بينما تؤكد توقعات المؤسسات الدولية أن الاقتصادات الخليجية ستعاني «الأمرَّين» من تداعيات الأزمة العالمية خلال العام الجاري؛ فإن الصورة تبدو مختلفة تماما بالنسبة إلى دولة قطر، تلك الدولة الصغيرة التي تحتل المرتبة الأولى عالميا في تصدير الغاز الطبيعي.
ووفقا للتقديرات الدولية فإن الاقتصاد القطري مرشح لتحقيق معدلات نمو مرتفعة للغاية خلال 2009، فبحسب تقديرات صندوق النقد الدولي فقد نما الاقتصاد القطري بمعدل 16 في المئة خلال العام الماضي بفضل توسعه في قطاع النفط والغاز الطبيعي، وتوقع الصندوق ألا يقل معدل نمو الاقتصاد القطري عما تحقق في العام الماضي وأن يتراجع معدل التضخم، وهذا النمو يعني مزيدا من المشروعات، وبالتالي المزيد من فرص العمل.
زيادة الرواتب والاستقرار الوظيفي
وإذا كان الآلاف في دول مجلس التعاون الخليجي يخشون على وظائفهم وينتظرون دورهم في «التفنيش» فإن المواطنين القطريين سيكونون على موعدٍ مع زيادة الرواتب، في الوقت الذي لن يخشى فيه المقيمون على وظائفهم، والسبب ببساطة أن الاقتصاد القطري سيكون محتاجا إلى المزيد من العمالة لو تحققت تنبؤات المؤسسات الدولية.
وقد أكد عدد من الخبراء أن المواطنين والمقيمين في قطر سيشعرون بتحسن ملحوظ في مستويات معيشتهم نتيجة التراجع المؤكد في أسعار السلع والخدمات كانعكاس طبيعي لانخفاض معدلات التضخم بنسب تتراوح ما بين 3 و4 في المئة، وقالوا إن تراجع أسعار الإيجارات سيؤدي إلى رفع قيمة الدخول في قطر، مشيرين إلى أن القطاع العقاري يشهد حاليا نوعا من الاستقرار الهبوطي الذي يؤشر على تراجع حتمي وملحوظ في أسعار السكن خلال الأشهر العشرة المتبقية من 2009. وتوقع وزير الاقتصاد والمالية يوسف كمال أن يسجل الاقتصاد القطري نموا إيجابيا في المستقبل المنظور بفضل التوسع في إنتاج وتصدير الغاز الطبيعي المسال، والاستمرار في تنفيذ مشاريع التنمية الطموحة. وقال في رده على سؤال لـ «الأسواق.نت» عن توقعات المؤسسات الدولية بمعدلات نمو مرتفعة للاقتصاد القطري: «على رغم الأزمة المالية والاقتصادية التي يمر بها عدد كبير من دول العالم؛ إلا أن الاقتصاد القطري حقق معدلات نمو متميزة».
وأضاف الوزير أن العام 2008 شهد تقلبات حادة في أسواق المال العالمية أدت إلى تأثير سلبي على نمو الاقتصاد العالمي؛ إذ دخل عدد من الدول الصناعية الكبرى مرحلة انكماش مع تدني نسب النمو المتوقعة للدول النامية لعام 2009، موضحا أن هذه الظروف أدت إلى انخفاض أسعار النفط بشكل كبير والذي يعتبر المصدر الرئيس للصادرات والدخل لمعظم الدول المصدرة للنفط، وعلى رغم ذلك فمن المتوقع أن يسجل الاقتصاد القطري نموا إيجابيا في المستقبل المنظور بفضل التوسع في إنتاج وتصدير الغاز الطبيعي المسال والاستمرار في تنفيذ مشاريع التنمية الطموحة.
إيرادات مرتفعة
وإذا كان صندوق النقد الدولي قد توقع في تقرير حديث له تباطؤ نمو اقتصادات دول الخليج العربية الخمس إلى 3,5 في المئة هذا العام بسبب الهبوط الشديد في أسعار النفط، فقد أكد في الوقت نفسه أن قطر ستحافظ على أداء اقتصادي قوي خلال العام الجاري، وأرجع ذلك بشكل رئيس إلى إيرادات قطر المرتفعة من الغاز الطبيعي؛ غير أن الصندوق لفت إلى أن التحديات الرئيسية التي تواجه السلطات القطرية هي خفض معدل التضخم المرتفع الذي بلغ 15في المئة خلال العام الماضي، ومواصلة حماية الاقتصاد من الأزمة المالية العالمية، وضمان أن سرعة نمو الائتمان لا تقوض السلامة المصرفية وتنويع موارد الاقتصاد.
ويؤكد الخبير الاقتصادي في مجلس التخطيط سعد محمد أن ارتفاع أسعار النفط وزيادة إنتاج قطر من الغاز الطبيعي كانا السبب الرئيسي في ارتفاع معدل النمو في قطر خلال الأعوام الماضية
العدد 2357 - الثلثاء 17 فبراير 2009م الموافق 21 صفر 1430هـ