يناقش مجلس النواب اليوم الأربعاء الاقتراح بقانون لتعديل مواد المرسوم رقم 42 لسنة 2002م للسلطة القضائية وتحديدا الباب الرابع الخاص بالنيابة العامة الذي قدمته كتلة المنبر والذي وافقت لجنة الشئون التشريعية والقانونية عليه ورفعته للمناقشة في المجلس لرفعه للحكومة.
ورأت اللجنة سلامة الاقتراح بقانون من الناحية الدستورية والقانونية وبينت أن المواد المراد تعديلها «55، 56، 59، 62، 63، 67، 68» تعطي وزير العدل - وهو أحد أعضاء السلطة التنفيذية - حق الإشراف والرقابة على النيابة العامة التي هي جزء من السلطة القضائية، وهذا ما يتعارض مع ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 32 من الدستور من أنه «يقوم نظام الحكم على أساس فصل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية مع تعاونها وفقا لأحكام الدستور ولا يجوز لأي من السلطات الثلاث التنازل لغيرها عن كل أو بعض اختصاصاتها المنصوص عليها في الدستور»، كما بينت اللجنة أن المواد المراد تعديلها من قانون السلطة القضائية تحمل تناقضا واضحا فيما بينها وبين المادة 49 من القانون ذاته الذي ينص على «ان النيابة العامة شعبة أصيلة من شعب السلطة القضائية، وتمارس الاختصاصات المقررة لها قانونا، ولها دون غيرها تحريك الدعوى الجنائية ومباشرتها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك».
وأشارت اللجنة الى أن الاقتراح المذكور يتفق مع ما نص عليه الدستور من ان تنفرد السلطة القضائية بتسيير شئون أعضائها وأن تتحرر من كل قيد أو ضغط أو إشراف أو تداخل من أية جهة كانت، إضافة إلى أن الاقتراح يعزز من استقلالية النيابة العامة إذ إن إيكال مسئولية الاشراف على النيابة العامة أو أعضائها إلى النائب العام عضو المجلس الأعلى للقضاء يصب في الاتجاه ذاته.
وأرفقت اللجنة رأي مقدمي الاقتراح الذي يبين أنه نص في المادة 15 منه على أن «يقوم بأداء وظيفة النيابة العامة لدى المحاكم النائب العام والمحامي العام الأول والمحامي العام ورؤساء النيابة ووكلاؤها ومساعدوها»، وعاد في المادة 55 منه وقرر أن «يتولى وزير العدل الاشراف والرقابة على النيابة العامة وأعضائها، ويتبع أعضاء النيابة العامة رؤساءهم بترتيب درجاتهم، وينوبون عن النائب العام في ممارسة وظائفهم، ويتبعون جميعا وزير العدل». وكذلك فعل في المواد، 62، 63، 67، 68 بأن جعل للوزير دورا يتصل بوظيفة النيابة العامة على رغم انها جزء لا يتجزأ من السلطة القضائية التي يختص المجلس الأعلى للقضاء بكل ما يتعلق بشأن أعضائها من قضاة ونيابة عامة.
ولما كان ذلك وكان من المعلوم أن وزير العدل هو أحد أعضاء السلطة التنفيذية الأمر الذي قد يثير شبهة تدخل السلطة التنفيذية ممثلة في شخص وزير العدل في أعمال السلطة القضائية ممثلة في جهاز النيابة العامة، من أن إشراف الوزير على النيابة العامة يعني اخضاع أعضاء النيابة العامة له ما قد يهز الثقة العامة في النيابة العامة وأعضائها. ونأيا بالسلطة التنفيذية عن الشبهات وسدا لكل ثغرة يمكن أن ينفذ منها قول بعدم استقلال النيابة العامة مثلها مثل القضاء - نرى - تعديل قانون السلطة القضائية باستبعاد إشراف ورقابة وزير العدل على النيابة العامة وأعضائها بتعديل نصوص المواد «55، 56، 59، 62، 63، 67، 68» من قانون السلطة القضائية.
وأضاف مقدمو الاقتراح انه لا يمكن أن يرد على ما ورد في هذا المقترح بالقول إن إشراف وزير العدل على عمل النيابة العامة هو نوع من التعاون بين السلطات الثلاث في المملكة - لأن في ذلك شبهة إهدار لاستقلال القضاء والنيابة العامة شعبة أصيلة منه، ففضلا عن أن فكرة التعاون بين السلطات الثلاث لا يمكن معها القبول بأن يشرف أحد أعضاء السلطة التنفيذية على أعضاء السلطة القضائية وهم أعضاء النيابة العامة كما لا يمكن القبول كذلك ان تقوم السلطة التشريعية بممارسة عمل يدخل في أعمال السلطة التنفيذية، ولا أن تقوم السلطة التنفيذية بالقيام بأي عمل يدخل في أعمال السلطة التشريعية.
وما سلف ذكره، يتفق مع ما نص عليه دستور المملكة من أن تنفرد السلطة القضائية بتصريف شئون أعضائها وأن تتحرر من كل قيد أو ضغط أو إشراف أو تدخل من أية جهات كانت وهذا هو المعنى الحقيقي لاستقلال القضاء في مواجهة السلطتين التنفيذية والتشريعية على السواء - ما يتعين معه أن يكون الاشراف على النيابة العامة وأعضائها قاصرا على النائب العام - عضو المجلس الأعلى للقضاء والمقصورة عضويته على رجال القضاء فقط من دون غيرهم لأنه مناط هذا الاستقلال ومظهره وضمانه
العدد 551 - الثلثاء 09 مارس 2004م الموافق 17 محرم 1425هـ