العدد 525 - الخميس 12 فبراير 2004م الموافق 20 ذي الحجة 1424هـ

مسجد الخميس...إلى أين ؟

سلمان المحاري comments [at] alwasatnews.com

إن المفهوم الصحيح لعملية الحفاظ على المباني الأثرية والتراثية لا يقتصر فقط على إجراءات الترميم والصيانة بل يمتد ليشمل الخطوة الأهم وهي إعادة تأهيل وإحياء هذه المباني التاريخية من جديد. والقصد هنا بالتأهيل والإحياء هو إعداد المبنى وتجهيزه للقيام بوظيفته أو وظائفه التي من أجلها تم إنشاؤه، ومن الممكن أيضا إعداده لاستخدامه في وظائف ثانية لا تتعارض مع طبيعة المبنى ومكوناته ولا يقلل من قيمته التاريخية و الفنية، مثل الوظائف الثقافية أو الفنية أو الاجتماعية، وذلك طبقا للأسس والقواعد والمواثيق التي أقرتها المنظمات الدولية المتخصصة في مجال الحفاظ على الآثار، وكل ذلك بهدف إعطاء المبنى مكانته الاجتماعية عن طريق أدائه لوظائف تعود بالنفع على المجتمع.ونلاحظ أن هناك إصرارا دوليا على ضرورة توظيف المباني التاريخية، فقد نصت إحدى فقرات التوصية لميثاق أثينا 1931م على أن توظيف الأثر يضمن له الاستمرارية ولكن مع احترام سماته التاريخية والفنية، وكذلك ما نص عليه ميثاق البندقية في عام 1963م للحفاظ على المباني والمواقع الأثرية في المادة رقم «5» التي تنص على: انه للحفاظ على المباني الأثرية لابد دائما من تيسير استخدامها في أغراض اجتماعية يكون المجتمع بحاجة إليها. ومن الخطورة جدا أن يتم ترميم أي مبنى أثري وتصرف عليه الأموال ثم يترك مهملا دون صيانة أو وظيفة تبرز أهميته في الوسط البشري المحيط به، لأنه في هذه الحالة من الممكن أن يتعرض للتلف والخراب سواء من العوامل الطبيعية أو البشرية نتيجة جهل السكان المحيطين به بأهميته، وانه مبنى غير ذي فائدة ومن الأجدر إزالته لبناء بعض المساكن الحديثة التي من الممكن أن تخدم أهل المنطقة. وما هذه المقدمة المطولة إلا تمهيدا لموضوع لابد من الالتفات إليه وهو مصير مسجد الخميس والذي بقي لفترة ليست بقصيرة مهملا قبل و بعد ترميمه وصيانته دون أية وظيفة اجتماعية ترجع له ثقله الذي اكتسبه على مر الفترات التاريخية السابقة والذي كان يؤدي فيها الكثير من الأدوار والوظائف على مستوى المنطقة من إقامة الصلاة وتدريس علوم الدين ومقرا للعلماء، ونجده قد أصبح الآن فاقدا لكل هذه الوظائف؛ ماعدا انه أعطي وظيفة واحدة كمزار سياحي أو مبنى أثري، ولا يوجد اعتراض على كونه مزارا سياحيا فهو عمل جيد يعمل على تشجيع السياحة النظيفة في البلد، ولكن لابد في البداية من إحيائه بإعطائه حتى ولو وظيفة واحدة من وظائفه السابقة وهي إقامة الصلاة، لان هذه المساجد مابنيت الا لعبادة الله وخدمة الدين وأمرنا بأعمارها لا بتركها وهجرها، كما قال تعالى «انما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الاخر وإقام الصلاة...» «التوبة: 18». ولذلك فان إحياء وإعادة إعمار هذه المساجد واجب شرعي على كل مسلم.هذا ومن ناحية أخرى يجب أن نضع في الحسبان بأن الآثار الإسلامية هي أثار حية لأنها تابعة لحضارة حية مازالت قائمة وهي الحضارة الإسلامية، أي أن الوظائف التي من أجلها أنشئت ما زالت قائمة. لذلك فإنه لابد للجميع أن يأخذ على عاتقه مهمة الحفاظ على هذا الصرح المعماري التاريخي الجميل وان نتكاتف ونتعاون مع قطاع الثقافة والتراث الوطني والمتمثلة في إدارة الآثار والتراث من أجل المحافظة عليه بدلا من تركه مقفلا أمام المصلين، كما أن للمسجد أوقافا لابد من استغلالها في خدمته في أعمال الترميم والصيانة والتجهيز لإحيائه وتنشيطه من جديد وإعطائه المكانة التي كان يتمتع بها سابقا

العدد 525 - الخميس 12 فبراير 2004م الموافق 20 ذي الحجة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً