العدد 553 - الخميس 11 مارس 2004م الموافق 19 محرم 1425هـ

القرضاوي يؤيد زواج المجنون ... ورفع سن زواج الفتيات

طالب سماحة الشيخ يوسف القرضاوي خلال حلقة نقاشية نظمها المجلس الأعلى لشئون الأسرة في الدوحة العام الماضي برفع سن زواج الفتاة إلى 16 عاما، وطالب اللجنة التي وضعت قانونا للأحوال الشخصية بالاستفادة من آراء باقي المذاهب الفقهية وألا تقتصر على فقهاء بعينهم وأكد أن الفحص الطبي للراغبين في الزواج واجب ولابد من النص عليه صراحة في مشروع القانون ضمانا للاستقرار الأسري.

وأيد المطالبين بتعويض المخطوبة التي يتم فسخ خطبتها بعد فترة طويلة وبغير ذنب منها.

وطالب بضرورة وجود الولي عند عقد زواج الابنة حتى تبدأ الحياة الزوجية بتراضي جميع الأطراف واعترف بأن من حق الفتيات اللاتي يتم تزويجهن إبداء رأيهن في من يتزوجن وألا يتم إجبارهن على الزواج ممن لا يرضونه.

وأجمع المتحدثون في الحلقة النقاشية على ضرورة إلغاء شرط النسب كأحد شروط الكفاءة في الزواج معتبرين أنه شرط غير شرعي ويحد من حالات الزواج واتفق المتحدثون على ضرورة تقييد حق الأزواج في تعدد الزوجات بتحقيق العدل بين الزوجات وبالقدرة المادية على الإنفاق عليهن.

واختلف المتحدثون بشأن زواج المجنون لما يترتب عليه من أضرار أسرية. وكانت الحلقة النقاشية عن مشروع قانون الأحوال الشخصية دراسة تحليلية نحو رؤية مشتركة لمناقشة محور الزواج ومقدماته.

ولاقت كلمة القرضاوي ارتياح القضاة الذين شاركوا في وضع مشروع قانون الأحوال الشخصية ورضا الذي أعدوا اقتراحات المجلس الأعلى لشئون الأسرة بشأن المشروع.

ووصف فضيلته مشروع القانون بأنه حيوي وضروري ومهم للمجتمع القطري.

وأكد القرضاوي أن المشرعين الذين يتولون وضع مشروعات قوانين معاصرة ليسوا ملزمين باتباع مذهب واحد ولا هم ملزمون بالوقوف عند حدود المذاهب الفقهية الأربعة: المالكية والشافعية والحنابلة والأحناف، ولديهم متسع للاستعانة بآراء باقي الفقهاء والأئمة موضع ثقة الأمة وعلمائها.

واستعرض فضيلته تطبيقات قوانين الأحوال الشخصية في القرون الماضية فأشار إلى أن القانون الذي ساد طويلا خلال حكم الدولة العثمانية لديار الإسلام كان مستمدا من المذهب الحنفي وكان جميع الفقهاء والقضاة في الدول الإسلامية يلتزمون به، ثم جاء وقت رأى بعض العلماء الخروج من المذهب الحنفي إلى المذهب المالكي ثم توسعوا فأخذوا بما جاء في المذاهب الأربعة وبين أن السعة في الاختلافات الفقهية بين العلماء تفيد المشرعين عندما يعكفون على سن قانون يتم تطبيقه على الناس جميعا وقال أن هناك مسائل تتعدد فيها أقوال الفقهاء لتصل إلى حوالي عشرة آراء داخل المذهب الواحد وكلها آراء لها وجاهتها ولا يصح تجاهل أبصرها وأكثرها نفعا للناس، وأقربها للدليل الشرعي الراجح، حسب مقاصد الشريعة ومصالح الناس التي تتغير من زمان الى آخر ومن مكان الى مكان.

وأكد أن تقنين المسائل الشرعية بات ضرورة لتسهيل الأمر على القضاة الذين يحكمون في عشرات القضايا في وقت واحد، وقال لابد من وضع المسائل الفقهية في قوانين توضح للقضاة كيف يحكمون.

وعن الأخذ بالفحص الطبي للراغبين في الزواج قال: إنه أمر واجب ولابد من النص عليه صراحة وأن يتم تحديد الأمراض العادية التي يمكن لأحد الزوجين قبولها عن رضا في الطرف الآخر.

وبخصوص سن زواج الفتاة رأى القرضاوي أن سن 14 عاما التي نص عليها مشروع قانون الأحوال الشخصية لا تجوز لأن الفتاة في تلك العمر لم تبلغ السن الشرعية، وذلك يعني أن الآباء يصبحون أحرارا في إجبار بناتهم على الزواج ممن لا يرضونه وهو ما لا يتماشى مع ظروف عصرنا.

وقال: إنه يرى أن سن 16 عاما هي الأنسب لزواج الفتاة و18 عاما أنسب لزواج الفتى، وأشار إلى أن تلك السن كان معمولا بها في قوانين الأحوال الشخصية المطبقة في بعض الدول الإسلامية ومنها مصر.

وذكر أن أخذ رأي الفتاة عند زواجها حق شرعي لها، وأوجب على الآباء معرفة رأي بناتهم فيمن يتقدم الى زواجهن، وأوضح أن سكوت الفتاة يعني رضاها بمن تقدم الى زواجها «وإذنها صمتها» أي سكوتها كما جاء في الحديث النبوي.

وعمّا أثير عن ضرورة تعويض المخطوبة التي يتم فسخ خطبتها بغير سبب جوهري قال: إن القاعدة الشرعية تنص على أنه «لا ضرر ولا ضرار» ولذلك يجب تعويض المخطوبة عما يلحقها من أذى بعد طول خطبة تنتهي بالفسخ. واستدرك موضحا أن أضرار الخطبة قد لا تكون موجودة في المجتمعات الخليجية لأن الزواج يتم مباشرة بعقد القران ولا يسمح للشبان بالتعرف على من يريدون الزواج منهن لفترة طويلة، ولكنه أوضح أن مشروع القانون الجديد يجب أن يحتاط للمستقبل وبما هو متوقع ولذلك يجب أن ينص على ذكر التعويض الواجب للمخطوبة التي يتم فسخ خطبتها تعسفا وإضرارا بها.

وعن ضرورة اشتراط الولي في صحة عقد الزواج قال القرضاوي: إن المسألة فيها معارك فقهية معروفة وثلاثة من فقهاء المذاهب الأربعة المشهورة يشترطون وجود الولي لصحة الزواج.

وذكر أنه يرى ما رآه هؤلاء الفقهاء من ضرورة وجود الولي عند إجراء عقد الزواج، وقال: إن الإسلام يريد أن يتم الزواج بتراضي جميع الأطراف التي يهمها أمر الزوجين وفي مقدمة من يهمهم الأمر ولي أمر الفتاة... وأوضح أنه لا يصح أن تتزوج فتاة من دون علم والدها، وقال: إذا اختلفنا في ضرورة موافقة الولي فلنتفق على ضرورة إعلامه بزواج من هو وليها.

وبشأن عقود الزواج التي تتم من دون موافقة ولي الأمر أوضح: إذا تزوجت المرأة زواجا شرعيا بقبول منها وإيجاب ممن تزوجها وفي حضور شاهدين مسلمين أمام قاض مسلم في البحرين أو السعودية أو الإمارات أو مصر أو سورية فهو زواج شرعي وطالب بأن يتم النص على ذلك في مشروع قانون الأحوال الشخصية المقترح واستند في هذا الرأي على ما قاله شيخ الإسلام ابن قدامة الحنبلي: «إذا قضى به - الزواج - قاض فيجب أن ينفذ لأنه قضى في أمر مختلف فيه».

وأوضح فضيلته أن اشتراط الولي في الزواج يضمن حقوق الزوجة لأنه سيدافع عنها إذا ظلمها زوجها ولو تزوجت من دون وليها فلن تجد من يدافع عنها.

وقال: إذا كان الخطيب كفؤا اجتماعيا وماديا للفتاة التي يريد زواجها ورحبت به الفتاة فلا يصح للأب أن يتعسف ويمنع زواجهما وبين أنه من حق الفتاة أن تلجأ للقضاء لإتمام زواجها ممن ترضاه زوجا عن عقل ومنطق وإن كان لا يتفق مع أعراف وتقاليد المجتمعات الخليجية التي ستتغير بتغيير الزمن.

وعن الكفاءة بين الزوجين قال: إنها قضية خلافية، ولكن المجتمع القطري تعارف عليها وهناك أعراف غير مقنعة مثل اشتراط زواج الأبناء من فتيات قبائلهم وعدم الموافقة على الزواج من أبناء وبنات القبائل الأخرى واعتبر تلك التقاليد أهم أسباب تأخر زواج الفتيات وأوضح أن أهم شرط في الكفاءة هو الدين والخلق والعلم وقد قال الفقهاء إن العالم كفء لبنت السلطان... وذكر أنه لا يهم تجاهل كفاءة من يحمل ماجستير ودكتوراه لأن ثقافته وعلمه يرفعانه لمكانة لا يحصل عليها الإنسان بانتسابه لأسرة أو قبيلة معينة.

وأوضح أن موافقة ولي الأمر وابنته على الزواج من شخص ما يسقط شرط الكفاءة عدا شرط الدين.

وتعقيبا على اقتراحات المجلس الأعلى لشئون الأسرة بشأن ضرورة تقييد تعدد الزوجات في حال عدم المقدرة المالية للزوج ذكر القرضاوي أن التعدد أمر شرعه الله عز وجل بشروط أهمها العدل، ولكن العدل لا يمكن تحققه عند جميع الأزواج، بينما يمكن ضبط شرط القدرة على الإنفاق وقال إن الزوج الذي لا يستطيع الإنفاق على زوجة واحدة لا يصح له أن يتزوج ثانية، وذكر أن القاضي الذي يجري عقد القران أو المأذون الشرعي مطالب بالتأكد من قدرة الزوج على الإنفاق على زوجتين بالعدل والظاهر وبالمعروف.

وأقر بصحة زواج المجنون معتبرا أنه إنسان ولديه غريزة يجب إشباعها في الحلال، لكنه تحفظ على السماح للمجنون بالإنجاب إذا قال الأطباء إن ذريته سترث جنونه، وقال: إذا كان الجنون وراثيا نسمح للمجنون بالزواج من امرأة كبيرة في السن أو لديها ظروف جعلتها غير مرغوبة من الأزواج الأصحاء أو لا تنجب

العدد 553 - الخميس 11 مارس 2004م الموافق 19 محرم 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً