طالب نائب رئيس لجنة الخدمات بمجلس النواب عبدعلي محمد حسن بتشكيل لجنة وطنية تضم إليها كل الكفاءات المتخصصة في البيئة للوقوف على حقيقة الوضع البيئي في المعامير والقرى المجاورة لها وصولا إلى قرية عسكر والرفاع، إذ إن هذه المناطق تعتبر الأكثر تضررا من التلوث الموجود في البحرين، داعيا في الوقت ذاته إلى القيام بدراسةٍ بيئية للمنطقة للوقوف على حقيقة ومستوى التلوث فيها، مقترحا أن توكل مسئولية هذه الدراسة إلى مركز البحرين للدراسات والبحوث أو أي جهة محايدة.

وأكد النائب خلال مؤتمرٍ صحافي عقده بمقر كتلته الوفاق بالزنج أن همَّ الناس هو معرفة المصدر الحقيقي لانبعاث الغازات، وتصحيح الوضع، وليس الحصول على مكاسب سياسية، مشددا على أن اليد ممدودة للجميع لحل هذه القضية الشائكة، مستدركا بالقول «إذا ثبت لنا أن هناك تهربا من الشراكة المجتمعية، ومن كشف الحقائق، فلن يلومنا أحد حينها إذا قمنا بالمساءلة، لكننا نؤكد أننا نريد إصلاح الوضع حفظا لأرواح الناس».

ولفت محمد حسن إلى أن موضوع الغازات سيتم طرحه في جلسة اليوم النيابية عبر مقترحٍ برغبة لمطالبة الحكومة بتقديم الحقيقة فيما جرى قبل أسبوع.

واعتبر النائب ما يجري في المعامير والقرى المجاورة لها مأساة بشرٍ شاء لهم القدر أن تكون أرضهم مقرا للثروات، وعلى رغم أنه كان يفترض أن تكون أرضهم الأوفر حظا للنعمة، فإنه اليوم قد صمت الآذان وأصبح البعض يتوارى مثل النعامة بدل أن يواجه المشكلة الحاصلة في المنطقة، فهل هناك أدهى وأمر من أن يستنشق الناس السم القاتل؟

وأضاف «خاطبنا مجلس النواب، وتقدمنا بمقترح برغبة وهي تضم مناشدة للحكومة للكشف عن مصدر الغاز وأسبابه وآثاره، ولا يوجد في المقترح الكثير، وهذه أقل أداة نستخدمها، وقد وقعت عليها الكتل، لأنه ليست المعامير والقرى المجاورة هي الوحيدة المتضررة، بل كذلك عسكر والرفاع، لكننا تفاجأا برفع الجلسة من دون أن يتم عرض الرغبة، وكان يفترض أن يتم بحثها من قبل المجلس خلال جلسة مجلس النواب الماضية».

وتابع «عتبي على البرلمان لأنهم لم ينتفضوا ويجبروا رئيس المجلس على عرض المقترح، بل انشغل الجميع بما جرى حينها، وتم رفع الجلسة».

وأردف «نحن واصلنا حركتنا، واتصلنا بالوزير المعني بالموضوع وهو وزير النفط عبدالحسين ميرزا، وقد نفى أن تكون شركة نفط البحرين (بابكو) هي المسئولة، فلذلك نحن نتساءل: من غريمنا فيما جرى؟».

وأضاف أن «المدير العام للهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية عادل الزياني يقول إن هناك أكثر من مصدر للغازات المنبعثة، ونحن نخشى أن يكون هذا الحديث محاولة لتفريق المسئولية وتشتيتها، لذلك أقول: نعم هناك غازات تنبعث ولها أكثر من مصدر، ولكن الغاز الذي انبعث في يوم الاثنين له مصدر واحد، والدليل أنه بعد ساعاتٍ انتهى بعد أن عرفوا مصدره وأصلحوا الخلل، ولابد من معرفة هذا المصدر».

من جهته، قال احد مواطني قرية المعامير عبدالخالق العريبي، خلال المؤتمر الصحافي، إن هناك ثمانية آلاف مواطن في المعامير محاصرون من كل الجهات بالتلوث، إذ تحيط بهم المنطقة الصناعية من جانب، والحظائر من جانب آخر، بالإضافة إلى الشارع الرئيسي الذي سيتحول إلى طريقٍ سريع بعد إنشاء جسر البحرين وقطر مستقبلا.

وأضاف أن ما جرى يوم الاثنين الماضي هو ذاته ما حصل في 22 أبريل/ نيسان 2005، وقد أصدر سمو رئيس الوزراء حينها توجيهاته بتشكيل لجنة لدراسة الأسباب، كما تشكلت لجنة تحقيق نيابية حينها، وقدمت 24 توصية غير أنه إلى الآن لم يتم تفعيلٍ أي من هذه التوصيات، وهو ما جعل المأساة ذاتها تتكرر بعد خمس سنوات من وقوع الحادثة الأولى.

وأردف «اطلعت على احد التقارير البيئية وهو يشير بشكلٍ واضح إلى أن الكبريت هو اكبر مصدر للتلوث في المنطقة، وكل الدراسات البيئية تؤكد أن هذا الغاز مضر بالإنسان، كما أنه إذا تأكسد تصبح رائحته مثل البيض الفاسد، والكل يعلم من أين يخرج هذا الغاز في المنطقة الصناعية القريبة من المعامير وباقي القرى».

وواصل قائلا «إن تقادم معدات وآلات شركة بابكو، سبب آخر لمعاناتنا، بالإضافة إلى إنشاء مصنعٍ جديدٍ للشركة ذاتها، فإذا كان المعنيون في الحكومة والشركة يسعون إلى شراكة مجتمعية فلابد أن تكون هناك شفافية في معرفة الآثار البيئية التي يخلفها وجود هذا المصنع بآلاته القديمة، بالإضافة إلى التوسعة الجديدة، كما يجب على الشركة أن تعرض مشاريعها البيئية وتفصح عنها حتى نعرف بالضبط مقدار الجهد الذي تبذله للحفاظ على البيئة والإنسان».

وواصل «نحن نطالب بابكو والحكومة بتقديم دراسة بيئية للمنطقة، وخاصة أن الأهالي يقولون إن السرطانات لدينا أعلى من معدلاتها في باقي المناطق، ويمكن إجراء هذه الدراسة من خلال أخذ عينات من الأرض، أو تقديم إحصاءات بعدد حالات الإصابة بالسرطان من القرية أو حتى من شركة بابكو نفسها».

وتابع «لدينا مدرسة ابتدائية في المعامير يفصلها عن مصنعِ الأسمنت 10 أمتار فقط، بينما المصنع ذاته تم رفض إنشائه في منطقة الحد الصناعية، ونحن نعتبر هذا الرفض أمرا إيجابيا، لكننا نريد أن نعامل بالمثل، وأقولها بكل وضوح: القضية تمس أرواح البشر، ونحن لا نريد الصناعة التي تقتل الإنسان، نحن في المنطقة نعيش على كف القدر، فماذا لو حدث انفجار في مصنع تكرير بابكو، فمن المحتمل أن يقتل كل أهالي القرية، هذا بالإضافة إلى أن المتنفس الوحيد للشباب والأطفال للعب هو الساحات التي لا تبعد إلا 500 متر عن المصنع الذي يبعث غازاته ليل نهار».