العدد 2736 - الأربعاء 03 مارس 2010م الموافق 17 ربيع الاول 1431هـ

تقارب واشنطن من سورية مرحب به ولكنه غير كافٍ

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

رشّح الرئيس باراك أوباما الدبلوماسي روبرت فورد ليصبح أول سفير للولايات المتحدة إلى سوريةمنذ العام 2005. وتشكّل هذه الخطوة مؤشرا واضحا على ذوبان الجليد في العلاقة الأميركية السوريّة، ويُنظَر إليها كذلك على أنها مكافأة لسوريةعلى تعاونها الأخير في لبنان والعراق.

ويأتي هذا التقارب الدبلوماسي المتزايد بين واشنطن ودمشق كجزء من جهود البيت الأبيض المستمرة لفك روابط دمشق مع طهران. ويناقش أنصار علاقات أوثق بين أميركا وسوريةبأن باستطاعة سوريةأن تلعب دورا مهما في كبح جماح المتطرفين في المنطقة، مثل حزب الله وحماس.

اتّبعت سوريةتوجهين مختلفين فيما يتعلق بسياستها الإقليمية، بما فيها عملية السلام، فهي من ناحية تشجّع الولايات المتحدة على دعم الجهود التركية في التوسط بين سوريةو»إسرائيل»، كما يشهد طلب الرئيس السوري بشار الأسد الأسبوع الماضي من ويليام بيرنز نائب وزيرة الخارجية الأميركية للشئون السياسية. وهي من ناحية أخرى تحافظ على روابط قوية مع إيران وحزب الله وحماس. إذا كانت الولايات المتحدة ستحقق السلام الشامل يتوجب عليها أن تفعل أكثر من مجرد مساندة الدور التركي.

كان يمكن لتوجه «السياسة اللطيفة» التي استخدمها الرئيس باراك أوباما في المنطقة أثناء سنته الأولى في الرئاسة أن تفيد سوريةإلى درجة كبيرة وهي تتقرّب من الولايات المتحدة. إلا أن ذلك لا يبدو أنه شجع دمشق على حل مواجهتها مع «إسرائيل»، غير أن ذلك لم يترجم على شكل «تحوّل» تريده واشنطن.

إضافة إلى ذلك فإن الأزمة الدبلوماسية الأخيرة وتدهور العلاقات بين «إسرائيل» وتركيا يقترحان أن الثانية فقدت مصداقيتها كوسيط حيادي في المفاوضات الإسرائيلية السورية.

يمكن كذلك لعلاقات صداقة أقوى بين تركيا والمتشددين في المنطقة، بمن فيهم سوريةوإيران وحماس أن تشكّل مؤشرا على أن تركيا لا تملك ما هو ضروري لدفع عجلة عملية السلام. ورغم أن سوريةتمكنت من سحب نفسها من عزلتها الدولية وترميم علاقتها مع تركيا، ازداد التباعد بين تل أبيب وأنقرة.

ويعتبر التحول التركي بعيدا عن «إسرائيل» والغرب وباتجاه سوريةوإيران، مثيرا للمشاكل بالنسبة لمصالح الولايات المتحدة الاستراتيجية وعمليات بناء السلام في المنطقة. فخلال السنوات القليلة الماضية شهدت تركيا تحولا أساسيا مع تولي حزب العدالة والتنمية الحكم. يبدو الوجه الجديد لتركيا أقل التزاما مع أوروبا والغرب مما كان عليه في الماضي.

وترى سورية فرصة لامعة لتعميق علاقتها مع تركيا حتى يتسنّى لها التأثير على التحالفات الإقليمية وتعزيز أهميتها في السياسة الإقليمية، وفي الوقت نفسه الحصول على موقف تفاوضي قوي مع واشنطن.

إلا أن علاقة تركيا المتنامية مع طهران تستطيع إفشال جهود واشنطن المحتملة في تحريك عملية السلام قدما ووضع علاقة أنقرة مع الغرب في آخر القائمة.

بعيدا عن الطبيعة الخلافية للوساطة التركية، تبقى هناك معوقات إضافية أمام العلاقات الإسرائيلية السورية.

بالنسبة لسوريا، يتطلب أي تفاوض على السلام مع الدولة اليهودية من «إسرائيل» أن تتنازل عن هضبة الجولان. وهذا موضوع ليست سوريةمستعدة أن تتوصل إلى تسوية بخصوصه. رغم ذلك أوضح رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو أن «إسرائيل» لن تنسحب من مرتفعات الجولان المحتلة، ويبدو الجمهور الإسرائيلي متحدا حول هذه القضية.

وبالنسبة إلى «إسرائيل» يتطلب السلام من الدولة اليهودية أن تتوصل إلى اتفاقيات مع كافة جيرانها، بما فيهم الفلسطينيون، وهي عملية معطلة منذ فترة طويلة.

يجب أن تجري المحادثات السورية الإسرائيلية بشكل متوازٍ مع المسار الفلسطيني الإسرائيلي كجزء من اتفاقية سلام إقليمية شاملة. وإذا تمكنت سورية و»إسرائيل» من التوصل إلى خطة سلام قبل تسوية إقليمية فسوف يصبح الفلسطينيون الحلقة الأضعف. وفي هذا المضمون لن يعتبر السوريون طرفا مؤثرا في العملية التفاوضية. إضافة إلى ذلك لن يعود للفلسطينيين أية أوراق أمام الإسرائيليين إذا قرروا اللعب وحدهم.

تعطي عملية إقليمية الفلسطينيين موقفا تفاوضيا أقوى مع الإسرائيليين، مثل ذلك الذي حصلوا عليه أثناء عملية مدريد العام 1991. وبالنسبة لـ «إسرائيل»، يمكن لاتفاقية شاملة مع جميع جيرانها، ربما على النسق الذي تقترحه مبادرة السلام العربية، أن تجني فوائد أعظم.

يمكن تقبّل «إسرائيل» في المنطقة من خلال تطبيع علاقاتها مع العالمين العربي والإسلامي بشكل رئيسي.

ومن جانب واشنطن، يتطلب السلام الشامل من دمشق التوصل إلى حلول وسطى حول علاقتها مع المتشددين في المنطقة والالتزام بالمشاركة في العملية السلمية.

تسير إدارة الرئيس أوباما على الطريق الصحيح في إخراج سورية من المدار الإيراني. إلا أنه يبدو أن هناك حلقة مفقودة في جهود واشنطن، يتوجب عليها عدم إهمال النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، الذي يشكل حجر الأساس في عدم الاستقرار الإقليمي.

* خبير في تحليل وحل النزاع ومحلل إعلامي، نشأ الكاتب في مخيم للفلسطينيين في الضفة الغربية ويقيم ويعمل حاليا في واشنطن العاصمة، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2736 - الأربعاء 03 مارس 2010م الموافق 17 ربيع الاول 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً