العدد 554 - الجمعة 12 مارس 2004م الموافق 20 محرم 1425هـ

التداعيات الاقتصادية للأخ الأكبر

جاسم حسين jasim.hussain [at] alwasatnews.com

كشفت أزمة الأخ الأكبر عن ثوابت لا يمكن إغفالها في المستقبل من قبيل أهمية الاستثمارات بالنسبة إلى الاقتصاد البحريني وموقف التيار الديني من التجارة والحاجة إلى استصدار تشريع متكامل للاستثمارات.

أولا: أدى قرار MBC بتجميد العمل في برنامج الأخ الأكبر إلى إحداث أضرار بالاقتصاد البحريني تقدر بنحو 15 مليون دولار. يمثل هذا المبلغ قيمة الأصول التي كانت الشركة ترغب في اقتنائها في جزر الأمواج السكنية والسياحية من استوديو ومبان إضافة إلى تصريف رواتب وأجور عشرات الموظفين. على افتراض أن سرعة تداول المال في الاقتصاد البحريني تقف في حدود أربع مرات فانه كان بامكان المبلغ المستثمر أن يكون له مردود 60 مليون دولار في النشاط التجاري في السوق فضلا عن المساهمة في تحقيق نمو أفضل للاقتصاد.

لا شك أن ضياع مثل هذا المبلغ يشكل انتكاسة بالنسبة إلى اقتصاد محدود كما هو الحال عندنا إذ يبلغ حجم الناتج المحلي الاجمالي البحريني نحو 8,100 ملايين دولار. كما أن ضياع فرص العمل لعشرات المواطنين يعتبر مسألة حيوية وخصوصا مع وجود أزمة بطالة في البلاد. إذ أظهرت نتائج الدراسة التي أجرتها مؤسسة ماكينزي وشركاه عن أرقام مخيفة عن احتمالات البطالة في السنوات العشر المقبلة. افترضت الدراسة أنه حتى العام 2002 تراوح عدد العاطلين البحرينيين بين 16,000 و20,000 وأبدت تخوفها من أن يرتفع عدد العاطلين إلى 60,000 بحريني حتى العام 2013. المؤكد أن الاقتصاد البحريني خسر أموالا طائلة بصورة مباشرة وغير مباشرة من جراء وقف العمل بالبرنامج.

ثانيا: أظهرت أزمة الأخ الأكبر عن موقف التيار الديني أو الاسلامي من الاستثمارات غير المرغوب فيها. أعتقد أنه من الاجحاف اتهام الاسلاميين بأنهم يعارضون كل أنواع الاستثمارات إذ لم نسمع عن اعتراض لهذه الجماعات فيما يخص بعض المشروعات الحيوية الجديدة في البلاد مثل مشروع مرفأ البحرين المالي وقد بدئ العمل فعلا في المرحلة الأولى للمرفأ بكلفة 250 مليون دولار. الواضح أن للتيار الديني تحفظات على بعض الممارسات التجارية التي لا تتناسب وثقافة هذا البلد من قيم دينية وتقاليد.

وليس من الانصاف عدم السماح للاسلاميين بإبداء آرائهم فيما يخص مسائل مهمة تمس الدين بحسب تصورهم. وقد عبر الاخوة في التيار الديني عن مشاعرهم بصدق وبكل أمانة بطريقة حضارية أي من دون اللجوء إلى العنف أو التهديد به. اعتقد أن الأزمة توفر مجالا رحبا للقطاع الخاص البحريني أن يكون على دراية بمواقف التيار الديني والابتعاد عن الأنشطة التي تثير حفيظتهم.

ثالثا: كشفت الأزمة برمتها عن وجود خلل أو نقص في التشريع الاقتصادي في البحرين إذ لا يوجد حتى اليوم قانون موحد للاستثمارات. أن أول ما يلفت نظر المستثمر الأجنبي عدم وجود قانون متكامل للاستثمارات إذ يشكل غياب مثل هذا التشريع احراجا للجهات التي تعمل على استقطاب الاستثمارات الأجنبية للبحرين. أعلم أن الكثير من الاقتصاديين أبدوا رغبتهم في رؤية قانون موحد وأعتقد أن أزمة الأخ الأكبر توفر الأرضية المناسبة للعمل من أجل استصدار رزمة متكاملة للاستثمارات.

أخيرا وليس آخرا أتمنى أن تبتعد جميع الأطراف في قضية الأخ الأكبر عن التراشق الاعلامي والصاق التهم بالآخرين حفاظا على مصلحة البلاد أو الاقتصاد. المعروف أن الاقتصاد البحريني يواجه الكثير من التحديات مثل البطالة والتي تقدر بحوالي 15 في المئة من القوة العاملة والمنافسة الاقليمية وخصوصا من دبي وتوفير الأجواء الضرورية للاستفادة من اقتراح انشاء منطقة تجارة حرة مع أميركا. فلا مجال لدينا لترك الهموم الاقتصادية والدخول في معترك تصفية الحسابات لأن الذي يجمع بين أفراد هذا الشعب أكثر من الأخ الأكبر

إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"

العدد 554 - الجمعة 12 مارس 2004م الموافق 20 محرم 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً