن الكسب مضاعفا على المعارضة، بتحريك هامش الحرية للنواب، لتكون النتيجة بعدها لصالح الحكومة.

أما وقد طرح هذا الملف بكل تداعياته، وبشق مفقود في خبر «الوسط»، وهو التجاوزات إن كانت مالية أو إدارية، فإن السؤال عن إنجاز المجلس النيابي في هذا الملف الخطير والمعقد سيكون مضاعفا، لأن المسئولية ليست إصدار قانون كما كانت تشتهي الحكومة، وإنما المشكلة في محاسبة المسئولين الذين تسببوا في ضياع حقوق الناس بتجاوزاتهم الفاضحة وغير الأخلاقية، وأرادوا فرض قانون يهدد الناس في أرزاقهم وعيشهم بكرامة في مراحل العجز والشيخوخة من عمرهم، وكأن قدر الإنسان في هذا البلد أن يعيش مطحونا في دوامة المجاهيل السياسية والاقتصادية، والأعباء التي تنوء بها الجبال، منذ ولادته حتى آخر يوم من عمره.

إذا كانت هذه حقيقة الملف، وقد أثير بكامل صوره الخطابية الصاخبة التي تشعر الإنسان بوقوع أمر جلل، فهذه مناسبة للتأكيد مرة أخرى أن «ثقافة الصراخ» كقيمة إنجاز أمر مرفوض، وأن العبرة بالنتائج، ويحق للناس أن يعرفوا النتائج كما هي لا كما يتلمسها ولايزال يتلمسها النواب، لحقيقة موضوعية هي أنهم لا يدرون ماذا يفعلون بهذا الملف، وعادة ما تورد الصحافة هنات وثغرات على أدائهم، ليس آخرها مثلا أن بعض التوصيات تحتاج إلى آليات تشريع، في حين لم ينتبه النواب إلى ذلك إلا حينما سلموا التوصيات إلى الحكومة مطالبين بتنفيذها مع أن بعضها واقع في اختصاصهم، مع الإشارة إلى أن من تكلم من النواب هم من اعتادت الصحافة على تصريحاتهم، ما يعني أنهم اكتسبوا خبرة في الرد على أسئلة الصحافة، وليس الكلام عن النواب الصامتين إلى الآن، عند ذاك ستكون النتائج حتما غير مرضية.

أما وقد وقع الفأس في الرأس، فمن حقنا مناقشة ما سيئول إليه وضع هذا الملف، كحلقة أخيرة أو ما قبلها، لتبصير الشارع بالأداء التفصيلي لمجلس النواب، وعدم تفويت الفرص للاستفادة من الانفتاح السياسي في البحرين، وتقديم صورة موضوعية عنه.


فهم مقلوب

أولا: لقد رهن النواب هذا الملف بيد الحكومة بكامل تفاصيله، وتحديدا حينما طالبوا الحكومة بتنفيذ توصيات التقرير مع ما فيه من بنود تختص بالتشريع، ولا أبلغ من كلام الناشط السياسي عبدالعزيز أبل الذي استغرب من مطالبة النواب الحكومة بتنفيذ التوصيات، معتبرا أن على النواب أن يصدروا قرارات ملزمة للحكومة لتنفيذها بصفتهم جهة تشريعية، وكون الحكومة سلطة تنفيذية لا أن يصدروا توصيات، بمعنى أن هذه التوصيات للمجلس النيابي لكي يحولها إلى قرارات ملزمة للحكومة، وقد أراد أبل أن يقول إن ذلك غير ممكن لكون آلية التشريع تمر عبر ثلاث قنوات (مجلس النواب + مجلس الشورى + السلطة التنفيذية)، ولهذا اكتفى النواب برفع التوصيات إلى الحكومة مع التلويح بالاستجواب غير الممكن، على أن يصدروا القرارات الملزمة التي لا يمتلكون ناصيتها.

يقابل فهم أبل فهم النائب علي أحمد عضو كتلة «المنبر الإسلامي» فحينما سألته «الوسط» عن سبب ترك تغيير قانوني التأمينات والتقاعد وتغيير هيكلة مجلسي إدارة الصندوقين للحكومة، أجاب: إن القانون يمكن أن يقدم من الحكومة كمقترح بقانون، ويمكننا أن نعدله أو نضيف إليه أو نلغيه، مؤكدا أن آلية التعديل الحالية تستغرق وقتا طويلا، ونحن نريد من الحكومة تنفيذ التوصيات»، والخلل في فهم أحمد أنه قلب الآية تماما، ففي الوقت الذي يتصدى النواب لتجاوزات الحكومة الخطيرة، ويطالبون بإصلاح الخلل، فإنهم غير قادرين على ترجمة أقوالهم إلى أفعال بما يساوي قانونا يحفظ حقوق الناس.

هذا يدل بكل وضوح على أن آلية الرقابة فقط غير كافية، لأنها تعزز «ثقافة الصراخ» كقيمة في قبال التشريع كصورة من صور الإنجاز، وإن كان النواب فقدوا الحالتين، فالأخطر في تعزيز أداة الرقابة مع عدم إنجاز التشريع، أنه سيضاعف من قيمة الصراخ للتعويض عن الإنجاز، ما سيؤدي في الظروف الطبيعية غير المحنطة بإبر السياسيين إلى إنهاء التجربة البرلمانية.


ما حقيقة التوصيات؟

ثانيا: إذا كان النواب طالبوا الحكومة بتنفيذ التوصيات كتسوية سياسية غير معلنة، وكان بعض هذه التوصيات يخص مثلث التشريع وفق دستور 2002، فيمكن وضع تصور متخيل (سيناريوهات) مرة أخرى، لبعض نتائج خطوات الحكومة في تطبيق توصيات تقرير اللجنة.

- إرجاع أموال الهيئتين وفوائدها: أعلنت الحكومة أنها سترجع أموال مركز المعارض وشركة الفنادق الوطنية، ولم تتكلم عن بقية الأموال الأخرى التي ثبت تجاوز الحكومة فيها، وهذا يثير سؤالا كبيرا قد ينقض نتائج التقرير من الأساس، والسؤال: كيف يطالب النواب الحكومة بإرجاع أموال الهيئتين إذا كانت الجهة الممنوحة الأموال والقروض والأراضي والاستثمارات غير معلومة في معظمها، ولا يشير إليها التقرير لا من قريب ولا من بعيد؟ فمِن مَن تسترجع الأموال إذن؟ أليس الأقرب إلى الواقع أن هذه الأموال ستسترجع من خزينة الدولة لا من خزينة المتلاعبين بأموال الناس؟ إذن ... لماذا أهمل التقرير منطقة الفراغ هذه لتكون مثار تساؤل وشك؟ وكيف يكون تنفيذ التوصيات ملزما وفق الأطر القانونية والشرعية إذا كانت هناك حلقات مفقودة في التوصيات؟

التقرير أشار إلى من أعفى من القرض، وباع الأراضي، ودخل في استثمار خاسر، وحدد المسئوليات بدقة في رجال من كبار رجالات الدولة، وهم الوزراء، فلماذا لا يشير بوضوح إلى من تجاوز الوزراء من أجلهم، وارتكبوا كل هذه الأخطاء في حق المال العام؟ فعدم تحديد المسئوليات بدقة يجعل من التقرير وتوصياته كأن لم تكن، ويجعل من فتح الملف من الأساس مثار تساؤل وشك إذا كانت النتائج بهذا المستوى من الضحالة، ولتوضيح الصورة أكثر، ففي فلتة لسان، قال النائب فريد غازي في ديوانية النائب صلاح علي «لا مانع من استرجاع أموال الهيئتين من خزينة الدولة، فالمهم أن تسترجع الأموال» إلا أن النواب بعد هذا التصريح استدركوا كجزء من الاستدراكات الكثيرة التي لا تعني شيئا في قاموس التراجع عن المواقف الخاطئة سوى أنها استدراكات دبرتها الصحافة، وأكدوا أن الأموال ستسترجع من خزينة المتلاعبين، والسؤال: من هم المتلاعبون؟ وما هي صفتهم وكنههم؟ وكيف ستسترجع منهم الأموال إذا كانوا من الأساس غير محددي المسئولية؟

- من الملفت للانتباه أن المسئولية تجاه تجاوزات التأمينات والتقاعد حمّلت أشخاصا بعينهم، فيما رفعت التوصيات إلى الحكومة لتنفيذها مع الإصرار على استجواب المعنيين فقط إذا لم تنفذ الحكومة هذه التوصيات، والسؤال: هل مسئولية التجاوز يتحملها وزراء ثلاثة أم إنها مسئولية حكومة بكاملها، فإذا كانت المسئولية مسئولية الوزراء الثلاثة، فيجب أن يحاسبوا ثلاثتهم فقط، ولا يلقى وزرهم على الحكومة، فالقرآن الكريم يقول «وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى»(18: فاطر)، ولا حاجة لأن ترفع التوصيات إلى الحكومة، وإنما يباشر البرلمان بنفسه إصدار قرارات ملزمة، بعد التحفظ على وضع الهيئتين وجعلها تحت عهدته، إلى حين تنفيذ هذه القرارات، وأما إذا كانت الحكومة هي المسئولة، فيجب أن تحدد مسئولياتها بدقة.

إن ما يعكس حقيقة مسئولية الحكومة عن التجاوزات، هو عدم تقديمها أي تنازل فيما يتعلق بأي وزير من وزرائها ممن ثبت عليهم التجاوز في حال تضامن واضحة، على رغم إصرار النواب على محاسبة المسئولين، وقد نقل عن أحد الرموز قوله: «إن الحكومة لن تسمح باستجواب أحد وزرائها وطرح الثقة به، لأن معنى ذلك أن أي وزير من الوزراء سيكون معرضا للاستجواب وطرح الثقة مستقبلا، وإذا كانت راغبة في تغيير بعض الوزراء، فستعلن ذلك من خلال تغيير حكومي، وخارج نطاق القضية المثارة حاليا» وهذا يعني أن الاستجواب وفق المعطيات النفسية للنواب والدستورية (قيد المادة 45) غير ممكن، يساعد على ذلك عدم تحديد ووضوح المسئوليات، وعدم شفافية التقرير.

- هناك سيناريو أخير يتعلق بحل مجلسي إدارة الصندوقين، وإجراء تغييرات في الهيكلية الإدارية لهما، وكذلك دمج الصندوقين وتوحيد المزايا، فبالنسبة إلى إجراء تغييرات هيكلية في إدارة الصندوقين، يبدو أن الحكومة لن تعلن آلية محددة، وخصوصا مع وجود اتحاد عمال البحرين الذي من المؤمل أن يكون له تمثيل قوي في هيئة التأمينات والتقاعد، إذ إن الحكومة حالت بين الموظفين في المؤسسات الرسمية وتشكيل نقابات مهنية أو عمالية خاصة بهم، كجزء من رصيد احتياطي كبير تتخذه الحكومة عادة لمواجهة جميع الخيارات الظاهرة والخفية، المعلنة الآن أو التي ستعلن غدا، إلا أن الواضح أن دخول النقابات في القطاع الأهلي لإدارة التأمينات في ظل الواقع المربك الذي خلفه البرلمان سيكون محل توقف وحذر، لأن أيا من النتائج المرضية، وخصوصا فيما يتعلق بالوضع المالي للتأمينات وضبابية الموقف بشأنه، لا تبدو أنها ستظهر سريعا، وهذا يعني أن دخول العمال في إدارة هيئة التأمينات أشبه بالمغامرة غير المحسوبة، بل تدوير للمشكلة والأزمة باتجاههم.

أما عن دمج الهيئتين وتوحيد المزايا، فيبدو من حقيقة الملف وفق ما أثارته «الوسط» قبل عام ونيف، والتقطه النواب بعلاته، يبدو أن دمج الهيئتين وتوحيد المزايا يتجه باتجاه دمج الهيئتين وتوحيد المزايا وفق مزايا التأمينات لا مزايا التقاعد، فما أخذ من أموال الشعب الكثير، وآلية إرجاعه مفقودة إن لم تكن معدومة، وسبل حل إشكالية الإفلاس الاكتواري لم يوفرها النواب، عدا توصيات غير ملزمة للحكومة، لا تقدم ولا تؤخر في وضع الهيئتين، ما يعني مزيدا من المعاناة والمستقبل المجهول، ومزيدا من غياب الشفافية والمصارحة مع المواطنين، ومزيدا من بقاء المشكلة مزمنة إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.

بعد كل هذا، أليس الواضح أن ملف التأمينات والتقاعد ملف مؤجل بكل تصفياته وتعقيداته ومشاغلاته للمعارضة والناس، وحلوله التي تنتقص من حقوق المواطنين، وسيناريوهاته التي أعلنت ولم تعلن، أليس من الواضح أن صورة ملف التأمينات قبل سنة ونصف السنة حين كشفت عنه «الوسط» كانت أكثر نصاعة ودلالة عن صورة هذا الملف حين تسلمه النواب، وأسلموه إلى المجهول؟ وما هذه المعارضة التي ترجف الأرض من تحتها، ولا تحس بكل هذا الدبيب العارم؟ وقفة تأمل رجاء

إقرأ أيضا لـ "سلمان عبدالحسين"

العدد 509 - الثلثاء 27 يناير 2004م الموافق 04 ذي الحجة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً