العدد 553 - الخميس 11 مارس 2004م الموافق 19 محرم 1425هـ

رياحة: تغيير المدونة نتيجة نضال مستمر... المحمود: على النساء إغلاق مقرات الدعارة

استعرضت التجربة المغربية في الأحوال الشخصية

قالت الناشطة النسائية المغربية سميشة رياحة: «إن تغيير مدونة الأسرة في المغرب هو نتيجة نضال مستمر من الحركة النسائية وأنا لا أدعو إلى اخذ البحرين تجربة المغرب في مدونة الأحوال الشخصية وتطبيقها في البحرين فلكل بلد ظروفه وخصوصياته»، فيما دعا رئيس قسم اللغة والإسلاميات في جامعة البحرين الشيخ عبداللطيف المحمود المرأة البحرينية إلى القيام «بحركة إصلاحية من اجل اغلاق مقرات الدعارة لحماية نفسها»، جاء ذلك خلال ندوة نظمتها ثلاث جمعيات نسائية هي: النهضة وأوال ومدينة حمد النسائية للاطلاع على تجربة المملكة المغربية في مدونة الأسرة.

واستعرضت الناشطة المغربية في بداية ندوتها الفصول التاريخية للمطالبة بهذه المدونة والتي صدرت في شهر أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، وقالت رياحة «إن المحطات التاريخية في المطالبة بهذه المدونة تتلخص بما يأتي: في العام 1957م تم تكوين لجنة من طرف الملك محمد الخامس الذي كلف مجموعة من الفقهاء بالرجوع إلى الشريعة الإسلامية وتبويبها على شكل مدونة، ولكن هذه المدونة كانت ناقصة بشكل كبير، وتبين للقضاة أنها لا تحل مجموعة من المشكلات المطروحة على مستوى العلاقة الأسرية وهذا ما أدى إلى نشوء المطالبة بتغيير جذري لهذه المدونة من قبل الحركات النسائية وذلك في شهر أبريل/ نيسان من العام 1992م، إذ تم تأسيس لجنة وطنية للتنسيق من أجل إصلاح المدونة، وفي سبتمبر/ أيلول من العام ذاته أعلن الملك عن تشكيل لجنة لإصلاح المدونة وأعلن في العام 1993م عن إجراء تعديل للمدونة ولكن التعديل كان صوريا لم يمس جوهر المشكلة، وإزاء ذلك عملت الفعاليات النسائية بشكل منظم من أجل تعديل المدونة، وكانت كل جمعية تأخذ مجالا معينا وتعمل فيه، إذ قمنا بعمل تعبئة للنساء لإقناعهن بتعديل المدونة، وأجرينا دراسات ميدانية، وعملنا دوائر نقاش مستديرة مع مختصين، ودعونا بعض القضاة لدراسة ملفات ثبت أن هناك فشلا في معالجتها بسبب المدونة، وكان أكبر نجاح لنا هو إنشاء مراكز لاستقبال النساء المتضررات، واستمر ذلك حتى العام 1999م، إذ أعلنت الحكومة عن خطة من أجل ادماج المرأة في التنمية، ونشأت جبهة معارضة لهذه الخطة فانسحبت الحكومة تاركة الجمعيات النسائية تواجه الصراع والاضطهاد، وتم تنظيم مسيرتين متناقضتين في المغرب إحداهما في مدينة الدار البيضاء تعارض خطة إدماج المرأة في التنمية، وأخرى في مدينة الرباط تؤيد هذه الخطة، وحدث بذلك نوع من الانشطار في المجتمع، وفي العام 2001 تم استقبال عدد من الفعاليات النسائية من طرف الملك من أجل الاستماع إلى مطالبهن، ورفعنا الى الملك في ذلك اللقاء مذكرات اتفقنا عليها، وبعد هذا الاجتماع تم في أبريل/ نيسان من العام ذاته تشكيل لجنة استشارية خاصة بمراجعة المدونة وهي مكونة من قضاة وفقهاء وأطباء وعلماء اجتماع وطبيبة خاصة بالنساء، وكانت نتيجة هذه اللجنة أن تم في اكتوبر/ تشرين الأول 2003 الإعلان عن ميلاد المدونة الخاصة بالأسرة، وصدرت هذه المدونة بشكل رسمي في الجريدة الرسمية بعد مصادقة البرلمان عليها».

مرجعية المدونة ومستجداتها

وأضافت رياحة «أن تغيير المدونة هو نتيجة نضال مستمر من الحركة النسائية التي عملت على جبهات عدة كان أخطرها فتح مراكز لاستقبال النساء المتضررات، وحصلنا من خلال هذه الخطوة على الكثير من الإحصاءات واقتربنا من الواقع بشكل كبير، وأيضا نجحنا في الحصول على مليون توقيع يدعم تعديل المدونة، وخطوتنا بتكوين ربيع المساواة والتعبئة من أجل التغيير، وكنا نقوم بتنظيم مؤتمرات صحافية من أجل الإعلان عن حجم الانتهاكات التي تتعرض لها المرأة».

وعن المرجعية التي اعتمدت عليها المدونة قالت رياحة «إن المدونة اعتمدت على الشريعة الاسلامية مع الاجتهاد لمواكبة العصر، فالمرأة الآن ليست هي المرأة سابقا، كما اعتمدت على روح ومبادئ حقوق الانسان التي تتجلى في الانصاف والمساواة في الحقوق والواجبات، إذ تمت الاشارة الى اتفاق حقوق الطفل، وقد انتجت هذه المرجعيات مدونة عصرية منسجمة مع الدين والواقع، ونحن لا نريد أن ننسلخ من الدين ولكن لابد من النظر الى الواقع وقد دعم هذا التوجه فقهاء».

وعن المستجدات التي وردت في المدونة المغربية بعد التعديل أوضحت رياحة أن « المدونة تشتمل على سبعة ابواب الأول يتعلق بالخطبة والزواج، والثاني يتعلق بانحلال نطاق الزوجية وهنا تم إصدار اشكال أخرى من الطلاق، ويتعلق الباب الثالث بالولادة والنسب، والرابع الأهلية والنيابة الشرعية، والخامس بالوصية، والسادس بالوفاة، والسابع بالميراث».

وتابعت « أهم المستجدات هي اقرار مبدأ المساواة بين المرأة والرجل إذ تم تغيير تعريف الزواج الذي عرف في المدونة القديمة بأنه اتفاق بين المرأة والرجل غايته العفاف تحت رعاية الزوج، والآن تغير التعريف إلى إنشاء علاقة بين الرجل والمرأة هدفها إنشاء أسرة مستقلة برعاية الزوجين، وأيضا من أهم النقاط المستجدة، المساواة في سن الزواج، وعملنا بحوثا عن خطورة الزواج المبكر، وعن خطورة انقطاع المرأة عن التعليم، وأيضا تم إلغاء الولاية على المرأة وتم النص على انه يحق للمرأة الرشيدة أن تتولى عقد الزواج ولها حق الاختيار إن أرادت أن توصي أحدا عنها، وكذلك المساواة بين البنت والولد المحضونين إذ يحق للابن والبنت اختيار من يحضنه حينما يبلغ سن الخامسة عشرة».

إلغاء واجب طاعة الزوج

وبالنسبة للنتائج المترتبة على هذه المدونة أوضحت رياحة أنه من أهم النتائج «إلغاء واجب طاعة المرأة لزوجها في علاقتهما الزوجية إذ لا أحد من الزوجين يحكم الآخر، وأقر أن يكون جهاز النيابة العامة طرفا أصليا في الدعاوى المتعلقة بتطبيق أحكام الأسرة في محاكم خاصة وأنشئت حديثا محاكم لقضايا الأسرة، واضيف انشاء صندوق التكافل العائلي، وبموجب هذه المدونة تمت حماية الزوجة من تعسف الزوج في ممارسة حق الطلاق، فالآن هذا الحق مشترك بينهما إذ تستطيع المرأة طلب الطلاق للضرر أو للشقاق، كما اصبحت نفقة السكن منفصلة عن النفقة وايضا مصروفات المدرسة بالنسبة إلى الأولاد منفصلة، وايضا التنصيص على حق المرأة في طلب الطلاق للضرر، ورفض دعوى الزوجة لطلب التطليق لعدم الانفاق، وهذا فيه إنصاف للزوج الذي قد يمر بظروف مالية قاهرة».

واردفت «بالنسبة إلى حق تعدد الزوجات فقد تم تقييده بقيود جعلته شبه مستحيل فمن الشروط للزواج مرة ثانية أن يخبر الزوج زوجته الأولى بنيته الزواج ثانية، واخبار الزوجة الثانية بزواجه الأول، وايضا يجب أن يقدّر القاضي مدى استطاعة الزوج ماديا على الزواج مرة أخرى، وفوق كل ذلك يمكن للزوجة أن تشترط في عقد الزواج عدم الزواج عليها، وهذا كله يجعل تعدد الزواج صعبا للغاية، ولن يفكر الزوج بالزواج من ثالثة إذا ما تزوج باثنتين لأن ذلك سيكون شبه مستحيل، واقرت المدونة ايضا استقلال الذمة المالية لكل من الزوجين، وإقرار مبدأ الاتفاق بين الزوجين في الأمور المالية في وثيقة مستقلة عن عقد الزواج، ووسعت المدونة حق المرأة في الحضانة إذ يمكن للمرأة المطلقة التي تتزوج من الاستمرار الآن في حضانة ابنائها من زوجها الأول، وتم تخويل الحضانة للأم ثم للأب ثم للأم، ونصت المدونة على الاسراع في البت في قضايا النفقة من قبل المحاكم في مدة اقصاها شهر واحد، وخولت الحفيد والحفيدة من جهة الأم في أخذ نصيب من تركة الجد، وأعطت الطفل المعوق رعاية خاصة إذ تكون مصاريف علاجه منفصلة عن النفقة، ولم تجوز المدونة زواج القاصر من دون موافقة النائب الشرعي».

واكدت رياحة أن النصوص القانونية والإجراءات قد تم تبسيطها في المدونة الجديدة، وأشارت إلى أن من أهم خصائص المدونة الشمولية التي انصفت كل أطراف الأسرة، وتقييد مجموعة من التصرفات بالاذن القضائي مثل تعدد الزوجات والطلاق، وإدخال النيابة كطرف في الدعاوى المتعلقة بالأسرة».

وعن الشروط التي يجب ان تتوافر لتفعيل المدونة قالت رياحة «المهم هو التطبيق، وأن يكون هناك قضاء جيد، وان يكون هناك تدريب مستمر للقاضية، وأن تتم المحاكمات المتعلقة بقضايا الأسرة بعيدا عن المجرمين والمشبوهين، وإعداد دليل عملي لأحكام ونصوص المدونة وكذلك اجراءاتها، ولا ننسى ان تكون هناك توعية للناس حتى لا يتم فهمها بشكل مغلوط إذ قال بعض الرجال بعد إقرار المدونة إننا لن نتزوج لأن الزواج سيكون كالقفص، وانتقدت بعض النساء المدونة لأنها كما قلن قللت حظهن في الزواج».

وداخل بعد ذلك رئيس قسم اللغة والإسلاميات في جامعة البحرين الشيخ عبداللطيف المحمود قائلا «لا استطيع الحكم على المدونة الآن فهذا يحتاج إلى قراءتها قراءة متأنية، لكننا سمعنا أن هناك أمورا مخالفة للدين جاءت في المدونة، لكنني لم اقرأ المدونة، لكنني ألاحظ أن هناك انطلاقات جيدة للمرأة فيها، وأتمنى أن تقوم المرأة في البحرين بحركة إصلاحية من أجل اغلاق مقرات الدعارة»

العدد 553 - الخميس 11 مارس 2004م الموافق 19 محرم 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً