العدد 553 - الخميس 11 مارس 2004م الموافق 19 محرم 1425هـ

مناخ الاحتلال هو الذي جعل العراق ساحة مفتوحة لكل التعقيدات

على خلفية تفجيرات كربلاء والكاظمية... فضل الله:

ألقى آية الله العظمى السيدمحمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك بحضور حشد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية وجمع غفير، ومما جاء في خطبته السياسية:

عاشوراء الجديدة في كربلاء والكاظمية هي امتداد لعاشوراء التاريخ في وحشية الجريمة وفي هدف الفتنة وفي إسقاط القِيَم الروحية وفي دعم الظالمين. أما المؤمنون الطيبون المخلصون المنفتحون على الإسلام في الخط الإسلامي الأصيل الذي يمثله أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا... فهم يسقطون قتلى وجرحى بالمئات من دون ذنب جنوه تماما كما هم الشهداء في كربلاء.

لقد حاول الاحتلال التبرؤ من المسئولية عن هذه المجازر الوحشية ليحمّلها جماعات متطرّفة إرهابية متعصبة، ولكنّه مهما تحدث عن القضية بأسلوبه التبريري فإنه يتحمّل كل المسئولية، لأن مناخ الاحتلال هو الذي جعل العراق ساحة مفتوحة لكل التعقيدات والمصطادين في الماء العكِر، ثم السؤال إذا كان جنوده لم يقوموا بهذه الجريمة فماذا عن عملاء المخابرات الأميركية؟ وماذا عن الموساد الإسرائيلي الذي أدخله الاحتلال مع كل الفعاليات الصهيونية الاقتصادية والسياسية والعسكرية ليعمل للسيطرة على العراق، على أساس الحلف الاستراتيجي بين أميركا والصهاينة... ونحن نعرف أن الاحتلال الأميركي للعراق قدّم هدية كبيرة للدولة العبرية بفعل ما يمثله العراق من قوة مستقبلية بثرواته وشعبه وإمكاناته العلمية الإبداعية وأسواقه الاستهلاكية ومصانعه ومزارعه الإنتاجية ما يمكن أن يشكّل خطرا على هذه الدولة المجرمة، الأمر الذي جعل من إثارة الفتنة ونشر الفوضى مدخلا لإضعاف الشعب العراقي وتدمير بنيته التحتية وإطالة أمد الاحتلال الأميركي له بحجة الدفاع عن أمنه الداخلي واستكمال المهمة الأميركية في التخطيط لمصالحه في داخله وعبره في المنطقة.

إننا مع عمق المأساة التي تفجرت دماء ودموعا وحزنا وآلاما على كل الضحايا الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ والشباب. نحيّي الشعب العراقي الواعي على تجاوز المصيبة والارتفاع فوق مستوى الفتنة والالتفاف حول الوحدة الإسلامية والوحدة الوطنية، لقد انتصر العراقيون على الفتنة وفوّتوا الفرصة على الاحتلال وحلفائه وعلى الحاقدين وأتباعهم وعلى المصطادين في الماء العكِر...

ونريد للجميع في هذه المرحلة المزيد من الوعي والحذر والدراسة الدقيقة للمخططات الأميركية في مشروعاتها الجديدة القديمة للنفاذ إلى المنطقة كلها عبر العراق والسيطرة عليها، ونطلب من علماء المسلمين في العراق وفي المنطقة كلها عدم الاكتفاء بالشجب والاستنكار والدعوة إلى الوحدة في الخطب والتصريحات، بل لابد من تثقيف المسلمين بالوحدة كقاعدة إسلامية ترتبط بالمصير الإسلامي كله، بسلامة الوطن كله... ولابدّ من البحث عن الآليات العملية التي تتحرك من أجل تحقيق الهدف ورصد كل الذين يعيشون خلفيات التعصب الأعمى والتطرف الجاهل ما يجعلهم يحققون هدف الاستكبار بوسائلهم المتنوعة.

وإذا كنا نتحدث عن المجزرة الجديدة في كربلاء والكاظمية، فإننا لابد أن نتحدث عن مجزرة كويتا الجديدة في باكستان التي حصدت في يوم العاشر من محرم الحرام ما يقارب خمسين ضحية وأكثر من مئة جريح، وعن مجزرة أخرى في محافظة البنجاب راح ضحيتها ستة ضحايا من المسلمين في اليوم نفسه.

إننا في الوقت الذي نستنكر هذه الجريمة البشعة المروّعة نحمّل المسئولية السلطات الباكستانية التي لم توفّر الأمن لمواطنيها من المسلمين الشيعة في احتفالاتهم الدينية على رغم أن السنوات العشر الماضية كانت مسرحا داميا شهد سقوط ألفي ضحية ومئات الجرحى من دون أن تقود أية حملة أمنية في مستوى الحدث الكبير. ونقل لنا الثقاة أن المجرمين يسرحون ويمرحون بينما نجد أنها تودع في السجن المخلصين الوحدويين، وفي طليعتهم العلامة السيد ساجد علي النقوي الذي لايزال معتقلا منذ أربعة أشهر.

إننا ندعو علماء المسلمين في باكستان لأن يواجهوا هذا الوضع الدامي الذي يسهّل لأميركا سيطرتها على الواقع الإسلامي في هذا البلد المسلم الطيب، وأن ينفذوا إلى داخل هذا الشعب بالتوعية الإسلامية والتثقيف الوحدوي والإبلاغ للجميع بأن العصبية لن تفيد مسلما سنيا ولا مسلما شيعيا، وان الوقوف عند قاعدة الاعتصام بحبل الله وهو الإسلام والقرآن والسنة الشريفة والحوار حول ما اختلفنا فيه هو الذي يمنح الإسلام والمسلمين القوة في مواجهة الكفر كله والاستكبار كله، وندعو الحكومة الباكستانية إلى أن تتحمل مسئوليتها تجاه شعبها في الحفاظ على أمنه واستقراره والضرب بيد من حديد على كل المجرمين، لأن الإرهاب في الداخل يهدم الوطن أكثر من الإرهاب في الخارج

العدد 553 - الخميس 11 مارس 2004م الموافق 19 محرم 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً