العدد 541 - السبت 28 فبراير 2004م الموافق 07 محرم 1425هـ

البيت الأبيض يبحث الترتيبات الأمنية لخطة الانسحاب من غزة

محمد دلبح comments [at] alwasatnews.com

.

تبحث الإدارة الأميركية مع الكيان الصهيوني كيفية تنشيط محادثات التسوية المتجمدة على المسار الفلسطيني الإسرائيلي في محاولة للتوصل إلى اتفاق تتبنى فيه واشنطن خطة الحكومة الإسرائيلية بتفكيك مستعمراتها في قطاع غزة كسبيل لتشجيع السلطة الفلسطينية والدول العربية لاتخاذ خطوات إيجابية تجاه «إسرائيل». وقال مسئول أميركي كبير إن الإدارة تعمل حاليا على حث رئيس الحكومة الإسرائيلية أرييل شارون للعمل مع السلطة الفلسطينية في تنفيذ انسحابه من أجزاء من غزة والضفة الغربية.

ومن المقرر أن يرسل شارون كبير مساعديه دوف ويسغلاس إلى واشنطن الأسبوع الجاري للرد على أسئلة البيت الأبيض بشأن نوايا شارون وقال السفير الإسرائيلي لدى واشنطن، دانيال يعالون «اشعر أنهم يؤيدون الفكرة ويرغبون في إقرارها، ولكن قبل أن يتم ذلك إنهم يريدون التأكد ما الذي تنطوي عليه، وسنزودهم بالصورة الكاملة قريبا جدا». ويصف مسئولون إسرائيليون خطة شارون بأنها «ترتيب مؤقت» لكنهم يضيفون بأنها قد تظل قائمة لفترة طويلة من الزمن.

ونقلت «نيويورك تايمز» عن مسئول أميركي كبير لم تفصح عن هويته قوله إن إدارة بوش تقوم بتشجيع شارون على أن يجتمع قريبا مع رئيس الحكومة الفلسطينية أحمد قريع، والعمل أيضا مع مسئولي أجهزة أمن السلطة - على الأقل في الضفة الغربية - حتى يكون الوضع هناك سلميا عندما يجري انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي. وقال المسئول ذاته «إن الانسحاب فكرة جيدة وهو يوفر فرصة لتغيير هائل وتاريخي في علاقات «إسرائيل» مع جيرانها المشابه للانسحاب من سيناء واتفاق السلام مع مصر» في مارس/ آذار 1979. غير أنه قال إن «هناك الكثير من العمل يتعين على الولايات المتحدة و«إسرائيل» والفلسطينيين والدول الأوروبية والعربية القيام به مستقبلا لتحقيق ذلك». موضحا أن تفكيك المستعمرات في غزة والانسحاب الإسرائيلي من الضفة الغربية يمكن أن يساعد في جهود التسوية وأن ذلك يتوقف على كيفية تنفيذ ذلك. وقال إنه على رغم أن خطة «خريطة الطريق» التي ترعاها الولايات المتحدة وبقية المجموعة الرباعية لا تقول ذلك بوضوح إلا أنه من المفهوم أن اي مفاوضات نهائية ستتطلب من الإسرائيليين الانسحاب من عدد محدد من المستعمرات».

ويقول عدد من المسئولين الأميركيين أن بوش يرغب أيضا في عقد جلسة مشتركة مع شارون تتناول ما يزعمون أنه تقدم في عملية التسوية في المنطقة لإزالة انتقاد الديمقراطيين بأنه لم يقم بدور نشط في عملية التسوية.

وطبقا لما رشح من معلومات عن الموقف الأميركي إزاء خطة شارون تتفاوض الولايات المتحدة مع الكيان الصهيوني على مدى الانسحاب الذي يعتزمه شارون من غزة والضفة الغربية وقال المسئول الأميركي «عندما يتخذ شارون قراره فإنه سيأتي ليبلغنا به. فهذه ليست عملية مفاوضة بين الولايات المتحدة و«إسرائيل»، إن هذه خطتهم وليست خطتنا». وكان وفد أميركي كبير أجرى مباحثات الأسبوع الماضي في فلسطين المحتلة مع كبار المسئولين الإسرائيليين وضم مساعد وزير الخارجية الأميركي للشرق الأوسط ويليام بيرنز ومدير الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي إليوت أبرامز ونائب مستشارة بوش للأمن القومي ستيفن هادلي. ولم يجر حتى الآن الكشف عن النتائج التي توصل إليها أعضاء الوفد في مباحثاتهم مع المسئولين الإسرائيليين. وتجري واشنطن محادثات واتصالات مع عدد من الزعماء العرب وخصوصا مصر والأردن، لمعرفة مدى مشاركتهم في أية ترتيبات أمنية في غزة بما فيها الضغط على السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية للعمل ضد منظمات المقاومة الفلسطينية. وتقديم المساعدة للفلسطينيين وتعزيز روابطها مع «إسرائيل». كما تريد واشنطن معرفة ما إذا كان شارون يستطيع أن يضمن عدم تصاعد العمليات الفدائية ضد الاحتلال الإسرائيلي إذا انسحبت قواته من المناطق «ذات الكثافة السكانية» في الضفة الغربية وغزة. وقال مسئول أميركي «إن اشتراك قوات أمن مصرية وأردنية يمكن أن يوقف ذلك». وذكرت مصادر مطلعة أن شارون يريد منح مصر مسئولية عن الأمن على طريق فيلادلفيا - وهو شريط حدودي ضيق بين غزة ومصر.

وذكرت مصادر دبلوماسية مطلعة أن مصر والأردن أعربتا عن مخاوف جدية بشأن التآكل في السلطة الفلسطينية وعدم قدرة أجهزة أمنها على القيام بأي عمل بسبب إجراءات سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضدها. وقال القنصل الأميركي السابق في القدس إدوارد أبينغتون «إنني لم أشاهد مطلقا السلطة الفلسطينية في حال كهذه من الفوضى. إنهم يقتربون من الانهيار وأن الدول العربية مثل مصر والأردن قلقون للغاية بشأن تأثيرات ذلك طويلة الأمد، وخصوصا بروز حماس. إنهم محبطون لأن السلطة الفلسطينية لا تستطيع عمل المزيد». غير أن الرئيس المصري حسني مبارك أكد أنه ليس لدى مصر أية نية في العودة إلى إدارة قطاع غزة.

كما أعرب المسئول عن أمله في أن تؤدي ما أسماها «خطة فك الاشتباك» الإسرائيلية إلى «إعادة تعزيز الإصلاحات السياسية وغيرها» في السلطة الفلسطينية. مشيرا بشكل ضمني إلى أنه لا يتوقع أن تقوم «إسرائيل» بنقل المستوطنين اليهود من غزة إلى الضفة الغربية وقال «إن مثل هذه الخطوة ستنتهك التعهد الذي قدمه شارون في شهر ديسمبر بعدم توسيع المستعمرات في الضفة الغربية». كما تريد واشنطن أن يكون «جدار الفصل» الذي تبنيه سلطات الاحتلال في الضفة الغربية أقرب ما يكون إلى ما يسمى «الخط الأخضر» الذي يفصل بين الضفة الغربية والأراضي الفلسطينية المحتلة العام 1948 بما يقلل أضراره على الفلسطينيين. غير أن صحيفة «واشنطن بوست» ذكرت أن المسئولين الإسرائيليين يسعون خلال محادثاتهم مع الأميركيين إلى مبادلة الانسحاب الإسرائيلي من مستعمرات غزة بتلقي مرونة أكبر من الولايات المتحدة لبناء وحدات سكنية للمستوطنين اليهود في مناطق الضفة الغربية والتي ستكون تقريبا، بموجب أية صفقة تسوية نهائية مقترحة خاضعة لـ «إسرائيل».

وقال الناطق باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض سين ماكورماك «إن أحد الأمور التي ينبغي أن تكون واضحة هو أنه مهما جرى فإن ذلك سيكون إجراءا مؤقتا، وأن الهدف هو العودة إلى خريطة الطريق وإلى خطاب بوش في 24 يونيو/ حزيران 2002» الذي يدعو فيه إلى إقامة دولة فلسطينية «قابلة للحياة» إلى جانب «إسرائيل» وتسوية عن طريق التفاوض لكل قضايا الوضع النهائي. وقال ماكورماك «لقد كنا ننصت إلى أفكار شارون ونقوم بمساعدته مع الذين يعملون معه».

ويرى مسئولون أميركيون أن شارون قد يكون مستعدا للنظر في الكثير من الاعتراضات الأميركية بشأن مسار «جدار الفصل» إلى حد التخلي عن حاجز ثان مقترح حول مطار بن غوريون وحاجز آخر يمتد إلى مستعمرة أريل في عمق الضفة الغربية وحاجز شرقي يمر عبر نهر الأردن. غير أن شارون يريد في الوقت نفسه تأكيدات من إدارة بوش بأن لا تؤيد مبادرات دبلوماسية أخرى قبل أن يتم إزاحة رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات وأن «إسرائيل» قد ترد بقوة على أية عملية فدائية تشن من مناطق انسحبت منها. كما يريد شارون من واشنطن حث مصر والأردن على زيادة تعاونها الاقتصادي مع الفلسطينيين لتقليل اعتماد الضفة الغربية وغزة على الاقتصاد الإسرائيلي

العدد 541 - السبت 28 فبراير 2004م الموافق 07 محرم 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً