العدد 541 - السبت 28 فبراير 2004م الموافق 07 محرم 1425هـ

عملية القدس تثبت أن الجدار لن يوفر الأمن لـ «إسرائيل»

قراءة في الصحف العبرية والأميركية:

آمنه القرى comments [at] alwasatnews.com

.

تنقلت تعليقات الصحف العبرية، بين جلسات محكمة العدل الدولية في لاهاي في شأن قانونية جدار الفصل الذي تقيمه «إسرائيل» في عمق الأراضي الفلسطينية، وخطة إخلاء غزة التي طرحها رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون... وبالتزامن مع الإشارات إلى «صفقة» تجري بلورتها توافق فيها واشنطن على خطة شارون للفصل مع الفلسطينيين مقابل إدخال تعديلات على مسار الجدار، ردّت المقاومة الفلسطينية على العدوان الإســـــرائيلي المتمادي ضـــد الشـــــعب الفلســطيني في الأراضي المحتلة بعملية فدائية هزت قلب مدينة القدس المحتلة إذ فجر فدائي من كتائب شهداء الأقصى حافلة وسط المدينة المقدسة موقعا ثمانية قتلى إسرائيليين إلى جانب 62 جريحا.

فقد شكلت العملية ضربة قاسية لإجراءات الأمن الإسرائيلية وخصوصا لمشروع الجدار العازل الذي تقيمه سلطات الاحتلال في عمق أراضي الضفة الغربية بزعم منع الفــدائيين من العبـــــور إلى داخل الأراضي المحتلة العام 48. واعتبر بعض المعلقون الإسرائيليون ان العملية دليل على فشل الجدار في حفظ الأمن الإسرائيلي وقال عكيفا إلدار، ان هذه العملية، هي خير دليل على ان هذا الجدار لن يوفر الأمن لـ «إسرائيل». «إن هذا الجدار سيؤدي في الحقيقة إلى إقامة حاجز كبير يحول دون التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين يكون هو السبيل الوحيد للحفاظ على أمن «إسرائيل». وتوقع البعض، ألاّ يكون الرد الإسرائيلي على العملية في القدس، عنيفا لتزامنها مع بدء أعمال محكمة لاهاي للنظر في مسألة الجدار الفاصل. ولاحظ ألوف بن في «هآرتس»، انه حتى «جوقة» السياسيين في جناح اليمين في «إسرائيل» الذين لا يتوقفون وخصوصا بعد كل عملية «إرهابية» عن المطالبة بطرد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، التزموا الصمت هذه المرة. فيما استغرب عوزي بنزيمان في «هآرتس»، «هو ان قدم شارون، ما زالت في معسكر اليمين الذي يتنادى ضده».

وكانت تقارير إسرائيلية، كشفت عن صفقة تجري بلورتها توافق فيها واشنطن على خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون للانسحاب من قطاع غزة مقابل إدخال تعديلات على مسار الجدار تطالب بها الإدارة الأميركية. وتحدثت «معاريف» عن صفقة تعطي الولايات المتحدة بموجبها «إسرائيل» الضوء الأخضر لانسحاب من طرف واحد من غزة، وبالمقابل تنفذ «إسرائيل» تعديلات على الجدار باتجاه الخط الأخضر وفقا لمطالب الأميركيين. ونقلت الصحيفة العبرية، عن مصادر في جهاز الأمن تأكيدها انه في قلب الصفقة تقف فعلا فكرة فك ارتباط مقابل جدار. ولفتت «معاريف»، إلى انه إذا ما تبلور التفاهم فمن المتوقع أن يتبنى الرئيس الأميركي جورج بوش علنا فك الارتباط لشارون في لقائهما الذي سينعقد على ما يبدو في نهاية مارس/ آذار في واشنطن. وتوقفت «هآرتس»، في خبر افتتاحي، عند تنديد السلطة الفلسطينية بالعملية الاستشهادية الأخيرة في القدس. ونقلت عن مصادر مطلعة في بيت لحم، ان القوات الأمنية الفلسطينية أخلت مكاتب السلطة الفلسطينية في المدينة كما أخلت السجن الرئيسي وذلك خوفا من أن تنفذ القوات الإسرائيلية عملية كبيرة في بيت لحم. وإذ لفتت إلى إعلان «فتح» مسئوليتها عن العملية «الإرهابية» نقلت عن مصادر فلسطينية وأخرى إسرائيلية مطلعة، ان ثمة معلومات تفيد بأن العملية كانت مشتركة بين «حماس» و«فتح». وتوقع ألوف بن في «هآرتس» ألا يكون الرد الإسرائيلي على العملية في القدس، عنيفا وخصوصا ان العملية وقعت قبل يوم واحد من بدء أعمال محكمة لاهاي للنظر في مسألة الجدار الفاصل. ورأى انه لن يكون مناسبا أن تقوم القوات الإسرائيلية في المرحلة الراهنة، بعمليات واسعة النطاق في الأراضي الفلسطينية لأن ذلك سيؤثر سلبا على سمعتها في العالم بأسره. ولاحظ انه حتى من أسماهم، «جوقة» السياسيين في جناح اليمين في «إسرائيل»، الذين لا يتوقفون وخصوصا بعد كل عملية «إرهابية» عن المطالبة بطرد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، التزموا الصمت هذه المرة. واعتبر بن، ان عملية القدس، وضعت «إسرائيل» أمام مشكلة كبيرة. فكيف ستتمكن من تفادي الظهور بمظهر الضعيف والمستسلم في الوقت الذي ينتظر الشعب الإسرائيلي الانسحاب من غزة؟ ونقل بن، عن مسئول إسرائيلي رفيع المستوى، ان خطة الفصل الإسرائيلية، التي أعلن عنها شارون، توفر لـ «إسرائيل» مجالا واسعا للمناورة في الحرب ضد «الإرهاب». وأكد المصدر، انه عندما تجري المفاوضات، يجب التنبه إلى أية خطوة انتقامية تقوم بها. أما عند الإقدام على خطوات أحادية الجانب، فيمكنك أن تتصرف بحرية شرط ألاّ تفرط في الحرية. وتوقع بن، أن تناور «إسرائيل» أمام المجتمع الدولي. كما توقع أن تحاول الدولة العبرية، إقناع قادة العالم بالضغط على السلطة الفلسطينية للتعايش مع خطة الفصل الإسرائيلية. كذلك أكد ان «إسرائيل» ستسعى جاهدة إلى منع «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، من كسب المزيد من القوة. لافتا في نهاية مقالته إلى ان وزير الدفاع الإسرائيلي شاؤول موفاز، عين لجنة خاصة للتنسيق ضد «حماس» و«الجهاد». وكتبت «هآرتس» افتتاحية تحت عنوان «قاتل بلا رحمة»، رأت فيها ان إعلان قادة «فتح» في بيت لحم، مسئوليتهم عن العملية «الإرهابية» العنيفة في القدس، يظهر بشكل واضح طبيعة النزاع بين الإسرائيليين والفلسطينيين. معتبرة ان هذا النزاع هو نزاع دامٍ لا منطق له. حتى انها رأت انه نزاع يخرج شيئا فشيئا عن السيطرة. واعتبرت انه على رغم ان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات هو من يسيطر على حركة «فتح»، إلا ان أحد أفرادها أخذ أوامره من قادة بيت لحم ليفجر نفسه من دون أية رحمة أو رأفة. وما كان من عرفات، ورئيس وزرائه أحمد قريع، إلا أن نددا بالعملية كعادتهما. وتساءلت «هآرتس»، عن معاني العملية خصوصا انها وقعت قبل يوم واحد من بدء أعمال المحكمة الدولية في لاهاي بشأن الجدار الفاصل الإسرائيلي؟ واعتبرت ان أفضل ما يقال عن هذه العملية هو انها تعكس حقيقة مفادها ان عرفات والحكومة الفلسطينية فقدوا السلطة الفعلية على ما يجري على أرض الواقع. وباتوا غير قادرين على حماية مصالحهم الخاصة كما انهم ما عادوا قادرين على تنفيذ وعودهم التي قطعوها أمام «إسرائيل». لكن الصحيفة الإسرائيلية، رأت ان الأوضاع في الجانب الإسرائيلي ليست أحسن حالا. لافتة إلى انه على رغم ان رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون، قد خلص إلى انه لابد من الإتيان بعمل معين يوقف النزاع الفلسطيني الإسرائيلي العنيف ولو مؤقتا، فإن النشاط العسكري الإسرائيلي مازال مستمرا كما لو انه منفصل تماما عن المقاربة الدبلوماسية التي يضع شارون، خطوطها العريضة. وتوصلت «هآرتس»، إلى خلاصة مفادها ان الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني قد وصلا إلى مرحلة متقدمة من التآكل والضعف. معتبرة ان هذا الواقع يؤدي إلى بدء مرحلة دبلوماسية هادئة سعيا وراء وقف إراقة الدماء. لكنها أسفت في نهاية مقالتها، لأن القوانين البدائية التي تقضي بضرورة الانتقام هي أكثر ما يسيطر على العلاقات بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وحمّل عكيفا إلدار في «هآرتس» مسئولية فشل الجدار الفاصل في حماية الإسرائيليين إلى المسئولين الإسرائيليين وعلى رأسهم آرييل شارون، ووزير دفاعه شاؤول موفاز. فرأى انه لم يعد هناك أي داع للبحث في مسألة أهمية بناء الجدار أمام المحكمة الدولية لأن الحوادث على أرض الواقع وخصوصا عملية القدس، هي خير دليل على ان هذا الجدار لن يوفر الأمن لـ «إسرائيل». ورأى إلدار، انه يكفي النظر إلى عدد القتلى الإسرائيليين وإلى الأموال التي أنفقت وتنفق على بناء الجدار، للتأكد من ان لا داعي لإقامته لأنه لن يساهم في تحسين الأوضاع الإسرائيلية. مؤكدا ان هذا الجدار الذي يبنى لوقف العمليات الانتحارية، سيؤدي في الحقيقة إلى إقامة حاجز كبير يحول دون التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين يكون هو السبيل الوحيد للحفاظ على أمن «إسرائيل».

وسخر عوزي بنزيمان في «هآرتس» من مقولة المستوطنين الإسرائيليين وجناح اليمين، ان اقتراح شارون، أنقذ السلطة الفلسطينية من الانهيار. وأعطاها دفعا جديدا للاستمرار. فلفت إلى انها ليست المرة الأولى التي يرى هؤلاء الأمور بهذه الطريقة. ففي كل مرة يفتح فيه رئيس الوزراء عينيه ويعي جيدا كم يدفع الشعب الإسرائيلي بسبب استمرار النزاع العنيف مع الفلسطينيين، يطلق جناح اليمين العنان للتصريحات المرفقة بتأكيدات تفيد انه لو انتظر رئيس الوزراء قليلا لاستسلم «العدو» (أي الفلسطينيون) وقدم تنازلات جمة. لكن بنزيمان، اعتبر ان الغريب في الأمر هو ان قدم شارون، ما زالت في معسكر اليمين، الذي يتنادى ضده. موضحا انه ما أن أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية، نيته إخلاء غزة، حتى بدأ «يشذّب» في خطته ويقلص من فحواها. على أي حال، رأى الكاتب الإسرائيلي، انه لا بد من مساعدة شارون، على جعل الداخل الإسرائيلي يعي بأن دولة «إسرائيل» التي تعيش وضعا صعبا، هذه الدولة بحاجة ماسة إلى إعادة النظر وتقييم كل ما تقوم به. معتبرا ان السبيل الوحيد لتحسين وضع «إسرائيل»، يكمن في إيجاد الوسيلة المناسبة لإنهاء الاحتلال والتبرؤ من الأراضي الفلسطينية. معتبرا ان أية حلول أخرى ما هي إلاّ أوهام. وفي سياق آخر لكن متصل، أثار داني روبنشتاين في «هآرتس»، مسألة الأوضاع بين الفلسطينيين ما بعد الانسحاب من غزة في ظل تكاثر الحديث عن «حرب فلسطينية فلسطينية» متوقعة بعد تنفيذ خطة شارون. فقد لاحظ روبنشتاين، ان الفلسطينيين بدأوا في الأيام القليلة الماضية، يتحضرون للانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة. موضحا انه فيما توقع عدد كبير من الإسرائيليين أن تسود الفوضى بعد الانسحاب ما يولد حربا أهلية بين الفصائل الفلسطينية، أخذت تتعالى أصوات فلسطينية تفيد ان الجانب الفلسطيني سيبذل كل جهد ممكن للحؤول دون اندلاع هذه الحرب الأهلية. ولفت روبنشتاين، إلى انه إلى جانب هذه المواقف الفلسطينية، كان من بين الاستعدادات للانسحاب، القمة التي جمعت رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات و«خصمه» محمد دحلان الذي يتمتع بنفوذ كبير جدا في غزة. مرجحا أن يكون الرجلان بحثا في السبل التي من شأنها التقليل من إمكان نشوب أي اقتتال فلسطيني فلسطيني. ورأى روبنشتاين، انه بالنظر إلى حال القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني، فمن غير المرجح أن يتسبب الانسحاب الإسرائيلي من غزة، بأي فوضى أو اقتتال. متوقعا أن تسيطر حركة «فتح» على المستوطنات التي يخليها الإسرائيليون بشكل منظم وبمساعدة من «إسرائيل». ورجح روبنشتاين، أيضا أن تجعل السلطة الفلسطينية ومختلف الفصائل الفلسطينية المعارضة، من هذا الانسحاب، نقطة إيجابية لصالحها. أي أن تحوله إلى حملة انتصار فلسطينية لم يسبق لها مثيل.

ماذا يقول الأميركيون؟

من جهتها، تحدثت «واشنطن بوست» في خبر افتتاحي، عن عملية القدس وجلسات محاكمة الجدار في لاهاي. من غير أن تعلق على الحدثين. لكنها لاحظت انه على رغم ان عددا من الفلسطينيين يبدي حماسة تجاه أعمال المحكمة، فإن عددا آخر منهم يعتبر ان جلسات الاستماع تافهة ويرجحون ألاّ تؤثر الأحكام الصادرة عن المحكمة على بناء الجدار أو على مكان إقامته. من جهته، انتقد نعوم تشومسكي في «نيويورك تايمز»، «إسرائيل» على قرارها تشييد الجدار الفاصل. معتبرا انه لو كانت الدوافع الإسرائيلية هي حماية أمن الإسرائيليين، لكان مسار لجدار مختلفا تماما عن مساره الحالي. مؤكدا انه في حال كان لابد من قيام الجدار، فلابد من أن يكون ذلك داخل «إسرائيل» ضمن الحدود المعترف بها دوليا أي على طول الخط الأخضر. واعتبر تشومسكي، ان الجدار يقضم الكثير من الأراضي الفلسطينية، ويساهم في سجن الفلسطينيين في مساحات ضيقة. ورأى انه بالنظر إلى ما يجري، يسهل القول انه في حال استمر بناء الجدار الفاصل فإن وضع الفلسطينيين سيكون أسوأ من أوضاع شعب جنوب إفريقيا خلال نظام «الغيتوات» العنصري. وأشار تشومسكي، إلى ان الجدار يقضم أكثر الأراضي الفلسطينية خصوبة. وهو يتيح لـ«إسرائيل» أن تسيطر على أهم الموارد المائية فيسهل على الإسرائيليين الحصول على المياه متى شاءوا، فيما يعاني الشعب الفلسطيني من نقص حتى في مياه الشفة. وشدد على ان الإسرائيليين يملكون وفرة من المياه والطعام، فيما يكاد يعيش ما يزيد على مليون فلسطيني على حافة الجوع. ولفت إلى ان غزة هي أشبه بقفص فيما تبدو رام الله شبه مدمرة، حتى ان الفلسطينيين يمنعون في معظم الأحيان من الاتصال بمصر ويشهدون حصارا من جهة البحر. وختم تشومسكي، بالقول ان المحكمة الدولية في لاهاي، ستنهي جلساتها وتعلن ان الجدار غير شرعي. لكنه تساءل ساخرا هل سيغيّر هذا الإعلان أي شيء؟ مؤكدا أن أية فرصة للتسوية الفلسطينية الإسرائيلية تعتمد على الولايات المتحدة

العدد 541 - السبت 28 فبراير 2004م الموافق 07 محرم 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً