العدد 545 - الأربعاء 03 مارس 2004م الموافق 11 محرم 1425هـ

«للعائلة البشرية الكبيرة»

متحف ماتيس في كاتو كامبريسي: تحفة الشمال

باريس - كلودين كانتي 

تحديث: 12 مايو 2017

«أدركت أن جهد العمر المتواصل كان للعائلة البشرية الكبيرة، لاطلاعها قليلا على جمال العالم النظر بواسطتي. لم أكن إذن سوى وسيط». هذه الرسالة المؤثرة وجهها هنري ماتيس إلى مدينته مسقط رأسه أثناء تدشين المتحف الذي أسسه، في 8 نوفمبر/ تشرين الثاني 1952 تلبية لطلب مواطنيه، وقدم له دفعة واحدة 82 عملا له (رسوم، ولوحات، ونحوت ونقوش، وزخارف، وكتب مصورة). إنه متحف فريد من نوعه والمتحف للفن الحديث المؤسس في وسط ريفي في فرنسا، ويضيء منطقة الشمال بكاملها. ولد ماتيس في 31 ديسمبر/ كانون الأول 1869 وكان فعلا من الشمال، قال عن بيكاسو «اننا نختلف كما يختلف القطب الشمالي عن القطب الجنوبي» لكن لم يمنعه ذلك من الانبهار طيلة عمره بضوء الجنوب.

أقيم المتحف في البداية في صالون الشرف التابع لمبنى البلدية الجميل من عصر النهضة في كاتو كامبريسي (يقال ان الرسام كان منفعلا لفكرة عرض لوحاته في «القاعة إذ تزوج والداه»). ثم تم نقل المتحف العام 1982 إلى قصر فينيلون، الذي يعود إلى القرن الثامن عشر والذي كان المقر الثاني لمطارنة كامبري. منذ العام 1956، قدم رسام آخر من كامبريسي هو أوغست هيربان، معلم التجريد الغنائي، والمولود العام 1882 في كييفي، والمتعلق بالشمال أيضا، 24 لوحة إلى المتحف (كديكور غير متوقع لقاعة زواج وحيدة من نوعها في فرنسا).

منذ ذلك التاريخ، أصبح المتحف «اقليميا» العام 1992، وزادت مقتنياته بفضل سخاء عائلة ماتيس وودائع الدولة من المجموعات الوطنية والمشتريات الجديدة لمجلس منطقة الشمال العام، الحريص على فكرة جعل الثقافة في متناول الجميع، سائرا على خطى ماتيس الذي قال: «أعمل على ابداع فن مفهوم من أي مشاهد مهما كانت ثقافته». العام 1999 بدأت عملية التجديد وتوسع المتحف تحت اشراف أمينته النشيطة دومينيك جيموزياك التي قامت بمشروع علمي وثقافي طموح. ظل مقفلا ثلاث سنوات (أعيرت أعماله أثناءها حتى إلى اليابان) وافتتح المتحف بحفل صاخب في 8 نوفمبر/ تشرين الثاني 2002، أي بعد 50 عاما بالضبط من تدشينه. خلال هذه الفترة تم اضافة جناح إليه لمجموعة هيربان وللمعارض المؤقتة، لتصبح مساحته 2400م 2 بدل 860م 2 مع 17 صالة عرض بينها 10 صالات مكرسة لأعمال ماتيس، مع صالة استماع وصالة فيديو مفتوحة للجميع ومكتبة وحيز تربوي ومقهى صغير كل هذا في وسط حديقة رائعة. أضيفت إلى مجموعته هدية جميلة من آليس ترياد، رفيقة ناشر الفنون اليوناني ترياد، عبارة عن كامل انتاجها الافتتاحي أي 27 عملا مجلدا بشكل أنيق مع صور لماتيس وبيكاسو وشاغال وخوان غريس وجياكومتي وميرو ولو كوربوزيي وفرنان ليجي والتي تعتبر من أجمل الكتب المصورة في القرن العشرين. وأكثر الأمثلة شهرة هو جاز ماتيس الذي أنجزه بكامله بالغواش المقطع. تعتبر زيارة المتحف بقاعاته الكبيرة وبنوافذه التي تنير الأعمال بضوء طبيعي، رحلة جميلة. ففيه ثالث مجموعة لماتيس بعد المتحف الوطني للفن الحديث للفن الحديث في باريس ومتحف ماتيس في نيس. يضم مختلف مراحل عمل الرسام منذ تجاربه الأولى في محترف غوستاف مورو وحتى آخر تحفه، تزيين كنيسة روزير في فانس، جنوب فرنسا. نعبر القاعة الكبيرة المكرسة لمرحلة التوحشية التي قادته «خلال انبهاره بالجنوب» إلى سان تروبي إذ تعلم التقسيم بجانب سينياك، ثم إلى كوليور مع دران في انفجار كبير للون البحت، تندرج جميعها في بحث دائم عن الضوء، مصدر السعادة. إنها المرحلة أيضا التي عشق فيها الرسام «الفن الزنجي». مجد ماتيس المرأة، التي ارتدت الزي الشرقي غالبا، والنسيج الأجنبي، ورسمها في بيئة وفيرة. وهذه مرحلة المحظيات والتي بدأ خلالها نصب العاري الكبير الجالس الذي أمضى سبع سنوات لانجازة. أمضى سنوات الأربعينات في غالبيتها في فانس، وكانت مرحلة الاكتمال والتي طبعها الوفق بين الرسم واللون مع لوحات ضخمة مثل عري وردي، داخل أحمر. اكتشف ماتيس القدرة التزيينية للنصب بالغواش المقطع (أوقيانيا، السماء وأوقيانيا، البحر) لكن «استفقت على ذاتي خلال العمل في كنيسة فانس (...) إنه نهاية عمر كامل من العمل، وثمرة جهد كبير، صادق وصعب»





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً