العدد 2350 - الثلثاء 10 فبراير 2009م الموافق 14 صفر 1430هـ

المجتمع المدني الأفغاني يرفع صوته بشأن سياسة الولايات المتحدة

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

بينما يعمل صانعو السياسة في واشنطن على تقييم أفضل السبل قدما في أفغانستان، يتوجب عليهم أن يعيروا بعض الاهتمام لنصائح من آلاف قادة المجتمع المدني في أفغانستان، من الذين يعملون من أجل تحسين بلدهم. وعلى رغم خلافات بينهم تتعلق بدعمهم لزيادة عدد الجنود الأميركيين، يتّفق هؤلاء الزعماء بالإجماع في رغبتهم بحدوث تحوّل في توجه الولايات المتحدة بالنسبة لبلدهم. تحتاج أفغانستان إلى سياسة ثلاثية الأبعاد ذات توازن أفضل وتوزيع أفضل للعمل بين الجيش والدبلوماسية والدفاع والتنمية.

قد تساعد الحلول المكلفة والقصيرة الأمد مثل الزيادة المقترحة لأعداد الجيوش بواقع 20.000 جندي على كبح جماح العنف على المدى القصير. ولكن في غياب المزيد من الخيارات السياسية الواعدة، مثل حركة دبلوماسية وتنموية نشطة، يقول زعماء المجتمع المدني هؤلاء إن التوسع في العمليات العسكرية لن يعمل على بناء أساس لمستقبل أفغانستان.

أرسلْتُ خلال الشهر الماضي استطلاعا عبر البريد الإلكتروني إلى نحو أربعين أفغانيا من قيادات المجتمع المدني يعملون عبر أفغانستان في هيرات وقندهار وكابول، إضافة إلى هؤلاء الذين يعملون في الباكستان والولايات المتحدة وكندا، بشأن الزيادة المقترحة في أعداد ونشاطات الجيش الأميركي. وقد تسلّمتُ عشرات الردود لأسئلة بشأن ما إذا كانوا يوافقون على هذه الزيادة وكيف يريدون الولايات المتحدة أن تتصرف في بلادهم. فضّلت هذه المنظمات البقاء سرية وعدم ذكر اسمها لأسباب أمنية.

أولا، يريد قادة المجتمع المدني الأفغان تحولا في الاستراتيجية العسكرية. وهم يحذّرون من أن زيادة عدد الجنود وحدها سوف ينتج عنها زيادة في عدد الضحايا المدنيين والمزيد من الغارات على القرى، والمزيد من عزل السكان المحليين، زيادة في المقاومة المحلية للجنود الأجانب. كما يتخوف هؤلاء القادة من أن ترى القاعدة في الزيادة في أعداد الجنود فرصة لتجنيد السكان المحليين لقضيتهم.

يعتبر أخذ وجهات النظر العامة بعين الاعتبار في التخطيط العسكري أمرا غاية في الأهمية. فالأمر مهم إذا كان الشعب الأفغاني يعتقد بأن الجنود الأميركيين يقتلون المدنيين أثناء ملاحقتهم للطالبان والقاعدة، بغضّ النظر عما إذا كان ذلك حقيقيا أم لا. ومن المهم كذلك وجود منظور عام مفاده أن القوات الأميركية تلقي القنابل، بما فيها قنابل الفسفور الأبيض، على المدنيين في أفغانستان، بغضّ النظر عما إذا كان ذلك صحيحا أم لا.

ينصح زعماء المجتمع المدني قوات التحالف أن يركّزوا على حماية المدنيين في أفغانستان من هجمات المتمردين وتفكيك صناعة الأفيون وعمل المزيد لدعم الجيش الوطني الأفغاني وقوات الشرطة الوطنية.

ثانيا، تشكّل التنمية الاقتصادية وبرامج حكم القانون والنشاطات المناهضة للفساد اللبنات والإسمنت التي تساعد على بناء حكم جيد وسلام في أفغانستان. فالعوامل الاقتصادية مثل البطالة والفقر تعمل على تحويل الدعم إلى مجموعات المتمردين مثل الطالبان.

تحشد المنظمات غير الحكومية العالمية وقوات التحالف، الحجم الأكبر من المساعدات التنموية للقيام ببرامج قصيرة المدى من أجل الفوز «بعقول وقلوب» السكان المحليين. إلا أن المحليين ينتقدون أحيانا هؤلاء الخبراء ذوي الرواتب العالية الذين لا يعرفون سوى القليل عن الثقافة المحلية ويقومون بتصميم المشاريع بأقل قدر ممكن من الأثر بعيد الأمد.

الاستراتيجية الأكثر فاعلية من حيث الكلفة هي توفير الدعم المباشر للمنظمات الأفغانية التي تفهم اللغات والثقافات المحلية والديناميات الدينية. هناك العديد من الأفغان الذين يقومون بنشاطات على الخطوط الأمامية في مجالات كالتنمية الاقتصادية وحقوق الإنسان والحكم الرشيد والإعلام المستقل، إلا أنها لا تحصل إلا على القليل من الاعتراف أو الدعم المالي لعملها. تعمل الولايات المتحدة، من خلال تركيزها الكامل تقريبا على بناء الحكومة الأفغانية ومهاجمة الطالبان على توفير كمّ قليل من المعونة والدعم للمجتمع المدني الأفغاني.

ثالثا، تعتبر الديمقراطية الصحيحة داخل أفغانستان والدبلوماسية المرتكزة على المبادئ مع القوى المعارضة أمورا أساسية لتحقيق الاستقرار المستدام. يتطلب التفاوض الناجح مشاركة كل أصحاب المصالح والاهتمامات، بغض النظر عما إذا كانوا معتدلين أم متطرفين. تحتاج الدبلوماسية الحذرة تحديد مظالم الطالبان الجوهرية والتعامل معها دون إضفاء الشرعية على قضيتهم. تريد المرأة الأفغانية رؤية حوار مع الطالبان، إضافة إلى تأكيدات بأن مكتسبات مثل الدستور وقوانين المساواة في النوع الاجتماعي هي أمور غير قابلة للتفاوض.

يتطلب تحقيق الحكم الرشيد والاستقرار في أفغانستان اهتماما مساويا بالحكومة الأفغانية والمجتمع المدني، الذي ينزع لأن يكون قوة معتدلة في التاريخ. لا يمكن إلا لهذا الخليط من الدولة الموجَّهة نحو المواطن وزعماء مجتمع مدني يضعون الحكومة أمام المساءلة أن يعزز الديمقراطية والاستقرار.

ينزع المجتمع المدني لأن يرى العاملين الدوليين على أنهم يساندون ويؤيدون سلطة الحكومة الأفغانية في عمليات صنع القرار السلطوية، وفرض ديمقراطية سطحية لا ترتكز على أسس راسخة. يريد الشعب الأفغاني حوارا حقيقيا في تقرير أهداف ومهمات وقوانين الانخراط للأجانب في بلادهم. تملك قوات التحالف فرصة لوضع نموذج جديد لديمقراطية جديدة تستوعب المضمون في أفغانستان من خلال التشاور بشكل مباشر مع قادة المجتمع المدني وأعضاء مجلس الشورى، والقادة المدنيين والجيرغا والتجمع القبلي وكبار المجتمعات المحلية.

تحسن الولايات المتحدة صنعا، حسب عينة متنوعة من المجتمع المدني الأفغاني، إذا عرضت توجها ثلاثي الأبعاد بشكل أكبر، لا يميل إلى درجة بعيدة نحو التوجهات العسكرية. ونأمل أن يدّخر هذا دعما متزايدا للمعتدلين ويرسي قواعد أفغانستان مستقرة تتمتع بالسلام من خلال تنمية ودبلوماسية بقيادة مدنية على جميع المستويات.

* أستاذة في مجال بناء السلام في جامعة ايسترن مينونايت ومديرة مبادرة الأمن ثلاثية الأبعاد، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2350 - الثلثاء 10 فبراير 2009م الموافق 14 صفر 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً