العدد 511 - الخميس 29 يناير 2004م الموافق 06 ذي الحجة 1424هـ

العقلية الفرنسية

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

مع اقرار الدولة الفرنسية بطرح مشروع حظر ارتداء الحجاب الاسلامي في المدارس العامة الى جانب الرموز الدينية الاخرى مثل القلنسوة اليهودية والصلبان المسيحية عبر طرحه على البرلمان يوم الثلثاء المقبل لهو دليل على ان الحكومة الفرنسية ماضية في طريقها لسن هذا القانون.

وفي قراءة سريعة لما يدور على الساحة الفرنسية الحالية نجد انه لابد ان يسعى مسلمو فرنسا إلى البحث عن حلول شرعية خاصة تتناسب مع هذا الوضع الذي قد تطبقه الدولة الفرنسية على ارضها فقط.

فالمشروع الفرنسي الذي تناهضه الكثير من المنظمات الاسلامية داخل فرنسا وخارجها وحتى بعض القوى العلمانية واليسارية التي احتجت على مثل هذه الاجراءات في اعتبار ان ذلك يمس حرية الانسان ومعتقداته عليها ان تعي ان اسلوب المظاهرات واطلاق الشعارات وغيرها لن يغير من عقلية الحكومة الفرنسية التي لطالما اظهرت تشددا في اسلوب تعاملها مع المعتقدات الدينية وليس مع الإسلام فقط... كون ان ذلك يتعارض مع مبادئ نظامها العلماني.

من هنا لابد من الاشارة إلى ان المستفيد من هذا المشروع هو اليمين المتطرف خصوصا عندما يلقي جام عنصريته وكرهه على العرب والمسلمين ممن ترجع اصوله الى شمال افريقيا وممن يقطن غالبيتهم في احياء باريسية تتفشى فيها مظاهر الفقر والبطالة الى مشكلات اخرى اجتماعية وثقافية. فهؤلاء ممن يعتبرون مسلمين فرنسيين وامتدادا للاجيال المغاربية المهاجرة في فرنسا مازالوا يعانون من قلة الحظ والفرص في فرنسا بل ومن التضارب في اتخاذ الثقافة العربية والاسلامية اسلوبا لحياتهم الى كيفية التأقلم مع الثقافة الفرنسية وسيطرتها في مختلف النواحي من حياتهم. ولو عدنا قليلا الى الوراء فإن هذه الترسبات تعود الى الحقب الاستعمارية التي شهدتها دول المغرب العربي كون ان الاستعمار الفرنسي كان ثقافيا بالدرجة الاولى وهو ما نلمسه جيدا مع الشعوب الافريقية بشكل عام... فمنهم من تقبل الفرنسة ومنهم من رفضها. مثل هذا الاسلوب نلمسه في كيفية تعامل مسلمي فرنسا ايضا مع قضاياهم التي تمس اصولهم ودينهم... فقناعاتهم لا تؤثر على الدولة الفرنسية خصوصا في ظل غياب استراتيجية واضحة المعالم للدفاع عن معتقداتهم فهم يقفون في الجانب الضعيف لا القوي.

قد يجد اليمين المتطرف في فرنسا الى النظرة الجديدة التي اوجدتها حوادث سبتمبر في نيويورك حجة لعنصريتهم لتنتقل العدوى بعد ذلك الى باقي الدول الاخرى في الغرب. ان كان الرئيس الفرنسي جاك شيراك قد شدد على ضرورة الحاجة الى صدور قانون يحمي الطالب من الطائفية الى خيار منع الرموز الدينية الظاهرة في المدارس بهدف احترام قيم الدولة الفرنسية فإنه ربما قد يساهم في خلق نعرات عنصرية ومشكلات جديدة لا حد لها تضاف على قائمة مشكلات المهاجرين من المسلمين خصوصا ان ذوي الاصول العربية يعانون بشكل واضح من صنوف القهر الاجتماعي التي لاتزال ظاهرة على السطح من دون حلول جذرية.

اذن الجدل القائم في فرنسا حاليا هو إما العلمانية وإما استمرارية المعتقدات الدينية وقد يكون الاسلام على رأس القائمة وليس كما ذكر شيراك ان «الجدل هو فرصة متاحة امام الفرنسيين للتوحد بشأن ارادة العيش المشترك»...! وربما العيش المشترك الذي يراه الرئيس الفرنسي انما هو بداية لاعطاء صلاحيات اكثر لليمين المتشدد ولنزاعات قادمة داخل المجتمع الفرنسي...

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 511 - الخميس 29 يناير 2004م الموافق 06 ذي الحجة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً